تحولت المؤسسة العسكرية والأمنية في العراق، كما يبدو، الى فشل مكلف ماليا بنحو لا يصدق. التقرير السري لوزارة الدفاع العراقية الذي نشرته "المدى" الأحد، يقول أشياء مؤلمة ستتابعون أجزاءها الأخرى في عدد اليوم. لكن ما يثير هو ان العسكر يطلبون المزيد من المال، وسط مزيد من الموت، وفريق السلطان يفكر بالدبابات اكثر مما يفكر بالسياسات الرشيدة وسماع صوت الحكمة، الذي من شأنه تخفيف موتنا وحفظ أرواح جندنا المضحين. وقبل ان اعلق على تقرير الدفاع، احكي لكم باختصار ما يتعلق بناجح الميزان، مفاوض سامراء المعتدل.
الدكتور ناجح كان المتحدث باسم ساحة اعتصام سامراء، وهو مطارد اليوم من قبل مؤسستنا العسكرية التي وزعت صوره على كل نقاط التفتيش في محافظة صلاح الدين. عرفت السيد ناجح منذ بداية تظاهرات الغربية، حين كنت ابحث عن الجزء المعتدل في تلك الاحتجاجات بعد ان راح الإعلام يركز على الوجوه المتطرفة التي تتسيد منصة الاعتصام. ورأيي معروف في هذا الشأن مثل تيار الوسطية في بلادنا الذي انحاز بشدة لمطالب المعتصمين، وحذر من الأصوات المتشددة التي تريد العبث بالشعارات ولا تعرف كيفية التعبير المناسب عن المطالب. لكن ناجح الميزان كان في الجزء العقلاني الصحيح والمؤثر من الاحتجاج، خبيرا بالقوانين، دارسا للشريعة ومنتقدا للتشدد ومتمسكا بمطالب عقلانية وسطية. وبدل ان تقوم السلطات بتقوية جناح ناجح، ومحاصرة المتشددين ومؤيدي العنف، فإنها تركت التشدد يسرح ويمرح، وأخذت تلاحق صاحبنا المعتدل بمذكرات اعتقال تتهمه بالضلوع في العنف.
ولست في وارد تبرئة الدكتور الميزان، ولن أتدخل في شأن القضاء (حقا اين القضاء؟)، لكن كثيرين يدركون بوضوح، ان هذا الرجل من افضل المفاوضين الذين عرفناهم في ساحات الاعتصام، في اي لحظة تؤمن الحكومة او التحالف الوطني بأن التفاوض مهم لبناء تسوية داخلية خربها نوري المالكي.
السيد الميزان يردد كلمة واحدة: عجيب ان الحكومة لم تنشر ولا صورة واحدة للهاربين من ابو غريب، لكنها وزعت صوري في نقاط التفتيش بوصفي إرهابيا!
المؤسسة العسكرية والسياسية التي تلاحق ناجح، وتلاحق كثيرا من المعتدلين، لا تريد ان ترى احتجاجا عقلانيا ينتقد سياساتها، فتحاول ان تطرد كل العقلانيين من ساحات الاعتصام، ليبقى المتشددون واولئك الذين لا يحسنون اختيار الكلمات المناسبة في صوغ الاعتراض، وكي يقول المالكي حينها: هؤلاء المحتجون متشددون لا يصلحون الا للرد العنيف!
المؤسسة السياسية والعسكرية المحيطة بالمالكي، وبدلا من ان تخصص جزءا من مالها وجهدها، لاجتراح حل سياسي وتفاهمات تهدئ بلدنا المحاط بالموت، فإنها تلاحق المفاوض المعتدل ناجح الميزان، وأمثاله، وتطلب مزيدا من المال لشراء السلاح.
وقد كنا نسخر من ميزانية دفاعية تصل الى ٢٥ مليار دولار، وتفشل في وقف الموت، وتفشل في حماية الحدود كما اعترف مستشار امننا (او لا امننا) القومي، لكن تقرير وزارة الدفاع يطلب نحو ٣٠ مليار دولار إضافي كموازنة دفاعية (ضعف ميزانية كل كردستان). ويقول ان نحو ٩ مليارات دولار خصصتها الحكومة للجيش وحده، غير كافية. ان معنى التقرير هو ان مؤسسة الجيش تريد لميزانيتنا الدفاعية (داخلية ودفاع) ان تتجاوز ٤٠ مليار دولار، اي ستة أضعاف موازنة بلد مثل الأردن، وقد اصبح واضحا إننا لو أنفقنا على الأمن والدفاع ١٠٠ مليار دولار، فلن ننجح في كبح جماح العنف، وسيخرج الضباط ليقولوا: ان على المواطن ان يتعاون كي يتوقف الموت، وأن "قطر والسعودية تتآمران".
الموت العراقي لن يتوقف بالمال، طالما كانت السياسة غبية وفاسدة ينقصها التدبير. غير ان الاعتدال الشيعي أمام فرصة لم تتبدد بعد. المعتدلون حول ساحات الاعتصام، الذين يحاول المالكي طردهم واعتقالهم، صالحون للتفاوض والتفاهم. افتحوا لهم أبوابكم، لتسمعوا منهم ما لا يريد المالكي سماعه، وما لا يمكن شراؤه بمليار او بكل مليارات التسليح المبددة والفاسدة.
مليار لمفاوض سامراء
[post-views]
نشر في: 28 أكتوبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 3
محمد الامى
ان تعاونكم مع السعوديه واستخدام اموالها لقتل العراقيين دون مراعاه مصالح وطنكم العراق هو الذى مزق العراق وقتل الناس الفقراء فعودو الى رشدكم واعلموا ان الله سينتصر لاارواح الشهداء الذين تقتلونهم فتوبوا الى الله ولاتسمعواالى اوامر بندر ابن سلطان وفكروا بمصلح
ابو سجاد
القصد من زيادة ميزانية الدفاع هو سرقة لاكثر للاموال وليس لاستتباب الامن الحل هو الجلوس على طاولة واحدة وطرح كل المسائل الخلافية وحلها وبكل صراحة وهذه الطريقة الوحيدة لاستتباب الامن هناك اقتراح سيد سرمد قراء الصحف قليلين جدا اليوم بينما مشاهدي التلفزيون مل
حامد اسماعيل حسين
الاخ و الاعلامي المحترم سرمد الطائي اود ان انوه واشير بدون تملق انك اشجع واصدق صحفي واعلامي عراقي تضع يدك على الجرح العراقي اخي سرمد ما ابتلانا الله عز وجل بجرذ العوجة ابن صبحة وللاسف ظهر لنا بعد سقوط نظام البعث الف صدام والف عدي وقصي اخي سرمدهناك مثل يقو