اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > صدام الجميلي يرسم الكوابيس

صدام الجميلي يرسم الكوابيس

نشر في: 11 أكتوبر, 2013: 10:01 م

للفنان صدام الجميلي تصور وفهم آخر لعملية الرسم بوصفه عملا فرديا أو ممارسة فردية وليس نتاجا فقط ، وفي هذه الحالة علينا أن نقيم معنى لفعل الرسم نفسه لأن هذه الممارسة تفرز عددا من الأمور ، من بينها دور الأنا التي ينبغي التفكير بها بطريقة جديدة . فالرسم

للفنان صدام الجميلي تصور وفهم آخر لعملية الرسم بوصفه عملا فرديا أو ممارسة فردية وليس نتاجا فقط ، وفي هذه الحالة علينا أن نقيم معنى لفعل الرسم نفسه لأن هذه الممارسة تفرز عددا من الأمور ، من بينها دور الأنا التي ينبغي التفكير بها بطريقة جديدة .
فالرسم فعل مجرد يختلف عن الكتابة ، فعل مليء بالقيم الحسية الخالصة.انه فعل أنساني خام ولذلك نجد أن الرسم استطاع أن يصنع له حضورا بصورته التجريدية والتقليدية .يلتفت الرسام إلى أثر جدار أو بقعة ماء،إن لها قيمة عميقة وتقبل الإزاحة والتجرد أكثر من غيرها . الرسم عند الجميلي بحد ذاته صورة لا تشير إلى شيء سوى الرسم ذلك ما انتبه إليه الفنان القدير شاكر حسن في كتاباته وعمله .
أن يكون العمل مرجعا لذاته وليس لشيء خارج عملية الرسم، مع الاختلاف الشاسع بين عمل الجميلي وعمل شاكر حسن ،إلا أن فهم الرسم هو واحد دون المرور على الطريق نفسها . فالرسم فعل إنساني قبل أن يكون نتاجا تأثيثيا ،لذلك على الأعمال الفنية أن تتزحزح قليلا عن موقفها على الجدار لتصبح صورة أعمق عن وجودنا الإنساني.
لا يخطط الجميلي للعمل الفني كثيرا، انه يضع خططا مفتوحة وعامة تبنى على الأفكار وليس على الصور ولا يستطيع أن يكون قوالب ويعيد صناعة أشياء جاهزة من خلالها .انه يعيد إنتاج أفكار ولا يستطيع إعادة إنتاج صور أنجزت لأنه يريد أن يعيش لحظة الرسم ،لحظة المتعة.
التنفيذ بعد المخطط يشبه إعادة رواية بخط اليد، بلا متعة ولذلك هو حتى حين يضع مخططات أولية فانه يخرج عنها وبلا حدود ،لأن العمل على القماش وبمواد مختلفة يحتاج حلولا مختلفة مما يشعره بعدم جدوى المخططات الأولية ،لكن هذا لا يعني انه لا يضع خارطة عامة لمنجزه فثمة خيط يربط كل الأعمال وهو ما يؤمن لها وحدة الموضوع .
الجميلي رسام تجريبي على سطح اللوحة ولا يفضل وضع قيود عبر تصورات أولية ،فاللوحة توحي بشيء ما فيلبي رغبتها . إضافة ورق وقماش ولون سائل أو حرف مطبوع هو كل ما يجعل الفنان مخلصا لشكل عمله ، والجميلي يبدو مخلصا أكثر إلى الشكل من الموضوع لأن ذلك مسعى الرسم بالضرورة فهو قيمته الأولى ومحركه الأساس.
يقوم الفنان الجميلي بترك الأشكال تأخذ مواضع افتراضية ثم يمارس لعبته الأثيرة بإيجاد علاقات عميقة ومتينة بينها لأن ما ينتج داخل اللوحة اكبر وأعمق مما ينتج خارجها لذلك نراه يستمتع كثيرا بإيجاد الحلول.إنها لعبة المخاطرة ،كل الأشكال في الوجود ليست غريبة وليست صادمة ،فالصادم والمثير هو تلك العلاقات غير المتوقعة والاستثنائية بينها. هذا ما يقوم به، فالفن هو إنتاج عالم مختلف .
المواد التي يستخدمها الجميلي في تنفيذ أعماله هو الأكريليك كونه ينسجم مع أفكاره في الرسم وهو اقرب إلى مواد الرسم الأولية مثل ألوان الجدران وألوان المدرسة وقابل للتجريب والحذف واللصق والتغيير، أما المواد الأخرى مثل الأحبار والغواش والزيت فكل شيء ممكن في مناخه المتاح . الاكليريك يمنح الفنان فرصة الاستمرار بالمزاج نفسه كونه سريع الجفاف ولهذا يستخدم مواد مختلفة مثل الورق والكانفاس والالكريليك والصور الفوتوغرافية والكولاجات والألوان المختلفة معه دون أن يؤثر ذلك على عملية التنفيذ .
أن تفكر بطريقة مختلفة يعني أن تنتج عملا مختلفا وبالتالي أن تفكر بصورة فريدة ذلك ما يمنحك فرصة إنتاج عمل متفرد مع إن أهم محركات أية تجربة هي البحث عن الخصوصية والفرادة في المشهد التشكيلي المحلي والعام . يحتاج هذا إلى عمل دؤوب ومغادرة الكثير من الرغبات والأهواء والرسم ليس فقط رغبات وإنما القدرة في الصبر على مغريات التجارب الأخرى واجتيازها ،البحث عن التفرد يأتي بفعل فهم خصائص الآخرين ومدى قدرة الفنان على الإضافة والتميز والإيمان بالاختلاف ضرورة.
لا يختلف الفنان صدام الجميلي في مواضيعه عن الكثير من مجايليه من الفنانين الذين حطمت حياتهم الحروب وكوابيسها وليس غريبا أن يعود هؤلاء الفنانون إلى أعمال الفنان الإسباني غويا لمراجعة كوابيسه وهواجسه كما هو حال الفنان احمد السوداني والفنانة زينة سليم . لكن المختلف في الأمر بالنسبة للجميلي هو صراحة وحرارة ألوانه التي تجعل الكابوس يخرج من لاوعيه ليتحول إلى واقع ملموس يمكن رؤيته ولمسه من خلال المعالجات اللونية الجريئة والفراغ وحجم الكتل وتوزيعها على قماشة اللوحة .
إن بروز الجانب الحيواني في لاوعي الإنسان إلى هذه الدرجة الفظيعة ينم عن تحطم القيم الإنسانية التي يعيشها الفرد الذي تعرض إلى مجموعة من التجارب الرهيبة . الحيوان الذي يتكرر في لوحات الجميلي مسخ وقبيح إلى درجة الاشمئزاز بما يجعله كابوسا مريرا لا يمكن الفكاك منه دون خسائر عاطفية وجسدية باهظة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الرافدين يطلق رواتب المشمولين ضمن شبكة الحماية الاجتماعية

بالوثيقة.. التعليم توضح بشأن توسعة مقاعد الدراسات العليا

العدل تعمل على خطة تجعل من النزلاء يكملون دراستهم الجامعية

ارتفاع بمبيعات الحوالات الخارجية في مزاد المركزي العراقي

رسمياً.. أيمن حسين يوقع على كشوفات الخور القطري

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

باليت 42 بدايات عام جديد

السُّخرية السريالية ودلالة الأيقون في أعمال الفنان مؤيد محسن

المصرف الزراعي في السنك: بزوغ الحداثة المعمارية العراقية

عمارة تلد مسابقة!

دار هديب الحاج حمود.. السكن رمزاً للانتماء

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram