TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سياسة "أبو فتيلة "

سياسة "أبو فتيلة "

نشر في: 12 أكتوبر, 2013: 10:01 م

 الفضائيات العراقية التابعة ، لأحزاب وتنظيمات فاعلة في العملية السياسية بعد الغزو الاميركي ، قدمت خدمة كبيرة للمشاهدين بتوفيرها  فرصة متابعة مشاهد كوميدية أثناء بث نشرات الأخبار المسائية بإجراء لقاءات مباشرة مع شخصيات تزعم أنها تحمل عناوين  الزعيم  السياسي ، وأمين عام تنظيم حزب يدعي،  امتلاكه تراثاً نضالياً  يمتد الى العصور السومرية ، وفي ظل الأزمة الراهنة والتراجع الملحوظ في إدارة الملف الأمني ، وارتفاع وتيرة أعمال العنف ، على محاور التهجير والقتل على الهوية ، وتنفيذ المزيد من التفجيرات بالمفخخات والعبوات الناسفة ، يتابع المشاهدون  السياسي صاحب الإطلالة اليومية ، محذراً من إشعال فتيل الحرب الأهلية تنفيذاً  لأجندات  خارجية  تسعى لتقويض التجربة  الديمقراطية ، ولكثرة تكرار استخدام مفردة "فتيل "  استحق صاحب  التصريح  لقب "السياسي أبو فتيلة " وعلى الرغم من كثرة تصريحاته ، إلا أنها  تدفع العراقيين للتعبير عن خيبة أملهم في فشل أبي فتيلة في تشخيص  أسباب  اضطراب الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق .  وما يقوله إنما هو مجرد صوت في سوق الصفافير ، كما عبر عنه المثل الشعبي المعروف .
 مادامت الأزمات تتناسل في العراق ، والفتائل لاتعد ولا تحصى ، والبلاد تعيش مظاهر تشير الى عودة الاحتقان الطائفي  اختار أبو فتيلة الاصطفاف الى جانب الحق كما يراه هو ،   فأبدى استعداده لجمع عناصر لديها الرغبة في حمل السلاح  من بقايا عناصر ميليشيات  لم يسعفها الحظ بالاندماج في  صفوف  القوات المسلحة ،  لدعم الجهد  الحكومي في ملاحقة من يهدد السلم الأهلي  واخذ يهدد من يراهم "أعداء الحكومة " بالتصفية والإبعاد والتهجير القسري  في خطوة استباقية لينضم الى اكبر قائمة من المتوقع ان تخوض  الانتخابات التشريعية المقبلة،  على ان يكون زعيم كتلة الصوت الأعلى في سوق الصفافير.
في تظاهرات العراقيين الاحتجاجية المطالبة بإلغاء رواتب أعضاء مجلس النواب ، والمسؤولين التقاعدية دعا أبو فتيلة المتظاهرين  الى انتظار  ما سيصدر من أصحاب القرار بخصوص تلبية مطالبهم ، ونصحهم بعدم الانجرار وراء  المخططات التآمرية والتعاون مع الأجهزة الأمنية في بسط النظام ، وتحمل تواثي  قوات مكافحة الشغب والتعامل معها بروح رياضية ،  لتشخيص المندسين أصحاب الأجندات الخارجية .
الساحة السياسية العراقية وفي ظل  المعطيات الحالية صالحة لنشاط "أبو فتيلة" وغيره  ، لأنه يحظى بدعم كبير ممن سمع صوته في سوق الصفافير ، وقدرته على إثارة الصخب والضجيج ، والغبار ، والتبرع بالهجوم على الشركاء والحلفاء،  ومثل هذا الصوت معروض  للاستخدام  في أي وقت  ، ولاسيما حينما تحتدم الأزمة السياسية ، والأجواء توحي بان مصير الديمقراطية يتجه نحو المجهول  بجهود أبي فتيلة ومن قدم له الدعم المالي ليقود تنظيماً سياسياً لصاحبه الحزب المتنفذ  .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram