لا أظن أن من الحكمة أو المصلحة أن تتعامل قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني مع المجموعة من الأعضاء والكوادر التي أصدرت أخيراً بياناً عبّرت فيه عن الشعور بخيبة الأمل حيال تراجع دور حزبهم، بوصفهم مجموعة مارقة أو مرتدة أو انشقاقية، فموقف كهذا من قيادة الحزب سيضرّ كثيراً بمصالح الحزب والناس على حد سواء.
المجموعة تحيل في مفتتح بيانها إلى حرية التعبير العلني عن الرأي، ولهم في هذا حق، فهذه الحرية مكفولة في وثائق الحزب وفي دستور الإقليم والدستور الاتحادي والشرائع والمواثيق الدولية. كما ان المجموعة تستند الى فكرة وجيهة، هي انه "لم يعد السكوت ممكنا إزاء الانكسارات المتتالية التي يجنيها الحزب في الانتخابات العامة، منذ انتخابات سنة 1992 حتى الان".
في انتخابات برلمان الاقليم الشهر الماضي، حقق الحزب نتائج أدنى من المتواضعة بكثير (أقل من 1 بالمئة)، ومع نتيجة كهذه كان لابدّ لقيادة الحزب أن تتحلى بشعور أقوى من المسؤولية وتعلن تحملها المسؤولية عما آلت إليه الأمور (كما فعلت قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني مثلاً).
عندما تمتّع فرع اقليم كردستان للحزب الشيوعي العراقي باستقلاله الذاتي عن الحزب الأم في العام 1993، صُورت العملية في وقتها بأنها ستمكّن الشيوعيين الكردستانيين من تعزيز دورهم في الحياة السياسية في الاقليم، لكن العكس هو ما حدث على مدى العقدين الماضيين. لم يكن الخطأ في عملية الاستقلال ذاتها وانما في الحزب نفسه، وبخاصة قيادته، فلم يفلح الحزب في التكيّف والتوافق مع ظرفه الجديد ومع الظروف الدولية والإقليمية لما بعد انهيار المعسكر الاشتراكي.
لكن هذا لم يقتصر على الحزب الكردستاني وحده وإنما شمل الحزب الأم وعموم الحركة اليسارية والديمقراطية في البلاد التي كانت في يوم ما القوة الأكثر تأثيراً في السياسة المحلية.
نعم ثمة اسباب موضوعية قوية لتراجع الحركة اليسارية والديمقراطية عموماً. في منطقتنا يرجع هذا بشكل أساس الى تفاقم الاستبداد وترسّخ الأنظمة الدكتاتورية القومية، وصعود الإسلام السياسي، غير الديمقراطي هو الآخر، لكن الدكتاتوريات التقليدية دخلت مرحلة انهيارها منذ هزيمة نظام صدام في الحرب ضد إيران ثم في حرب تحرير الكويت، وقد اهتزت عروشها هزّات عظيمة خلال السنوات الثلاث المنصرمة. والإسلام السياسي من جانبه أثبت في غضون ذلك انه ليس بديل الحركة اليسارية والديمقراطية. لم تنجح تجربته الشيعية في إيران ولا تجربته السنية في السودان. والآن يحقق الإسلام السياسي، الشيعي والسني سواء بسواء، في العراق ومصر وليبيا فشلاً ذريعاً أيضاً، فهو يتكشف عن دكتاتورية فوضوية ليس لديها أي قدرة على إقامة الدولة حتى من النمط الدكتاتوري الذي كان سائداً في الحقبة القومية، وكل ما تبلو فيه قوى الاسلام السياسي "البلاء الحسن" هو نهب المال العام، فضلاً عن الخاص، وإشاعة التخلف.
معنى هذا ان الظروف الموضوعية قد تحسنت لصالح قوى اليسار والديمقراطية، لكن المشكلة أن هذه القوى لم تُحسن بعد الاستفادة من هذا التغيّر، ويرجع هذا في الأساس الى عدم وجود صلة حيوية لهذه القوى بالجمهور، كما كانت عليه حالها منذ 40 – 60 سنة.
مشكلة يسارنا
[post-views]
نشر في: 25 أكتوبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 5
الشمري فاروق
الاخ المحترم عدنان حسين ...ليس غريبا موقف كهذا من قيادة جل قادتها من الحرس القديم الذي اكل الدهر عليهم وشرب..هذه المجموعه من الشيبه ممن تيبست مفاصلهم وقصر نظرهم...انهم لم يقروا حتى الان ان العالم قد تغير ولم يعترفوا بالتجديد الذي طرأ عل حركة اليسار في دو
ابو سجاد
لانستطيع ان نشخص الاسباب بقدر ماشخصتها حضرتك نحن الان بحاجة الى النزول وسط الجماهير والساحة مهيئة وخصبة وان البداية تكون من الكوادر التربوية وتعلم جيدا ما تاثير المعلم والمدرس والاستاذ في نفوس الطلبة فلتكن البداية من هنا على الاقل نستطيع ان نصلح ولو شيء
د.عبدالكاظم ماجود
بدءا أنا ادون اسمي مع اؤلئك المستائين لعدم تمكن قوى اليسار عموما والحزب الشيوعي العراقي خصوصا من ان يتبوؤا موقعهم المفترض في اللوحة النضاليةبين قوى شعبنا الاقل تجربة في التاريخ النضالي للشعب العراقي , على الاقل بعد انهيار النظام البعثي البغيض . أنااعلم ان
جاسم محمحد شلاكه
يقال ان ثقافه الاستقاله هي ثقافه ديمقراطيه متحضره اساسها تحمل المسوؤليه لماذا لم تستقيل قياده الحزب الام بعد انتكاسه الانتخابات البرلمانيه لتكون قدوه لحزب الاقليم ولماذا هذه القياده منذ عشرين عام الا يوجد كادر اخر تحياتي 6137
جلال رومي
انا استغرب لماذا الاستماتة من قبل قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني البقاء في مراكزها وهم يعرفون جيدا عدم قدرتهم للتغير نحو الافضل وبالتاكيد هناك شباب قادرين تقديم الكثير للحزب