 صوفيا /  محمد خلفمأزق حركة حماس في حكم قطاع غزة يتعمق بعد توالي الضربات التي تلقتها الواحدة تلو الاخرى بدأت اولها بسقوط حليفتها وراعيتها في مصر حركة (الاخوان المسلمين) وخلع الرئيس محمد مرسي ومن ثم اتهام الجيش المصري لها بالتورط في أحداث سيناء

 صوفيا /  محمد خلف
مأزق حركة حماس في حكم قطاع غزة يتعمق بعد توالي الضربات التي تلقتها الواحدة تلو الاخرى بدأت اولها بسقوط حليفتها وراعيتها في مصر حركة (الاخوان المسلمين) وخلع الرئيس محمد مرسي ومن ثم اتهام الجيش المصري لها بالتورط في أحداث سيناء بدعم الجماعات الإرهابية وتغذيتها بالأسلحة وتوفيرها الدعم اللوجستي والمعلومات الاستخباراتية لها.

ولم تعد أزمة حماس مرتبطة  فقط بتداعي حركة الاخوان في مصر وتونس وليبيا وتزعزع وضع حومة اردوغان في تركيا تحت ضربات تداعيات الازمة السورية والاحتجاجات الشعبية الرافضة لنهجه الانفرادي والاستبدادي، بل تبلورت مظاهر مناهضة لها في المجتمع الغزاوي حيث خرجت مجموعة من الشباب تحت شعار "تمرد على الظلم في غزة" وازدحمت شبكات التواصل الاجتماعي ببيان أصدرته هذه الجماعة ودعت فيه الى "التمرد على الظلم و الفساد والانقسام و انعدام الحرية و الديمقراطية و احتكار السلطة في القطاع" ما دفع رئيس الحكومة غير الشرعية اسماعيل هنية الذي بدا قلقا و مفزوعا من حجم و قوة التحرك الشبابي الى القول " ان التمرد يجب ان يكون فقط على الاحتلال الإسرائيلي".
حماس ومتغيرات التوازنات
وترفض حماس الإقرار بمتغيرات تتبلور وتتراكم على الأرض وتؤمن بأن استخدام الأساليب القمعية كما عملت في السابق مع تحركات ونشاطات مماثلة عبرت عن مخالفتها الرأي والنهج السياسي الذي تمارسه. وترى الحركة في حركة التمرد نسخة من (التمرد) المصرية التي غيرت المشهد السياسي في مصر، ولهذا فهي تعتبرها "واجهة لمخطط تآمري واسع عليها، خارجي من دول عربية ومن السلطة الفلسطينية واسرائيل"، وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية إسلام شهوان "كشفنا مخططا كبيرا يستهدف ضرب القطاع وإثارة القلاقل واستهداف شخصيات تشترك فيه أجهزة استخبارات الاحتلال و جهاز استخبارات السلطة في رام الله ودول عربية و الامن الوقائي " في اشارة الى رئيسه في غزة محمد دحلان قبل سيطرتها عليه بعد الانقلاب".
وربما تكون الخسارة الاكبر التي تكبدتها حماس وتشكل خطرا وجوديا عليها وعلى سلطتها هي تدمير الجيش المصري الانفاق التي تشكل شريان الحياة في غزة ما زاد من تفاقم الاوضاع الاقتصادية. وحذر تقرير صادر عن المرصد الاورومتوسطي لحقوق الانسان حمل عنوان (الموت البطيء)  من انهيار حاد يتهدد مفاصل الحياة كلها في غزة قد يصل الى 80 % نتيجة الاثار المدمرة على حياة سكانه بفعل الانقطاع الاخير في امدادات الغذاء و الوقود عبر الانفاق التي تصل بين القطاع ومصر من 500 الى 150 فقط".
ويرى المراقبون ان "حركة حماس حملت القطاع اكثر بكثير مما يحتمل وانها ادارته بطريقة غير عقلانية وغير واقعية، فأضرت بنفسها وبشعب غزة الذين عانوا من الحصار الإسرائيلي المتشدد كما من ويلات حربيين مدمرتين، فضلا عن تسببها في الانقسام الذي انهك واضعف موقف الشعب الوطني وسلطته الوطنية  وضيق خياراتها امام المجتمع الدولي".

أوضاع مزرية وانقسام في حماس
لقد أدت الأوضاع المزرية التي وصلت اليها حماس وقيادتها المنقسمة بعد خسارتها الاخوان في مصر والايرانيين وحليفها النظام السوري والى حد ما حزب الله الداعم والممول الاخر بالمال والسلاح الى تقبل من موقع الضعف بما كانت ترفضه في السابق من موقع القوة وباتت تدعو الى حوار وطني شامل، وطرح رئيسها ورئيس حكومتها هنية مبادرة دعا فيها الفصائل الفلسطينية للمشاركة في ادارة القطاع ولكن المبادرة لم تلق الاستجابة التي كان ينتظرها ويتوقعها هنية، ومع اهمية هذه المبادرة الا أنها جاءت متأخرة وبعد مضي 6 اعوام على سيطرتها على القطاع في انقلاب غير شرعي وبشكل أحادي. ورأى العديد من المحللين في هذه المبادرة محاولة للتملص من اتفاقات المصالحة ولاسيما تلك التي جمعت ابو مازن وخالد مشعل في ظلال الربيع العربي في القاهرة والدوحة والتي نصت على تشكيل حكومة وحدة وطنية تمهد لانتخابات جديدة. وتشكك قيادة السلطة الفلسطينية في قدرة التيار المعتدل في حماس على فرض توجهاته، وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب بعد اتصال مع القيادي في الحركة موسى ابو مرزوق " ان ابو مرزوق جريء ومعتدل، ولكنه وكذلك رئيس المكتب السياسي مشعل ربما لا يمتلكان التأثير على قيادات الحركة داخل غزة". وقال ما نريده واضح وهو" وحدة وطنية تبدأ اولا بانتخابات" مؤكدا أننا "مستعدون للقبول بخريطة طريق لتحقيق المصالحة تتناول كل القضايا، ونرفض الحلول الجزئية والانتقائية".
لم يبق أمام حماس من مخرج على خلفية التعقيدات الداخلية والاقليمية والدولية والمتغيرات العميقة في خريطة التوازنات الدولية غير الاسراع بتنفيذ بنود اتفاق المصالحة المتفق عليه واعلان التوافق الوطني الذي يفتح الطريق أمام الانتخابات الرئاسية  والتشريعية التي قد تبقيها بشرف في الحكم أو تخرجها منه من سفك دماء فلسطينية جديدة.