TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > على ماذا ولماذا يتفاوضون؟

على ماذا ولماذا يتفاوضون؟

نشر في: 22 أكتوبر, 2013: 10:01 م

تُضيف السرِّية المفروضة على المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، الجارية الآن برعاية أميركية، طابعاً غامضاً حول مُجرياتها وما يجري فيها، مع ما يتسرب عنها من خلافات، أبرزها مُطالبة إسرائيل بنشر قواتها العسكرية بشكل دائم على الحدود مع الأردن، وأن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح، ورفض الإسرائيليين مناقشة حدود الدولة العتيدة، قبل ضمان جميع الحلول الأمنية، وهي قضايا يعتبرها الفلسطينيون، وهم على حق، مسّاً بسيادة دولتهم المأمولة، وفرض واقع على الأرض لا يمكن قبوله، ما يهدد بانهيار هذه المفاوضات، التي اعتبر نتنياهو أنها تعثّرت قبل انطلاقها، وآلت إلى طريق مسدود، حتى قبل اللقاءات الأولية بين الطرفين.
ثمة على خريطة القوى السياسية الإسرائيلية، من يحذر من أبعاد ومخاطر سياسة حكومة نتانياهو، ويعرب عن شكوكه حول جديته في التوصل إلى حل نهائي مع الفلسطينيين، ويطالبه باستغلال الفرصة القائمة، للتوصل إلى حل يرضي كافة الأطراف، دون تضييع المزيد من الوقت، وفي الجانب الآخر ثمة من يطالب الرئيس عباس بقطع المفاوضات، وأي اتصال مع إسرائيل والتوجه إلى المجتمع الدولي، مُعتمداً على وضع فلسطين القانوني في الأمم المتحدة، لوضع حد للاحتلال المستمر في تغيير الواقع على الأرض، عبر زرع المستوطنات، التي تتكاثر كالفطر في الأراضي المحتلة، وتُهدد بنسف أي إمكانية لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
نظرياً يقف العرب مع الفلسطينيين، ويدعمون الجهد الأميركي، ويعتبرون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، استناداً إلى المرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية، مطلباً يلبي مصالحهم، ويؤكدون أن القضية الفلسطينية جوهر الصراع في المنطقة، وانه بدون إيجاد حل شامل وعادل لها، فإن المنطقة والعالم لن ينعما بالأمن والاستقرار، لكن الولايات المتحدة وعلى لسان وزير خارجيتها، ومع الثرثرة حول التزامها بحل الدولتين، وقناعتها بأن استمرار الصراع هو محور رئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة، وأن السلام يصب في مصلحة الجميع، فانها ترى أن الحل الوحيد، هو استمرار المفاوضات المباشرة بين الأطراف نفسها، لحين الوصول إلى الحل المنشود، باختصار "فخار يكسر بعضه".  إذا كان نتنياهو يُصر على نشر قواته على حدود الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح،  دون التفضل بمناقشة أين هي تلك الحدود قبل ضمان جميع الحلول الأمنية، ويواصل تهويد المدينة المقدسة، وزرع المستوطنات في كل زاوية من الأرض المحتلة، فيما تظل أبواب معتقلاته مُغلقة على الأسرى، ومفتوحة لاستقبال المزيد، فان من حقنا السؤال عن جدوى المفاوضات التي راوغ الاسرائيليون كثيراً قبل الانخراط فيها، وقدم الفلسطينيون تنازلات جوهرية لبلوغها، وما الذي نتوقعه منها غير هدر المزيد من الوقت.
لايعني ذلك الوقوف ضد البحث المستمر عن حلول سياسية، في ظل ميزان القوى القائم، ولا يعني إدانة لاتفاق أوسلو، الذي رأينا فيه خطوة أولى لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، تُحقق بعضاً من المشروع الوطني، بقدر ما يعني أن مفاوضات هذه الأيام تبدو عبثية، وهو ما حذر منه دائماً الرئيس محمود عباس، فهل يعني ذلك أنه كان مظطراً لحضورها لمجرد كسر الجمود القائم، والذي تستريح الدولة العبرية لاستمراره، ما دامت تنفذ كل مخططاتها، أو هي رد على استمرار الانقسام، وتشبث حماس بإمارتها الغزاوية، أم أن الظروف الاقتصادية الخانقة، التي تمر بها السُلطة، مع تغاضي الدول العربية عن تنفيذ التزاماتها، أو هي كل ذلك اجتمعت لتدفع السلطة لخوض مفاوضات لن تسفر عن أي نتائج إيجابية، ويظل السؤال قائماً، على ماذا ولماذا يتفاوضون؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram