اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > أهمية المراقبة لدى أجهزة الشرطة

أهمية المراقبة لدى أجهزة الشرطة

نشر في: 27 أكتوبر, 2013: 10:01 م

لا مراء أن المراقبة تحتل إحدى درجات السلم الاستدلالي، فهي تتخذ مركزاً وسطاً بين الاستخبارات والأمر بفتح التحقيق، إذ تتوسط كلاهما على اعتبار أن مأمور الضبط القضائي الذي يتأهب لمباشرة عمله البحثي إزاء حدث إجرامي- لم يقع بعد- يستلزم بداءة أن يتوافر لديه

لا مراء أن المراقبة تحتل إحدى درجات السلم الاستدلالي، فهي تتخذ مركزاً وسطاً بين الاستخبارات والأمر بفتح التحقيق، إذ تتوسط كلاهما على اعتبار أن مأمور الضبط القضائي الذي يتأهب لمباشرة عمله البحثي إزاء حدث إجرامي- لم يقع بعد- يستلزم بداءة أن يتوافر لديه الشعاع المنير والمعلومة المضيئة عن الواقعة المجرمة حتى يتبعها بالمراقبة مكانا وأشخاصاً وأشياء استكمالا لها وتأكيدًا لحقيقتها لطلب الإذن بفتح التحقيق ضبطاً للحدث وتحويلاً لما يدور في كواليس الجريمة من مجهول إلى معلوم. ونحن إذا تصورنا أن التحريات وهي تسعى للكشف عما وراء الكواليس الإجرامية- قاعدة لمثلث متساوي الأضلاع- إن صح هذا التعبير- فان الضلع الأيمن منه يمثل المراقبة- بينما الضلع الأيسر يمثل إجراءات التحقيق- على اعتبار أن اليمنة دائما في المقدمة،ومرجع ذلك أن المراقبة هي اللبنة الأولى لتأكيد المعلومة التي تصل إلى رجل هيئة الشرطة وتفتح له مجالات استكمالها والوقوف على حقيقتها- خاصة إزاء الجرائم- التي يتم الإعداد لها قبل التردي فيها تحريضا واتفاقاً ومساعدة،كجرائم القتل والشروع فيه،وجرائم الآداب،والجرائم الإرهابية والجرائم المنظمة،وجرائم المخدرات بكافة صورها( جلب،وترويج،اتجار،تعاطي...الخ) وغيرها من الجرائم...الخ.

فالمراقبة هي الصورة الحية والمرئية التي تمثل الواقع الفعلي للحدث الإجرامي دون رتوش RETOUCH) ) والتي من خلالها يستطيع رجل هيئة الشرطة تقييم صحة استخباراته وتحرياته للكشف عن مكنون سر الحدث،وبالتالي يستطيع إما أن يلقي بتلك التحريات جانبا،أو أن يتحسس استثمارها عن طريق المراقبة للوصول إلى الحقيقة العارية،ليقف على أبعادها وأغوارها- وهكذا نرى أن المراقبة تعمل عملها في مرحلة جمع الاستدلالات وتدفع رجل هيئة الشرطة نحو الربط بين ما لديه من معلومات وما تبدى له منها.
والمراقبة هي الدافع لدى رجل هيئة الشرطة نحو الاستمرار في جمع المعلومات للوصول بها إلى الاستدلالات المؤدية للكشف عن الحدث الإجرامي لعرضه على السلطة المختصة للأمر بفتح التحقيق- وبمعنى أوضح تدفع المراقبة رجل الضبط القضائي نحو تلمس وتحسس الحقيقة وتحول بينه وبين أن يختط لنفسه مقدماً طريق السير نحو اتهام شخص معين بأنه مقترف لجريمة ما على سند من معلومات أو استخبارات لا تكتسي بثمة قرينة أو دليل مما ينتهي به المطاف إلى اكتشاف براءة هذا الشخص- ذلك لأن الإذن بفتح التحقيق لا يمكن أن ينهض وبالتالي لا يتأتى إلا على أساس من تحريات جدية ومراقبة تؤدى إليها مما يحول دون إشاعة مكنات التعرض لحريات الأفراد دون سند من القانون.
يضاف إلى ما تقدم أنه إزاء تطور الجريمة الموازي للتطور الحضاري- وشيوع وسائل التنكر وتغيير الملامح وافتعال علامات مميزة بالجسم وانتحال الشخصية في محاولة للاستيلاء على أموال أو ممتلكات الشخص الذي انتحل شخصيته،أو في أعمال التجسس أو الهرب إلى الخارج فان التحقق من شخصية المشتبه فيه أضحى أمراً هاماً- ويحتاج إلى جهد ودراية – ولا مراء أن المراقبة التي قد تتم بمعرفة مأمور الضبط القضائي بناء على استخبارات في هذا الشأن من شأنها الوقوف على جادة الصواب وهو ما يؤكد أهميتها وفعاليتها في الكشف عن حقيقة الحدث الإجرامي بصورة أكثر وضوحاً وتقنيناً.وبالترتيب على ما تقدم فان المراقبة باعتبارها رصداً لكافة المظاهر الخارجية بصورة متكررة وعامدة- للأشخاص والأماكن فان تسجيلها عن طريق الرؤى تؤدي إلى تفسير ما تحويه من معان ودلائل تفيد إلى حد كبير في كشف الخطر وتحديد مصدره وتهدف إلى منع تحققه والحيلولة دون استفحاله مما يرتبط ارتباطا وثيقا بمقدمات ما لدى رجل هيئة الشرطة من استخبارات أو تحريات تتعلق بالحدث موضوع المراقبة،وذلك بربط العناصر أو المعطيات أو الأحداث بعضها ببعض للتعرف على ما قد يوجد بينهم من صلات أو علاقات تساهم في منع الجريمة ابتداءً، أو سرعة ضبط مرتكبيها انتهاءً،وهكذا تضحى المراقبة شكلاً لها مضمونها وومضة لها مراميها وأداة لها فعاليتها حيث تؤدي إلى جمع الاستدلالات في النهاية للوصول إلى الهدف المراد من قبل رجل الأمن في إطار من الشرعية والقانون.
لذلك كان من الواجب علينا أن نتعرض للمراقبة بشيء من التفصيل باعتبارها إحدى درجات السلم الاستدلالي والعامل الحقيقي الجهرى العامد في مجال الاستخبارات وهذا ما سوف نتناوله في الحلقات القادمة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram