اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رونالدو.. ماذا فعلت بنا؟!

رونالدو.. ماذا فعلت بنا؟!

نشر في: 27 أكتوبر, 2013: 10:01 م
بكل المقاييس ، تنطبق مفردة (كارثة) على مشاركتنا الأولى في نهائيات كأس العالم للناشئين ، فتاريخنا الكروي ، القريب منه والبعيد ، لا يعرف نادياً أو منتخباً عراقياً واحداً اهتزت شباكه اثنتي عشرة مرة في ثلاث مباريات رسمية متتالية ، حتى لو جاءت الأهداف بأقدام سويدية مكسيكية نيجيرية!
إنه (تطور) على المنحدر يجب النظر إليه ملياً كي نتصور حجم المأساة التي عشناها في مدينة العين ثم دبي ، بينما نجد منتخبين عربيين آخرين يمثلان تونس والمغرب وقد انتقلا منذ أولى مباراتين إلى دور الستة عشر بتلقائية عالية لم تعرف الدموع والأحزان وندب الحظ العاثر .. والأخيرة ردود أفعال لم نجدها للأسف الشديد على وجوه معظم أفراد وفدنا للبطولة ، وإنما عشناها مع الجمهور العراقي الذي تابع مبارياتنا وكان الخاسر الأول إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية التأثر وردة الفعل!
حجم اللاأُبالية كان كبيراً ومثيراً لدهشة ممتزجة بحزن لا يخفى .. اللاعبون كانوا في وادٍ سحيقٍ من القناعة بأنهم أدوا ما كان واجباً عليهم ، وأن الحظ وحده هو الذي خذلهم وأنهى مهمتهم قبل الأوان .. لم يعترف أحد بتقصيره أو سوء أدائه ، وعلى النحو الذي لم أعرف له مثيلا طوال مرافقتي لعشرات من الفرق العراقية .. كان اهتمام كثير من اللاعبين ينصرف إلى تقليد عدد محدود من نجوم الكرة العالمية ، سواء في أسلوب الجري وراء الكرة ، أو التسديد أو حتى في تسريحة الشعر .. ولا أدري من أين جاء هذا الشعور المبكر بالنجومية لدى اللاعبين وهم في أعمار يفترض - وفقاً للمستندات الرسمية - أنها لا تتجاوز السابعة عشرة؟!
لا أريد هنا أن أخوض في الأسماء خشية أن أجرح المتبقي من (كبرياء) الناشئين وهم مازالوا بنظرنا في مقتبل العمر، لكني استطيع الاعتراف بأن بعضهم يتحدث عن كريستيانو رونالدو وكأنه زميل له في الفريق نفسه.. وهنا ترد أسماء أخرى مثل ميسي وروني وجيرارد وفان بيرسي وابراهيموفيتش .. كان هؤلاء أبعد من نجوم مفضَّلة لدى ناشئينا الذين ترك بعضهم الإحساس لدينا بأننا صرنا ننتج هذه الصفوة من المشاهير بعيداً عن التوجيه والتبصير ومعالجة الأخطاء من قبل الإداريين أو المدربين!
خلال المباريات الثلاث وبعدها ، لم أجد عدداً معقولاً أو مقبولاً من اللاعبين الذين اتجهوا إلى غرفهم الخاصة في الفندق كي يجهشوا بالبكاء أو كي يحاسبوا النفس حساباً عسيراً واجباً في لحظات الهزيمة الكروية .. أين ذهبت تلك الأيام التي نرى فيها لاعباً مثل هادي احمد أو رعد حمودي أو احمد راضي وقد فرض على نفسه طوقاً من العزلة ، ولو لساعات ، كي يراجع ما اقترفت قدماه أو يجلد ذاته بعيداً عن الأعين؟!
مساحة الحزن على هذه النكبة الكروية غير المسبوقة في تاريخ الكرة العراقية ، تمتد بعيداً عن الأهداف الإثني عشر والخسارات الثلاث والخروج المذل .. لتصل إلى حد الشعور بأننا فقدنا صلتنا بالماضي ، وأننا لا نعرف كي نتدبر شأن الحاضر ، وأننا ذاهبون إلى المستقبل بجيل يرى أنه يلعب ، ويدرب ، ويصحح الأخطاء ، ولا حاجة به الاستماع لنصيحة ، ثم يختار أن يحزن أو يبتسم وفقاً لهواه .. جيل لديه الولع المبكر بأن يغرق في الضحك ساعة الإخفاق!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. مثنى العبد

    تحية خاصة لك استاذ علي ( ابو زيد ) المحترم مشتاقون لك كثيراً ولمرادفاتك الجميلة مقالك جميل جداً والسبب هو التناحر على المناصب في اللجنة الاولمبية وترك الرياضة والرياضيين تصارع لوحدهافي بحار البطولات ويجب ان نجد من يحاسب من اقال حسين سعيد الذي حقق بطولة ا

يحدث الآن

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

فشل الذكاء الاصطناعي في مضاهاة الخلق الأدبي والفني

قناطر: بين خطابين قاتلين

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

يا أيام بنطال "الچارلس".. من ذاكرة قلعة صالح في سوق الخياطين

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان

العمودالثامن: عقدة تشرين

 علي حسين ظهر علينا مؤخراً المحلل السياسي عماد المسافر في " نيو لوك " متطور، ليحدثنا عن مخاطر من أسماهم " التشارنة "، والرجل يقصد الشباب الذين شاركوا في تظاهرات تشرين التي أزعجت...
علي حسين

كلاكيت: ساذرلاند..الممثل أدى جميع الأدوار

 علاء المفرجي مسيرة ستين عاما، مترعة بمئتي فيلم وعدد من المسلسلات الناجحة، هي حصيلة احد أهم ممثلي السينما بالعالم، دونالد ساذرلاند.. الذي رحل عن عالمنا هذا الأسبوع. هذا الممثل الذي قيلت بحقه الكثير...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram