هذا امر سنظل نلاحق محافظي بغداد والبصرة بشأنه. ووسط الخراب والموت يظل امثالي متشبثين بأية بارقة امل يمكن ان تحدث فرقا في حياة اهلنا. ولسنا مولعين بالنواح والحزن والسلبية، ولازال امامنا ان نواصل الحلم حتى وسط الموت.
الاخبار الواردة من الحلقة الضيقة حول محافظي بغداد والبصرة، تفيد بأن الفريق الذي يعمل مع الرجلين بدأ بتغيير ستراتيجي في طريقة العمل، حيث ولاول مرة، ستكون هناك شركات من بلدان متقدمة، تعمل كجهد استشاري وتتولى التخطيط المتكامل ونقل التجارب الحديثة في اعمار مدن حول العالم تعرضت الى زلازل او كوارث طبيعية او حروب شاملة، كالتي احرقتنا ولاتزال.
ومهما تعثر هذا المشروع او احيط بالتشكيك والاتهامات، فإنه يعني بداية جديدة بكل ما تعني الكلمة، فلأول مرة لن يتاح للمصالح الضيقة ان تعبث بالمشاريع، ومن المفترض ان يستند كل مشروع الى خطة مدروسة بعناية تضعها شركة كبيرة وخبيرة، اسوة بما يحصل منذ سنين في اقليم كردستان، ومن المفروض ايضا ان يؤدي هذا الى تقليص معتبر للفساد، ولذلك فإن كثيرين سيبدأون بمهاجمته لأن "رزقهم" سيتقلص.
المسؤولون في البصرة يقولون ان هناك زيادة كبيرة في الاموال والميزانية على وقع زيادة تصدير النفط، وأن الخلاص من خراب مستمر لا يمكن الا عبر اشراك الخبرات المتقدمة في التخطيط والتنفيذ. وحين نسألهم: ولماذا تأخرت هذه الخطوة عشرة اعوام، فأنهم يجيبون: وهل انت واثق انها لن تتأخر اكثر، وكيف سننجح في هذه الخطوة بالشكل المطلوب، بينما لانزال ننتظر ٦ شهور احيانا، كي توافق بغداد على مشروع بناء ٤ صفوف مدرسية من موازنة البصرة، وسط كل هذا الروتين القاتل، وتلكؤ تطبيق الصلاحيات الجديدة للحكومات المحلية؟
اما بغداد التي تدفع ثمن كل صراعات الشرق الاوسط، فحديثها ادهى وأمرّ.
ان الغرب الذي انسحب عسكريا، يمكن ان يعود بصيغة مدنية، لا ليساعدنا في البناء فقط، بل ان الاستعانة به في المجال غير العسكري وتوطيد الشراكة في المصالح معه، يمكن ان تجعله بألف طريقة، يقدم معونات "غير مرئية" في المجال العسكري نفسه. وهكذا فإن هناك ألف سبب يدعونا للقتال من اجل تقدم عجلة التنمية، بوصفها طريقا غير عسكري لتطويق الارهاب وأسبابه وفرصه ومداخله.
وبهذا المعنى فإن كل روتين في المركز وكل ارادة غير حكيمة تعرقل طموح البناء، انما هي مساعدة مباشرة للارهاب، وهدية على طبق من ذهب لتنظيمات الموت، التي لا تزدهر الا حين تنعدم فرص الحياة.
وحين تنجح هذه الخطوة، فسيكون في وسعنا ان ندرك بوضوح ان الشريك الاوربي او الاميركي يمكنه ان يخاطر كثيرا ويعمل معنا في اصعب الاوقات، طالما وجد اغراء لدخول سوقنا الواعدة والمليئة بالارباح. واتذكر انني سألت مليارديرا اميركيا قبل سنة عما يدفعه للعمل في البصرة، وسط اسباب الحذر، فأجاب: ان استثمار دولار في اليابان او اميركا، قد يعني انني اربح دولارا، او اخسر الربح لكنني احتفظ بالدولار الواحد الذي استثمرته. اما في البصرة فقد يضيع رأسمالي بسبب المخاطر المفاجئة، لكنني حين انجح فإن الربح سيكون اربعة دولارات. وهذا امر يستحق المخاطرة!
التصريحات الواصلة من مستشاري المحافظين علي التميمي وماجد النصراوي، تبشر بخير كثير، وهي بمعناها الواسع "عيدية" مثالية لنا ولكل المحافظات الاخرى، وسط انتعاش اسباب الخراب، وسننتظر ونتابع ساعة ساعة، صدق الوعود والتصريحات، لان الامر ليس مجرد امل بالبناء والتقدم، بل برهان يعزز قناعتنا السياسية بأن التغيير في الوجوه وتداول السلطة، سيعني فرصة سياسية وادارية تستحق التضحية، وتشجع الناس على المشاركة في تغيير اكبر خلال انتخابات الربيع المقبل، حيث ستتغير عروش وتنقلب معادلات، رغم كل الهوس الاقليمي والدولي المضاد.
"عيدية" من بغداد والبصرة
[post-views]
نشر في: 13 أكتوبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 3
منتصر ابو سحاد
لايتغير شيء استاذ سرمد لسبب بسيط جدا حزب الدعوة سينتخب حزبه والصدريين ينتخبون التيار الصدري والمجلس الاعلى كذلك ينتخب نفسه والفضيلة ومتحدون وغيرهم من العراقية والكرد لكرديتهم سيبدا التغيير اذا غير الناخب انتخابه لناسه ولااعتقد ان التيار الصدري سينتخب من ح
ضياء الحجيمي
لقد اعتصر قلبي ألماً حين وقعت عيني على : ((اما بغداد التي تدفع ثمن كل صراعات الشرق الاوسط)) فأحسست أن هموم الدنيا كلها ركبت على ظهري ، وأشاطرك الرأي استاذنا الطائي ففي الأفق بارقة أمل نتمنى أن تتحقق وإن صعبت
الواسطي
سيدي الفاضل .. لا والف لا لايتغير شيء في العراق بل العكس العراق نحو الأسوأ .. والسبب معروف كل الأية حزاب في الساحة العراقية .. لايهمهم الوطن والمواطن لأنهم ابتعدوا عن الوطن وانسلخوا عن المواطنة ,, جائو لاينهبوا ويسرقو ويحملوا كل ماخف وزنه وارتفعت قيمته وذ