اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > الفصاميون والإرهاب الداخلي

الفصاميون والإرهاب الداخلي

نشر في: 27 أكتوبر, 2013: 10:01 م

بين الفينة والأخرى تطلّ علينا وسائل الإعلام والصحف لتعرض لنا سبقًا صحفيًا عن شخص قد تفنن في ارتكاب جريمة قتل جماعية تقشعر لها الأبدان، بحيث وصل بنا الحال إلى أن بات المشهد مألوفًا.  وفي العموم قد نميل إلى متابعة الخبر المُثير بسبب الرغبة في معر

بين الفينة والأخرى تطلّ علينا وسائل الإعلام والصحف لتعرض لنا سبقًا صحفيًا عن شخص قد تفنن في ارتكاب جريمة قتل جماعية تقشعر لها الأبدان، بحيث وصل بنا الحال إلى أن بات المشهد مألوفًا. 

وفي العموم قد نميل إلى متابعة الخبر المُثير بسبب الرغبة في معرفة التفاصيل لكن على الأكثر لا نقف عند الدوافع قطعًا. فهل هناك من سأل نفسه بماذا كان يفكر هذا القاتل ؟ أو كيف لشخص أن يرتكب قتلاً بهذا الحجم على أناس عُزَل وبدم بارد. وما الذي جعل فردًا يمكن أن يخدم المجتمع وأن ينفع العالم أن يتحوّل إلى سفاح وبإصرار في غفلة منا ؟
من الواضح جدًا أن (جرائم القتل الجماعيّة) التي يُوصف عادة مرتكبوها بالغريبي الأطوار تسبّب إرباكًا لأكثر المحللين النفسيين مهارة، وذلك ربما لأنهم لا يستطيعون أن يكونوا دقيقين في توصيف ماهية الأسباب الحقيقية التي تدفع إلى مثل هذا الحجم من القتل، ومع ذلك فعلينا ألا ننسى أن إدراك مكامن ودوافع القتلة أمر في غاية الصعوبة.
في هذا الموضوع نتناول مشكلة ينوء بها المجتمع الغربي بشكل عام والأمريكي على وجه التحديد لكنها من القضايا التي تؤرقنا جميعًا لأننا بني البشر نبقى لا نقبل لأنفسنا أن نتخلى عن آدميتنا ونتحوّل إلى قتلة في سرعة غريبة، فضلاً عن أننا يجب أن ندافع عن تلك الحياة التي منحنا إياها الخالق عز وجل وأن نسجل موقفًا ممن يريدون انتزاعها عنوة سواء كانوا أولئك المختلين عقليًا أو من سواهم أو حتى من أولئك الذين يدعون أنهم يقيمون دولة العدل الإلهي وهم أبعد ما يكونون عنها.
إن القتلة من الذهانيين، وهم الأكثر شيوعًا، يُعانون من مرض انفصام الشخصية، وهو مرض يتميّز صاحبه بالأوهام والهلوسة، وفقدان العاطفة، والكلام، أو الدوافع. ويبدو أن فصام الشخصية محدّد سلفًا من الناحية الوراثية ولكنه في العموم يبقى كامنًا حتى أواخر سنوات المراهقة أو في وقت مبكر في العشرينيات. كما هو الحال مع كل من القاتل المزعوم جاريد لي لوفنر، 22 عامًا المتهم بمحاولة اغتيال النائبة في الكونغرس جيفوردز غابرييل وأشخاص آخرين في توسون بولاية أريزونا و"جون هينكلي"، 25 عامًا، مُطلق الرصاص على الرئيس "رونالد ريجان" وثلاثة آخرين.
هل فصام الشخصية وراثي؟
لقد تمّ تشخيص هؤلاء القتلة بالإصابة بفصام الشخصية. فقد أشارت تعليقات لوفنر وكتاباته على الإنترنت إلى أنه يُعاني من مرض عقلي، وأن اثنين من أصدقائه في المدرسة الثانوية أكدا أن لوفنر كان منبوذًا اجتماعيًا وفاقدًا للثقة ولديه جنون العظمة.
إن مرضى الذهان الحاد من أمثال تشو يُعانون الأوهام والهلاوس، وهي طريقة للخروج من الاتصال بالواقع. ومع ذلك فإن معظم الذين يُعانون من هذه الأمراض العقلية، وحتى لو كانت شديدة، لا يشكلون أي تهديد لأحد إلا أنفسهم. لذلك كيف يُمكن لرجل مريض عقليًا مثل تشو أن يخطو إلى تلك الرحلة الفظيعة ليضع يده على زناد السلاح ببطء؟ لقد سبق ذلك أيام أو أشهر من التخطيط، وسنوات من الانهيار العقلي من بدء المرض، يكون الضحية عادة في حيرة وذهول من جرّاء الأفكار المُثيرة للقلق التي تربك وتحيط بدماغه. وتتحوّل الارتباكات أو الاهتياجات العرضية إلى نوبة من الثرثرة الغاضبة.
وأشار الدكتور فرانك اوتشبيرج في تفسيراته النفسية إلى "أن أوهام انفصام الشخصية عادة ما تكون تضخيمية واضطهادية. ويمكن أن يكون هناك إرهاب عندما يشعر المراهق أو الشاب بأنه يفقد عقله". لقد كان تشو من خط تجمع العلم الأحمر. ويمكن الجميع من حوله أن يروا ذلك. كما ان تشو فحص نفسه من أجل التقييم النفسى.
الفصاميون والإرهاب الداخلي
ما فشلنا في فهمه في ما يتعلّق بالقتلة هو الانزلاق إلى هذا النوع من المرض ألا وهو الخوف. فتخيّل نفسك أنك تستيقظ من النوم هذا الصباح، وأنت متماسك بما يكفي لترى أنك كنت يوم أمس أصبحت خارج مسارك الاعتيادي. وعلى نحو مماثل، قبل ثلاثة أيام. وكذلك ليومين في الأسبوع الماضي. هناك دخول وخروج، ولكن يكون الانجراف في عمق ما ترى بوضوح تمامًا وأمامك أنها حفرة الجنون. هل يمكن الحصول على المساعدة؟ إن هذا يتطلب الاعتراف. وهو أمر خطير جدًا. وإذا أشركت ما كنت عليه حتى الأمس، فإنه الهبوط نحو زنزانة مبطنة، حيث الأقطاب الكهربائية على رأسك، وتعطى الأدوية التي تطمس سماتك. وليس من وسيلة.
معظم الفصاميين يقاومون الإرهاب الداخلي، ولكن لقتلة المستقبل، يمكن للوهم والارتياب أن يكون آلية تعامل:(إنني لا أفقد إدراكي، بل أنتم أيها الناس تريدون النيل مني. سلح نفسك. يا الله. إلى أي طريق أشير؟ أنا؟ هم؟ بالنسبة لمعظم قتلة المجازر الجماعية، فإنه في النهاية الأمر سواء).
تشو ذكر في بيانه قبل عملية القتل في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا: "هل تعرف ما تشعر به حينما يُبصَق على وجهك وأن تكون هناك شفرة تنزل أسفل حنجرتك؟". "لقد خربتم قلبي واغتصبتم روحي، وأضرمتم النار في ضميري. واعتقدتم أنها حياة صبي مثير للشفقة أطفأتموها. شكرًا لكم، فأنا أموت مثل يسوع المسيح، لإلهام أجيال من الناس الضعفاء والعزل". لقد وجد تشو وسيلة لمساعدة الجميع. وإنه سيكون بطل هذه المأساة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram