في نهاية كل عام دراسي ، اعتادت مديرة المدرسة ( البعثية ) على استقبال آباء وامهات يغلفون ملامحهم بابتسامات متملقة ويحملون الهدايا والمبالغ النقدية للمدرسات لتسهيل خطوات أبنائهم الذين يواجهون معركة الامتحانات بأسلحة قليلة اومعدومة الفعالية غالبا ..وكانت تستقبل الحاملين للدرجات الحزبية المتقدمة او الرتب العسكرية العالية بكثير من الحفاوة والترحاب وتشرف بنفسها على عملية تغيير درجات أبنائهم او تعديلها لمساعدتهم على دخول الامتحان الوزاري ..
بعد ( التغيير) ، تصور البعض ان زمن " الواسطات " الخصوصية والهدايا والرشا قد ولى لكن ماحدث ويحدث حاليا ادهى وأمر فهناك مدراء مدارس صاروا يستقبلون أعضاء أحزاب منذ بداية العام الدراسي ليسبقوا البلاء قبل وقوعه ويمهدوا الطرق لنجاح أبنائهم قبل احتمال رسوبهم ، وهنا يضطر المدير او المديرة الى الإشراف على تعديل درجات الطلبة بأنفسهم ، فمن كان ينتمي الى حزب البعث في السابق وتلقنه الاجتماعات الحزبية ان الحزب هو الحارس الأبدي للضعيف ليحتمي به اكتشف بعد سقوطه ان الحزب يتخلى عن ضعفائه في المواقف الحرجة ، ورغم ذلك مازال البعض ينحنون أمام أية عاصفة حزبية تهب على وجوههم خوفا من بطش الأحزاب او تملقاً لها ..
بالمقابل ، يرفض العديد من العراقيين الانتماء الى الأحزاب السياسية التي تعددت وتنوعت ملامحها وأهدافها وفق استطلاع أجرته هيئة أكاديمية عراقية مستقلة قبل فترة على عينة ضمت اكثر من الف مواطن عراقي اذ تبين ان 75% منهم يرفضون الانتماء الى الأحزاب او العمل من خلالها بينما توزعت أسباب قبول انتماء بعضهم بين البحث عن وظيفة او لتعصب عشائري او طائفي ، وارجع 85 % من المواطنين العراقيين أسباب رفضهم الانتماء الى الأحزاب السياسية الى جهلهم لهذه الأحزاب او شكوكهم بأهدافها الحقيقية والسبب الحقيقي دون شك هو التجربة المريرة التي عاشها الشعب العراقي في الصراعات الحزبية للسنوات الفائتة ثم محاولة فرض وصاية الحزب الواحد على بقية الأحزاب رغم تعددها وتنوعها وفرض قائد واحد لابديل له رغم شمس ( الديمقراطية ) التي أشرقت على العراق لكنها لم تمنح العراقيين الدفء والأمان حتى الآن لشدة مايلبد سماءها من غيوم الأنانية والتعصب والنوايا السيئة ...
الانتخابات تقترب والخلافات تزعزع ثقة المواطن بالاحتماء تحت لواء أي حزب او شخصية سياسية...المواطن يتوقع الفشل ويتوقع اكثر غياب شمس الديمقراطية تماما عن هذه الانتخابات واجرائها في كسوف تام لأن الكسوف يعني الظلام وتحت جنح الظلام ستتم الصفقات المشبوهة والتزوير وشراء الذمم وبعد ان تنتهي دوامة الانتخابات سنصحو على فترة حكم جديدة لمن سيتمكن من إخفاء شمس الديمقراطية اكثر من غيره فمن سيطبقها كما هي لن يجني أصواتاً تذكر وسترجح الكفة لمن يعيد للدكتاتورية والحزب الواحد مجدهما التليد فـ ( الديمقراطية لاتليق بالعراقيين بل أنهم يحتاجون الى حاكم قوي يكمم جميع الأفواه ويصرخ وحده ليرعب الآخرين بزئيره ) كما يرى بعض الذين يترحمون على زمن الدكتاتورية باعتباره افضل من هذا الزمن ( الديمقراطي ) ..
ليس هناك اجمل من الديمقراطية لو وجدت من يطبقها بإنصاف وحب للوطن والشعب أما الذين حملوا لواءها بعد التغيير ثم كشفوا عن وجوههم ونواياهم الحقيقية في التكالب على السلطة لنيل مكاسب شخصية لهم ولأحزابهم فقط فسيحصلون على السلطة بأساليبهم الخاصة لكنهم لن يكسبوا حب الناس او احترامهم أبداً ..
وطن....الحزب الواحد
[post-views]
نشر في: 1 نوفمبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
أبو همس الأسدي
إن ثمرة الديمقراطية أجمل ما فيها !! وهي تثمر فقط حينما تجد من يدافع ويستبسل ويضحي من أجل تطبيقها كنظام حكم واسلوب حياة أكثر رقي وتطور وأكثر إستجابة لنحقيق العدالة الاجتماعية