اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > العيد في العراق.. مواطنون يلتحقون بالأموات وآخرون بالمتنزهات

العيد في العراق.. مواطنون يلتحقون بالأموات وآخرون بالمتنزهات

نشر في: 20 أكتوبر, 2013: 10:01 م

عيد سعيد،كل عام وأنتم بخير،عيدكم مبارك ووووجملة من الأمنيات بين أبناء الوطن الواحد،ولكنها وللأسف تحولت عند بعض العوائل الى كلمات عزاء، فبدلا عن عيد سعيد تسلطنت جملة " البقاء في حياتك"،وكل عام وأنت بخير تحولت الى أمان  بأن يكون هذا الحادث هو خاتم

عيد سعيد،كل عام وأنتم بخير،عيدكم مبارك ووووجملة من الأمنيات بين أبناء الوطن الواحد،ولكنها وللأسف تحولت عند بعض العوائل الى كلمات عزاء، فبدلا عن عيد سعيد تسلطنت جملة " البقاء في حياتك"،وكل عام وأنت بخير تحولت الى أمان  بأن يكون هذا الحادث هو خاتمة الأحزان،وعيدكم مبارك الى "إنا لله وإنا إليه راجعون"،نعم تحوَّل العيد الى سرادق مآتم عند العديد من العوائل التي طالت أبناءها تفجيرات العيد الدامية،والأسئلة الكبيرة التي تفرض وجودها في الشارع العراقي  ويضعها على طاولة المتصدين للعملية السياسية: الى متى يستمر حصاد الموت؟ ومَن الفاعل؟ ولماذا هذا الصمت من قبل الحكومة التي تسمي نفسها دولة القانون؟ وأي قانون أو تشريع منحها كل هذا الاستخفاف بحياة المواطنين الأبرياء؟ وسؤال كبير تفرضه تلك التفجيرات على طاولة المواطن: ماذا تنتظر؟ ولماذا هذا الخنوع؟ 
ففي الوقت الذي تتوجه فيه جثامين الشهداء الى المقابر،هناك حشود كبيرة من المواطنين تتوجه الى حديقة الزوراء ومدينة الألعاب او السفر الى إقليم كردستان غير مبالين بما يحدث وكأن الأمر لا يعني أبناء جلدته،بشأن هذه الأمور وغيرها استطلعت (المدى) آراء عدد من المواطنين.
الجيش والشرطة مع السلطة
سلام عمانوئيل صاحب محل لبيع المواد الغذائية في منطقة بغداد الجديدة التي طالتها تفجيرات العيد بثلاث سيارات مفخخة أوضح للمدى إن ما يحدث من تفجيرات هو بسبب الاختلافات الحاصلة بين الكتل السياسية الكبيرة،مشيراً الى أنه كلما طال هذا الاختلاف سيتسمر مسلسل الموت للمواطنين الأبرياء، وعن صمت المواطنين إزاء ما يحدث قال عمانوئيل: إن المواطن يدرك تماماً أن ما يحدث هو سيناريو مرسوم من دول كبيرة تقوم بتنفيذه لهم كتل كبيرة في العملية السياسية تابعة لتلك الدول، وليس باستطاعة المواطن او غيره إيقاف ما يحدث،وهناك أمر مهم والكلام لعمانوئيل ان الجيش والشرطة هما قوة موالية للحكومة واداة قمع للمواطنين في حالة التظاهر، وهذا الأمر ليس وليد اليوم وانما الجيش العراقي حتى في سلطة حكم صدام كان موالياً للحكومة وليس للشعب والأمثلة والدلائل كثيرة بهذا الشأن بحسب قول عمانوئيل الذي يتمنى ان يعم السلام والحب والأمان على الشعب العراقي الجريح بحسب وصفه.
التظاهر من أجـل الأمـن
المواطن علي موسى عسكري متقاعد يتخذ من أريكة في زاوية مقهى فرعي في منطقة المشتل يقول وهو يواصل تسبيحه بخرز مسبحته السوداء الطويلة إن ما يحدث في العراق هي إبادة جماعية للمواطنين وسط صمت حكومي ودولي، مبيناً إن الجميع يدين المقابر الجماعية أيام حكم الطاغية التي كانت تجري بصورة سرية،إما اليوم تكرر المشهد بمقابر علنية أمام انظار قوات امنية وعسكرية غير كفوءة وغير مدربة وانما تطوعوا بوساطات حزبية ومادية، لذا تجدهم يتعاملون بسلبية مع المواطنين أثناء أدائهم الواجب،وأكد موسى ان صمت المواطن على ما يحدث هو بسبب يأسه من عدم قدرة الحكومة على حمايته وعدم وجود السعي الجاد من جانبها بتوفير السبل الحقيقية لحمايته، والدليل على ذلك هو معرفة الحكومة بفشل جهاز كشف المتفجرات وإعلانها عن ذلك ومع ذلك مستمرة بالعمل به وكأنها تقول: الإرهابيين فجِّروا كما تشاؤون بحسب قول موسى،مستغرباً من مطالبة المتظاهرين بتخفيض مرتبات المسؤولين في حين يتجاهل المطالبة بتوفير الأمن.. وطالب موسى التظاهر من أجل الأمن وبعد ذلك تأتي المطالب الثانوية بحسب قوله.
نحن بين تركيا وإيران
شيخ مسن إتخذ من ثلاثة امتار تقريبا على ارض الزوراء لينعم براحته وهو يرى اولاده واحفاده يحظون ببعض الفرح، حاولت ألا أكدر سرور الجو الذي يعيشه لكن للفضول الصحفي أحكاماً ،القيت عليه تحية العيد وجلست على الحصيرة من دون إستئذان، لا أنكر انه تفاجأ من وجودي وكان حذراً من الإجابة على اسئلتي ومع ذلك قال الحاج محمد علي استاذ التاريخ المتقاعد: إن السيناريو ليس غريبا على العراق فهي حرب بين الصفويين والعثمانيين وساحتها العراق،وكلاهما كما يقول الحاج مرتديان عباءة الدين الإسلامي والدين عنهم براء،مؤكدا إن الذي يحدث في الشارع العراقي هو حرب بين امبراطورية ترتدي جبة الشيعة وهي ايران وأخرى ترتدي جبة السُّنة وهي تركيا بمساندة دول الخليج لكونها سُنية والمعيب تماما كما يقول الحاج ان بعض العراقيين وليس جميعهم يصدقون ان السياسيين بعضهم يمثلون الشيعة وآخرين يمثلون السُّنة، لكنهم لا يمثلون لا هذه الجهة ولا تلك، انهم يمثلون تركيا وايران وهي حقيقة واضحة لجميع المواطنين وأؤكد لك يا ابني أن المؤامرة لا تنطلي علينا أبداً كما يقول الحاج.
نادمون على انتخابهم
الحاجة أم خالد زوجة استاذ التاريخ التي كانت تجلس بجانبنا من غير ان تقاطع زوجها ظلت صامتة طيلة الحديث ولكنها بعد نهاية الحديث وبجرأة المرأة العراقية المعهودة قالت للمدى وبلهجة بغدادية:انتم الإعلاميين تتجاهلون دور المرأة وتسألون الرجل فقط،؟ اعتذرت منها وقلت لها أبداً ، من المستحيل ان امنع أمي من الكلام،ولكنها على الرغم من مجاملتي ومحاولتي استدراجها للحديث لم تقل غير جملة مفيدة من كلمتين وهي "تعرفونها وتحرفونها"،لكن خالد الابن الذي كان مشغولا بقلقه ولعب أطفاله جاء في الوقت المناسب ليحدثني بالإنابة عن والدته"ياأخي نحن ابتلينا بين ذكريات الامس وواقع اليوم، ولكن المشكلة هي في سياسيي اليوم الذين وللاسف تحدينا الارهاب وذهبنا الى صناديق الاقتراع وقمنا بانتخابهم اعتقاداً منا وإيماناً بأنهم سيكونون أهلا للمسؤولية ولكنهم برهنوا عكس ذلك بحسب قول خالد،مضيفا أن ساستنا الجدد انشغلوا في منافعهم غير مبالين بما يحدث للشعب من قتل وغياب خدمات،مبينا انهم يختلقون الازمات في ما بينهم علانية وأمام الملأ وفي الخفاء هم على وئام،وينعكس ذلك الاختلاف بالسلب على المواطنين المساكين بحسب قول خالد!
الكتل الكبيرة
تقف وراء ذلك
المواطن شهاب أحمد هو وزوجته يجلسان قرب دولاب الهوى ينظران الى أولادهم وهم يتمتعون بالدوران في فلك هذا المارد الزورائي ،وحين طرحت موضوع تفجيرات العيد الاخيرة قال احمد انه وبلا شك امر مؤلم ولا تفعله حتى الوحوش،ونحن بخروجنا الى الزوراء وغيرها من اماكن الترفيه هي مسألة تحدٍ لمن يحاولون ان يعطلوا الحياة في العراق،ويرى احمد انه من غير المعقول الجلوس في البيوت وتلبية مطالب الجناة بحرمان اطفالنا من فرحة العيد،مبينا انه لا ذنب لأولادنا بما تفعله الكتل السياسية التي انتخبناها نحن ولبس الاطفال،الزوجة وهي تعد سِفرة الطعام شاركت بالحديث بقولها :حين يتخاصم الساسة ويتبادلون الاتهامات في ما بينهم تحدث التفجيرات ،وحين يتصالحون يهدأ الشارع وكأنها معادلة ثابتة ،واتهمت الزوجة الكتل السياسية الكبيرة والمتنفذة بالوقوف وراء ذلك،موضحة بأن ما تبغيه تلك الاطراف هو ادامة التناحر الطائفي بين ابناء الشعب الواحد وهذا ابداً لم ولن يكون لان الشعب العراقي أوعى بكثير من مخططاتهم ومن مشاريع الدول التي تقف وراءهم.
فقـدان المعيل
في سيطرة تفتيش شارع المطار تقف أم سعد وكأنها جزء من السيطرة،سمراء وعلى الرغم من تجاوزها العقد الستيني من العمر تبدو بحركتها وتنقلها بين العجلات كفتاة تبيع قناني الماء على السائقين والراكبين،حتى ان اصحاب السيارات الباص اصبحوا زبائن دائميين لها،بتمازحون معها ويثيرون عصبيتها احيانا، تقول ام سعد: انها فقدت زوجها وولدها الوحيد سعد عام 2007ولم تعثر عليهما الى يومنا هذا،مضيفة ان لعنة الطائفية التي حلت بالبلاد هي من تقف وراء ذلك،موضحة بان ما يواسيها على فقدان زوجها وولدها بانها ليست الوحيدة في البلاد التي حلت بها مثل هذه المصيبة ،فلا يوجد بيت في العراق يخلو من فقدان او استشهاد عزيز،مبينة انها بعد فقدان المعيل الذي كان يعمل في الشورجة كحمال يجر عربته الخشبية ،اضطرت الى النزول للشارع لإعالة بناتها الخمس كما تقول،بعد ان انقطعت عنها السبل في الحصول على مساعدة اهل زوجها او اهلها وكذلك مساعدة الحكومة التي تطالبها بورقة وفاة الزوج او الابن للحصول على حقوقهم بحسب قولها.
ودَّعت ام سعد واستقليت سيارة الباص المتوجهة نحو الباب الشرقي لأنعم بعيد حزين مرسوم بصورة واضحة على ملامح تلك الوجوه المتجهمة ،وأحاديث الشكوى التي هي عنوان ثابت على ألسنة الراكبين ،وسوء الاوضاع الامنية والتذمر من وجود سيطرات التفتيش واستمرار الزحامات هوالقاسم المشترك بينهما،ولسان حال عيونهم وهي ترنو الى السماء تقول (هلبت كسرنه بخاطر الله).
 
 
كيف السبيل إلى وصولك دلـّني؟

الزحام في العيد على الرغم من التفجيرات كان مستمراً ،وكأن المواطن يقول للحكومة ولمن يقف وراء تلك العمليات الارهابية سأمارس طقوسي وفرحي مهما فعلتم، فمع حدوث اي تفجير انتخابي تقوم نقاط التفتيش بغلق الأحياء والطرق،فترى طوابير السيارات تقف لمسافات طوال،والمواطنون يسيرون لمسافات طوال أيضاً لبلوغ ضالتهم وكأنه نوع من التحدي من قبل المواطنين إتجاه السلطة.إعلان بشرى على شاشة إحدى الفضائيات يقول إن أمانة بغداد تأمر بان الدخول الى مدينة الزوراء مجانا،انها مكرمة تذكرنا بمكرمات البائد الضرورة،ومع ذلك المواطن سواء كان في الكرخ او الرصافة بعد الاختناقات المرورية الحاصلة وقراءة إعلان البشارة ينادي المتنزه بصوت الشاعر"كيف السبيل الى وصولك دلني"؟
معرض بغداد الدولي في دورته الأربعين شاركت به مئات الشركات الاجنبية والعربية ،ولكن الملاحظة المهمة ان هناك العديد من الشركات العالمية المهمة قد غابت عن المعرض مثل سمنس الالمانية على الرغم من وجود جناح خاص بألمانيا ،ولا عتب في ذلك بعد ان وجدنا غيابا تاما لشركات دول الخليج العربي باستثناء وجود جناح خاص للسعودية لبيع الكتب الدينية!

 

انتصار إرادة الشعب

الطبيب علي صالح في أحد المستشفيات الأهلية قال: إن ما يحصل في البلد هو محاولة لتمزيق النسيج العراقي وجر المواطنين الى ساحة الفتنة الطائفية والاقتتال ،لأنه كما يقول صالح إن القوى السياسية التي جاءت بعد التغيير استمرارية وجودها مرهوناً بوجود الفتنة الطائفية لذلك تراهن على استمراريتها، ولكن وعي المواطن العراقي سواء كان سنياً او شيعياً عرف تلك اللعبة وهذا الوعي اذا ما تصاعد ستسقط أقنعة أمراء الفتنة، ويرى صالح ان الكثير من القوات الامنية والعسكرية هي مستخدمة لتنفيذ أجندات تيارات حزبية لكونها أتت عن طريق عملية الدمج المعروفة بعد ان حُـلَّ الجيش والقوات الامنية من قبل الحاكم المدني بريمر، وحمَّل الطبيب صالح بريمر والكتل السياسية الموجودة مسؤولية ما يحدث، ويؤكد صالح أن الناتج الحقيقي هو سقوط تلك القوى السياسية وانتصار إرادة الشعب في النهاية. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ذوالفقار

    دمت مبدعا

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram