TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الرسام الذي أكتشف أسلوباً جديداً وهو في حاوية القمامة

الرسام الذي أكتشف أسلوباً جديداً وهو في حاوية القمامة

نشر في: 25 أكتوبر, 2013: 10:01 م

ليس هناك فنان معاصر يثير السخرية واللغط والضوضاء حوله أينما حلّ ويرمي المفاجآت هنا وهناك أكثر من الرسام البريطاني (بانكسي ) ، الساحر والمتمرد على كل شيء ، حيث يقدم لنا أعمالاً تثير الفضول وتقترح تساؤلات كثيرة بخصوص الفن ودوره في حياتنا ودور الناس أو الجمهور في التفاعل مع هذا النوع الذي يقدمه من الفن . هذا الفنان المولود سنة ( 1973 ) في مدينة بريستول ، خرج من المرسم التقليدي وحرّك أصابعه على حيطان المدن وناصيات الشوارع المهملة ليطرح أفكاره الفنية بروح تحمل الكثير من الطرافة وهو يمد لسانه على قيم وكليشهات بالية ، حسب أعتقاده . بانكسي المعروف على صعيد العالم الآن كان قد بدأ كفنان كرافيتي تقليدي ، ثم مزج بين الكرافيتي وبعض القوالب التي يحفرها ويكوّنها من الكارتون ليطبع أشكالها على الحيطان بواسطة البخاخ ، وقد أنتشرت أعماله في جاليرهات عــدة على حيطان مدن كثيرة بأوروبا وأمريكا وصولاً الى الشرق الأوسط ، وحتى فلسطين .
توصل بانكسي الى تقنيته المميزة ( حسب قوله ) وهو مختبىء في حاوية لجمع القمامة هرباً من الشرطة التي كانت تطارده مثل أغلب رسامي الكرافيتي ، حينها فكر بالقوالب المحفورة التي تتيح له العمل بسرعة بعيداً عن أية رقابة أو مطاردة . أعماله فيها الكثير من السياسة والطرافة والمفارقة ، وإضافة الى الأشكال التي يرسمها ، وظّف شعارات تناسب طريقة تفكيره واختياره للموضوع. يرسم هذا الفنان في أعماله عادة رجال الشرطة ، الجيش أو الأطفال كذلك الحيوانات مثل القردة والفئران وغيرها . ومن أعماله الشهيرة ، مجموعة من الرسوم على الجدار العازل الذي بنته إسرائيل بالضفة الغربية، ويظهر في أحداها صبي فلسطيني صغير وهو يصنع فتحة كبيرة في الجدار أو عمله الذي يصوّر ثلاثة أفارقة في غابة وهم يصوبون رماحهم نحو فريسة ، وعندما ننظر الى الفريسة جيداً نراها ثلاث عربات فارغة من عربات السوبرماركت أو الطفل الذي يسرق أحدى الدوائر الأولمبية الخمس الشهيرة المرسومة على جدار ، ليجعل منها عجلة يلعب بها أو الرجل المشرد الذي ينام في الشارع وتظهر له أجنجة وسط الظلام . وفي عمل طريف آخر يرسم امرأة تنشر على حبل غسيلها ، الخطوط السوداء لحمار وحشي ، والحمار يقف عارياً بجانبها . ويظهر في لوحة أخرى شاب ملثم يتصدى لقوة احتلال و ما شابه ذلك وهو يمسك بشيء بقوة ويحاول أن يقذفه ، وحين نمعن النظر نراه يمسك باقة زهور بدل الحجارة .
أغرب ما قام به الفنان بانكسي هذا الاسبوع ( وهو ربما أغرب ما قام به فنان على الإطلاق) أنه وضع كشكا صغيرا مؤقتا في أحد شوارع نيويورك المزدحمة ، وملأها بأعماله المعلقة على كل الجوانب على طريقة رسامي مونمارتر . جلس هناك رجل عجوز يبيع هذه الأعمال وعلقت يافطة كبيرة مكتوب عليها أن سعر اللوحة الواحدة هو 60 دولاراً . الناس تمر بجانبه من دون إهتمام واضح من الصباح الى المساء وكل ساعتين تقريباً يتوقف أحدهم لشراء واحدة أو أثنتين ، وفي النهاية باع العجوز ثمانية أعمال فقط من أعمال بانكسي الأصلية بسعر 60 دولارا للوحة الواحدة بينما سعرها الحقيقي هو مائتي ألف دولار للوحة . الطريف أن امرأة توقفت وبعد تردد أشترت عملين وقالت للعجوز ( أحتاج الى شيء أعلقه في غرفة أطفالي ) وهي لا تعلم بأنها حصلت على كنز حقيقي يقدر بأربعمائة ألف دولار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram