TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الرفض السعودي مبدئي أم تخريف؟

الرفض السعودي مبدئي أم تخريف؟

نشر في: 20 أكتوبر, 2013: 10:01 م

لم يكن القرار السعودي برفض المقعد المؤقت في مجلس الأمن، مُفاجئاً لمتابعي سياسات الرياض، التي كانت أعلنت وعلى لسان الملك، أن ما يحدث في مجلس الأمن لا يبشّر بالخير، وبسببه فقد اهتزت الثقة العالمية بالأمم المتحدة، ثم جاء إلغاء المملكة كلمتها في المجلس وعدم توزيعها، بسبب رفضها حصر الأزمة السورية بتدمير الأسلحة الكيماوية، وبعدها جاء الرفض المدوي، لأن أسلوب وآليات العمل، وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن، تحول دون قيامه بأداء واجباته، ما أدى إلى استمرار اضطراب الأمن والسلم، واتساع رقعة مظالم الشعوب، واغتصاب الحقوق، وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم، وواضح أن الموقف السعودي، بدأ يتصاعد ببطء، منذ بدأت الثورة السورية تأخذ طابع القتل المُمنهج، وما يُرافقه من الصمت الدولي، بحسب ما تراه الرياض.
يرى البعض بمن فيهم بعض السعوديين، أن القرار غير مناسب، وﻻ يتسق مع ما هو معروف عن السلوك الدبلوماسي السعودي، وأنه مهما كانت مبررات الاعتذار مشروعة، إﻻ أنه ليس الطريقة المناسبة للاحتجاج على ضعف دور الأمم المتحدة، وهو ليس أكثر من انعكاس للواقع الدولي، خاصة وأنه يتزامن مع الانفتاح الأميركي على إيران، وما يقال عن استياء الرياض من ذلك، وفي حين شاركت فرنسا السعودية إحباطها حيال شلل مجلس الأمن في حل الأزمة السورية، فان روسيا انتقدت القرار، ووصفت الحجج التي قدمت في هذا الإطار بأنها غريبة جداً، ورأت أن السعودية أخرجت نفسها من الجهود المشتركة في إطار مجلس الأمن للحفاظ على السلام والأمن الدوليين، واعتبرت تركيا ان القرار السعودي يُفقد المنظمة الدولية مصداقيتها، والمندوبون العرب في المنظمة الدولية تمنوا على "الأشقاء السعوديين وهم خير من يمثل الأمتين العربية والإسلامية أن يحافظوا على عضويتهم في المجلس،  ومواصلة دورهم المبدئي والشجاع في الدفاع عن قضايانا، وتحديداً من على منبر مجلس الأمن".
في الجهة المضادة لسياسات الرياض، حديثٌ عن  حال من الاضطراب في الموقف، يعكس انقساماً داخلياً وضياع مركز القرار في الرياض، التي شاخت إلى حدّ بات الغربيون، يتحدثون علناً عن تلك المملكة "الخرفة" التي تتعامل مع الملفات الدولية بعقلية البدو، وبشخصنة مفرطة لأزمات المنطقة، وردود فعل انفعالية، ويرى هؤلاء أن السبب الفعلي للقرار، هو الإحباط من واقع أن مجلس الأمن الدولي لم يكن قادراً على العمل لمدة تتجاوز عامين، بفعل الاستخدام المتكرر للفيتو في الأزمة السورية، ويرى هؤلاء أن السعودية تشعر بقلق عميق، من اقتناع واشنطن بضرورة التعاطي بإيجابية مع المحور الذي تقوده طهران، ويضم العراق وسوريا وحزب الله، ويؤكدون على فهمهم هذا بما يرونه من تجاهل الأميركيين لسعود الفيصل، وانشغالهم بوزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، كل هذا في ظل استغناء أميركا عن النفط السعودي، وانتقالها من دولة مستوردة للنفط إلى دولة مصدرة، مستفيدةً من مخزون ضخم من النفط الصخري.
بغض النظر عن موقفنا من مجمل السياسات السعودية، وعلى وجه الخصوص تجاه الأزمة السورية، أو إزاء التمدد الإيراني المذهبي في المنطقة، فإن رفضها لمقعد مجلس الأمن يتوافق مع الموقف الشعبي العربي تجاه هذه المؤسسة، التي تمارس أبشع أشكال النفاق السياسي، وقد تحولت إلى بورصة للمساومة على مصالح الشعوب وأقدارها، بهدف الحفاظ على مصالح الدول الكبرى، التي تستمر باستغلال انتصارها على النازية من خلال الفيتو، متجاهلة كل التغييرات التي طرأت على موازين القوى، منذ إطاحتها هتلر وأخذ دوره بغير حروب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram