هرب عشرات آلاف اللاجئين السوريين إلى كردستان العراق عند إعادة فتح الحدود مع سورية في آب الماضي. وفيما يستقرون في حياة جديدة تشوبها صعوبات لكنها امنة نسبيا، يروي وافدون جدد قصصهم ويعبرون عن آمالهم ومخاوفهم.وتقيم سلطات كردستان مخيمات جديدة، بينما يعيش
هرب عشرات آلاف اللاجئين السوريين إلى كردستان العراق عند إعادة فتح الحدود مع سورية في آب الماضي. وفيما يستقرون في حياة جديدة تشوبها صعوبات لكنها امنة نسبيا، يروي وافدون جدد قصصهم ويعبرون عن آمالهم ومخاوفهم.
وتقيم سلطات كردستان مخيمات جديدة، بينما يعيش بعض اللاجئين في مخيمات مؤقتة في ظروف بسيطة للغاية.
ووزعت اللجنة الدولية في 25 أيلول مستلزمات النظافة والادوات المنزلية على أكثـر من الف و300 نسمة يقطنون في المخيمات المؤقتة في بردرش وقسروك، بالتعاون الوثيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة.
نسرين
هربت نسرين وابنتا حميها جوان وفاطمة من القتال في دمشق مع أطفالهن السبعة. وقالت: "نملك شقة جميلة جداً في ضواحي دمشق ويملك زوجي مطعما صغيرا".
غير أن الاشتباكات ازدادت في ناحيتهم في دمشق. وتذكرت قائلة: "غالبا ما كانت القنابل تسقط بالقرب من منزلنا وتصيب الرصاصات جدران الشقة. كنا نتوقع الموت في اي لحظة. وكان الأطفال يخافون من دوي القنابل والانفجارات. ورأى زوجي انه يجب عليّ مغادرة البلد لإنقاذ الأطفال".
وكانت ابنتا حميها تعيشان في البناية نفسها وغادرتا معها مصطحبتين اطفالهما. واستقلوا حافلة صغيرة استأجروها لرحلة دامت 15 ساعة من دمشق عبر حلب الى القامشلي البلدة الواقعة شمال شرق البلد. وقالت نسرين: "كانت نقاط التفتيش تعم كل الطرق، كان الجيش السوري يسيطر على بعض منها اما الجماعات المسلحة فكانت تسيطر على البعض الاخر. واوقفونا وفتشوا كل شيء حتى جيوب الاطفال". وبعد المكوث يومين مع اقرباء في القامشلي، استقلوا حافلة صغيرة اخرى حتى نقطة التفتيش الاخيرة، الواقعة على بعد ثمانية كيلومترات من الحدود العراقية. وتنتهي الطريق عند هذه النقطة، فتعين عليهم المتابعة سيرا على الاقدام تحت اشعة الشمس الحارقة. وقالت فاطمة: "مشينا اكثر من عشر ساعات. وبدأ الاطفال يشعرون بالتعب ولكن كان يجب علينا الاسراع من اجل الوصول الى الحدود العراقية قبل مغيب الشمس. وإلا لقضينا الليلة في العراء". وفي نهاية المطاف، وصلوا عصرا الى نقطة سحيلة للعبور وتسجلوا عندها قبل ان تنقلهم حافلة صغيرة الى موقع قسروك للعبور.
وبقي أزواجهن في سورية لبيع المنازل والممتلكات العائلية. وتقول جوان: "نشعر بالامان الكبير هنا غير اننا قلقات كثيرا على ازواجنا. نقول لهم كل يوم أن يسرعوا وان يلتحقوا بنا".
وفيما كنا نتكلم مع نسرين، تلقت مكالمة هاتفية من زوجها يخبرها بانه والرجلين الاخرين تمكنوا من بيع ممتلكاتهم وسيغادرون البلد للالتحاق بهن في اسرع وقت ممكن. وادى الخبر الى رسم الابتسامة على وجه الجميع. وقالت فاطمة: "يبدو اننا سوف نجتمع اخيرا من جديد مع ازواجنا، ولكننا نخشى الا يتحقق ربما هذا". الرحلة من دمشق خطيرة جدا. غير ان الله عظيم كبير وسندعو الله ليرى أزواجنا اولادهم من جديد".
مطيعة
كان ازاد سليمان ومطيعة محمد يعيشان مع أطفالهما الخمسة في القامشلي. كانت الحياة صعبة. قال ازاد: "كنت عاملا يوميا في مواقع بناء الطرق. ولم اكن اجني في اغلب الاحيان ما يكفي لاطعام اسرتي. كنا نعيش في غرفة واحدة وكانت تنقصنا الملابس والفرش لانه توجب علينا شراء الدواء لابنتي".
لم يكن لابنته البكر فنسة (14 عاما) سوى كلية واحدة. وحتى هذه الكلية لا تعمل جيدا، مما يتسبب لها بألم شديد. وكان وضع فنسة المتدهور القشة التي قصمت ظهر البعير؛ اذ قررت الأسرة المغادرة.
غادرت الاسرة على ظهر شاحنة مع جيرانها. وعندما وصلوا الى الحدود مع كردستان العراق، اضطروا للانتظار 11 يوما قبل الحصول على اذن العبور. وقال ازاد: "كنا نملك القليل من الغذاء والماء". وبعد دخولهم الى العراق، اخذتهم السلطات الى اربيل ومن هناك انتقلوا الى مخيم مؤقت في ملعب كرة القدم في بردرش.
وجلست مطيعة مع ابنتيها يشاهدن ابناءها الثلاثة يلعبون خارج الخيمة. وشرحت قائلة: "اشعر بالامان بالرغم من اننا نعيش في خيم. ولدينا ما يكفي من الغذاء والماء. كل ما اريد الان هو ان تتحسن صحة فنسة. فهي تحتاج الى عملية ولكننا لا نستطيع تحمل التكاليف ولم تكن توجد في القامشلي مرافق طبية يمكنها معالجة ابنتي."
ويساور ازاد القلق. فقال: "هربنا لان ابنتي كانت تحتاج الى علاج مستمر. ولكن اذا لم تُعالج في القريب العاجل، فسوف افقدها الى الابد."
فاطمة
تعيش فاطمة جمعة سليم، وهي ام لسبعة اطفال، في خيمة في ملعب كرة القدم في بردرش. وقالت: "سمعت يوما ان ثلاثة اشخاص اوقفوا في القامشلي وقتلوا بوحشية. فقررت المغادرة كي يبقى اطفالي على قيد الحياة." ولكن، على غرار مطيعة، غادرت فاطمة جزئيا على الاقل لان النزاع عطل الرعاية الصحية في سورية. ومات احد ابنائها قبل شهرين عن عمر 19 سنة بسبب التلاسيميا، وهو خلل وراثي في الدم يستلزم نقل الدم باستمرار. ويعاني اثنان من ابنائها الاخرين من المرض نفسه وتأمل الان في امكانية نجاتهم. وشرحت قائلة: "منذ وصولنا الى هنا، يأخذهما والدهما الى المستشفى في دهوك لنقل الدم. لا اريد ان يلقيا نفس مصير اخيهما."
*عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ وتم تغيير بعض الأسماء الواردة في هذا التقرير.