TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ما لا يُدرِكُهُ حسن الشمري

ما لا يُدرِكُهُ حسن الشمري

نشر في: 25 أكتوبر, 2013: 10:01 م

تركنا قانون الأحوال الشخصية الذي وضعه عبد الكريم قاسم، بجهود كبيرة بذلتها نزيهة الدليمي، ورحنا نبحث عن قوانين طائفية تفرًق لا تجمع، قانون حسن الشمري شيء من هذا الذي يسعى إلى تفريق الشعب، لا إلى وحدته.. أنت شيعي والآخر سني، وقد ينتصر في نهاية المطاف المشروع الطائفي للوزير الشمري. ولكن فلنتذكر قول ديغول إن الفوز غير الانتصار. إذا انتصر الشيعي فتلك علامة من علامات السقوط لفكرة العراق الواحد، التي لم يبق منها الكثير على أي حال بفضل جهود الشمري ومن لف لفه.
ماذا بقي من الوطن؟ تعالوا نبحث عنه في قانون الشمري، الذي يبدو مجرد مهزلة أخرى، يريد أن يضعنا فيها ساسة الصدفة، عندما نتذكر أن ما من أحد قادر على السعي للإفراج عن مشروع وطني جامع للطوائف، ولنرى مدى فظاعة المسخرة السياسية، حين يتوهم سياسي أنه ينصر الشيعة، في الوقت الذي نراه يسرق أموال الشيعة ويحاصرهم بفوضى الأمن وانعدام الخدمات، معتقدا أن قانون الأحوال الشخصية، سينهي مشاكل العراقيين وسيضعهم على سكة الأمان والتطور والازدهار.
نرجو ألا يقول أحد إن الخلافات مظهر ديموقراطي، هذه ألاعيب حواة طائفيين، يخرجونها كلما اقترب موعد الانتخابات.. أي صنف من أصناف الديموقراطية هذا الذي يفعله حسن الشمري؟ وفي أي ديموقراطية نجد وزير فاشل، متستر على فضائح هروب عتاة القاعدة، يصر على مناقشة مسائل جانبية؟ أعتقد أن لا أحد يفكر بها، في أي ديموقراطية يكون النقاش حول قوانين طائفية الغرض منها الإساءة للطوائف الأخرى.
بالتأكيد أن ما تفوّه به الشمري، حول دعوته لإقامة دولة إسلامية مضحك جدا، فهو في وادٍ والمواطن في وادٍ آخر، فالمواطن مهموم بنقص الخدمات وتوفير حياة كريمة لأسرته، والوزير مهموم بإنشاء "إمارة القرون الوسطى.. المواطن يبحث عن الأمن والتعليم والصحة والكهرباء والماء وعن فرص عمل، فمطالب الناس ليست في تأسيس إمارة الشيخ حسن الشمري، وإنما في حكومة تستطيع القيام بواجباتها تجاه الناس.
الديمقراطية الحقة تحرّر الإنسان من الظلم والتخلف، والديمقراطية التي جاءت بأمثال حسن الشمري تحولت إلى قوانين طائفية غير قابلة للطعن..فمن أين للديمقراطية أن تدخل إلى العراق الذي يريد له البعض أن يتحول إلى كانتونات طائفية؟ الديمقراطية تأتي برجال مثل مانديلا، رجل التسامح والمغفرة، الذي وضع جنوب أفريقيا على درب الازدهار والتسامح، وجواهر لال نهرو الذي قرر أن أفضل الأنظمة للهند هو النظام الذي يستوعب ويحتضن جميع الفئات والمذاهب حتى عبدة الأوثان.. أما نحن فيراد لنا أن نذهب إلى المجهول ونتقاتل من أجل قانون حسن الشمري.
كنا نعتقد، نحن الجَهَلة، أن الإسلام رحمة ووئام وفضيلة، فإذا قادتنا "المؤمنون" يقدمون لنا إسلامهم الخاص الذي لا يرجم السارق ولا يلعن القاتل ولا يرفع الإسلام الحق شعاراً له.
تطور العالم من القبيلة إلى الوطن. ومن العشيرة إلى المجتمع. ومن الفرد إلى الجماعة. عندما تقول "نحن العراقيون"، تعني الشيعة والسنة والمسيحيين والكرد والإيزيديين والصابئة والشبك والتركمان، وعندما نقول البرلمان نعني عموم العراقيين. وعندما نقول القانون نعني حقوق الأقليات قبل الأكثرية. وعندما نقول الدستور، نعني أنه الرباط بين المتآلفين والمختلفين.
دعونا نتساءل؛ لماذا يقوم وزير العدل، ومن معه بمثل هذه الغزوات، وفي هذا الوقت بالذات؟ هل يريدون من الناس أن يصدقوهم وهم ينهبون البلد ويخربون مؤسساته؟
يبدو أن جميع دروب بناء وطن لكل العراقيين يريد البعض أن يغلقها، فهم لا يدركون أن الذي يربط بين المواطنين هو المحبة والتآلف، وحضور العدالة وإعلاء شأن المواطنة.. ولكن أين هي اليوم في ظل سياسيين ومسؤولين على شاكلة حسن الشمري؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. خالد الجابري

    انا اعمل في وزارة العدل واحب ان اقول لك ان وزارة العدل ليست مسؤوله عن هروب السجناء في سجون )ابو غريب .والتاجي . والناصرية المركزي) لان حماية هذه السجون هي مسؤولية الداخلية وبالتحديد الشرطة الوطنية

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram