TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > السلام في الشرق الاوسط بين الواقعية والأيديولوجية

السلام في الشرق الاوسط بين الواقعية والأيديولوجية

نشر في: 20 أكتوبر, 2013: 10:01 م

كما كانت الحال مع كنيدي و خروشوف أو مع نيكسون و الصينيين، فان حل الصراعات لا يأتي الا عند الوصول الى الأعداء و مفاوضتهم . في شباط 1972 ، قام الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون بزيارة " مفاجئة " الى الصين ، معترفا بالنظام الشيوعي للرئيس ماو زيدونغ و فاتحا

كما كانت الحال مع كنيدي و خروشوف أو مع نيكسون و الصينيين، فان حل الصراعات لا يأتي الا عند الوصول الى الأعداء و مفاوضتهم .
في شباط 1972 ، قام الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون بزيارة " مفاجئة " الى الصين ، معترفا بالنظام الشيوعي للرئيس ماو زيدونغ و فاتحا الباب أمام علاقات سلمية سادت بين البلدين منذ ذلك الحين . رغم ان نيكسون كان قد أسس حياته السياسية على الحملات المعادية للشيوعية و التي كانت في جزء منها رد فعل على " خسارة الصين " في 1949 ، الا انه بعد ذلك سار على خطوات الجنرال ديغول الذي سبق ان أسس علاقات دبلوماسية مع الصين قبل ذلك بثماني سنوات – في 1964 – لأن على المرء ، كما قال ديغول " ان يقبل العالم كما هو، و الصين هي الصين قبل ان تكون شيوعية ".
في عام 1973 وقّع هنري كيسنجر " اتفاقات باريس " التي وضعت نهاية رسمية للحرب الأميركية في فيتنام. قبل عقد من ذلك، قام جون كنيدي و نيكيتا خروشوف بحل أزمة الصواريخ الكوبية من خلال سحب السوفييت صواريخهم من كوبا و تعهّد الولايات المتحدة بعدم مهاجمة كوبا و سحب صواريخها من تركيا .
هذه الأحداث غيرت مجرى التاريخ و أبعدته عن مواجهات لا نهاية لها و عن مخاطر حرب عالمية. يجب ان نتذكر ان الصين و الاتحاد السوفيتي و فيتنام الشمالية لم تستوف المعايير الغربية للديمقراطية. لم يكن ديغول و كنيدي و نيكسون و كيسنجر اصدقاء للشيوعية، و من الجانب الآخر لم يمارس خروشوف و ماو و الفيتناميون الرأسمالية و الإمبريالية الغربية.
السلام ليس شيئا يتحقق بين الأصدقاء و انما بين الخصوم، انه يبنى على الاعتراف بالحقيقة. عندما تكون البلدان او الأيديولوجيات في حالة صراع ، فهناك قضيتان : اما تدمير أحد الطرفين كما هي الحال مع روما و قرطاجة ، أو السلام و المفاوضات. كما يبين التاريخ، ففي حالة الاتحاد السوفييتي و الصين و فيتنام كان السلام شرطا مسبقا جعل التطور الداخل لهذه البلدان ممكنا .
خلال العقود الأخيرة، وعندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط ، فقد نسي الغرب المفهوم الأساسي للديمقراطية. و بدلا من ذلك، فقد سار على نهج " التدمير الكامل للعدو " سواء أكان صدام حسين في العراق، او معمر القذافي في ليبيا ، او نظام الأسد في سوريا او الجمهورية الإسلامية في ايران . ذلك المسار كان مؤسسا على الأيديولوجية : خليط من أصولية حقوق الانسان و الدعم الأعمى " للديمقراطية الوحيدة في المنطقة " اسرائيل . على أية حال فقد قاد ذلك الى الفشل، حيث لم يثمر النهج عن فائدة للغرب و لم يسبب سوى معاناة كبيرة للسكان الذين زعموا بانهم يساعدوهم .
هناك دلالات على ان الوضع يتغير . اولا، رفض الشعب البريطاني و من بعده الأميركي و ممثلوهم حربا جديدة في سوريا ، و توصلت روسيا و الولايات المتحدة و سوريا الى اتفاق حول الأسلحة الكيمياوية السورية ، كما يقوم الرئيس اوباما بخطوات تجاه اجراء مفاوضات صادقة مع ايران ، و وصفت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي و وزير الخارجية الإيراني المحادثات التي اختتمت توا في جنيف بانها " موضوعية و هادفة".
ينبغي متابعة كل هذه التطورات بحماس، و يجب ان يشمل مؤتمر جنيف الثاني حول سوريا جميع الأطراف الداخلية و الخارجية المعنية بالصراع اذا ما اريد له ان يكون خطوة مهمة نحو إيجاد حل لمأساة هذا البلد الذي مزقته الحرب. ان العقوبات المجحفة ضد ايران ، كما كانت في العراق في وقت سابق ، تفرض عقابا شديدا على السكان و من الواجب رفعها في اقرب وقت ممكن .
من جانبها تعارض اسرائيل و من يدعمها بشدة هذه الخطوات الهادفة للسلام. لكن عليهم ان يتوقعوا البدء بالسؤال عن اسلحة اسرائيل للدمار الشامل . لماذا يمتلك هذا البلد لوحده في المنطقة مثل هذه الأسلحة ؟ اذا كان أمنه مقدسا جدا فماذا عن أمن الفلسطينيين او اللبنانيين ؟ و لماذا تستمر الولايات المتحدة – وسط الأزمة المالية الوخيمة – في تمويل هذا البلد الذي يتجاهل جميع طلباتها كوقف الاستيطان في الأراضي المحتلة ؟ .
على الغرب ان يفهم ان البلدان ، قبل ان تكون بعثية او اسلامية او شيوعية في الماضي ، فانها مأهولة بشعوب تمتلك انسانية مشتركة و نفس حق العيش بغض النظر عن الأيديولوجية . على الغرب ان يختار الواقعية التي توحّد و ليس الأيديولوجية التي تفرّق . عندها فقط يمكن ان نتحرك تجاه تحقيق مصالحنا الحقيقية التي تفترض مسبقا وجود علاقات سلمية بين مختلف النظم الاجتماعية و الاحترام المتبادل للسيدة الوطنية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مخاوف من تكرار سيناريو كورونا بعد تفشي فيروس "ميتانيموفيروس"

إيران تعتزم تسويق نفطها لشرق آسيا بـ"هوية عراقية"

انفجارات تهز دمشق

تظاهرة للمتقاعدين في إيران احتجاجاً على سوء الأوضاع الاقتصادية

إيران في رسالة للسوداني: لا نتحفظ على أي قرار يخص مستقبل الحشد

مقالات ذات صلة

أبرز ردود الفعل.. ماذا قالت السعودية وإيران وإسرائيل عن انتخاب رئيس لبنان؟

أبرز ردود الفعل.. ماذا قالت السعودية وإيران وإسرائيل عن انتخاب رئيس لبنان؟

متابعة/ المدى توافدت العديد من الدول العربية والأجنبية للتعليق على انتخاب، جوزيف عون، رئيسا جديدا للبنان، اليوم الخميس. السعودية بعث العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، برقية تهنئة، للرئيس اللبناني، جوزيف...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram