الجدل الكوميدي الدائر في أروقة البرلمان ومن على شاشات الفضائيات حول جنّة العراقيين الموعودة والتي أُطلق عليها تبركاً وتيمناً اسم"البنى التحتية"يجب أن يتوقف، ليحل بدلاً عنه حوار حقيقي حول المتسبب في ضياع مئات المليارات من أموال الشعب في مناقصات وهمية ومشاريع لم تر النور، علينا أن نتساءل: كم مشروعاً وضع له المالكي حجر الأساس، ثم تبين أن الأمر مجرد فصل من مسرحية كوميدية لن تنتهي، كم مرة سمعنا من رئيس مجلس الوزراء بأن هذا العام هو عام الاستثمار، من ينسى المالكي وهو يبشر عام 2010 بنظرية جديدة قال في مقدمتها:"إن عملية الإعمار لا تتم عن طريق المال والمشاريع لأن ذلك وحده لا يأتي بالشركات اذا لم تكن هناك إجراءات وظروف ملائمة للاستثمار"، ولم يطلب احد من المالكي أن يخرج على الناس في خطاب مسجل ليقول وبالحرف الواحد إن عام 2008 سيكون عام الإعمار وسوف تتحرك عجلة الإعمار فعلا"، ومن اجبر المالكي ليقول عام 2011 هذه الجملة المحيرة:"حصلنا على موافقات دولية لتحقيق المشاريع والدولة ستتكفل بذلك".
حكايات كثيرة يضمها ملف السيد المالكي للإعمار والاستثمار، ففي كل عام نسمع الإسطوانة نفسها وهي تردد ذات النغمة"هذا عام الإعمار"لنكتشف في النهاية كم مشروعاً دفن تحت ركام التصريحات والخطب النارية، ودعوني اسأل المقربين من رئيس الوزراء كم مرة شاهدكم فيها الناس وانتم فرحون وممتلئون سروراً وسعادةً تلتفون حول المالكي وهو يضع الأساس لمشاريع في الهواء؟ كم مرة حاولتم أن تشوشوا على عقول العراقيين بجمل وكلمات وأرقام صماء عن السعادة التي تنتظرهم لو تم التصويت على قانون البنى التحتية؟، بالطبع الذي يتحمل هذا التشويش على عقول الناس، هو رئيس مجلس الوزراء شخصياً ومعه ائتلاف دولة القانون لأنهم"هم" وليس غيرهم من تبرع بالإعلان عن تعهداته بحل مشاكل الخدمات والسكن والصحة والتعليم ، فقط لو سمحت الظروف بولاية ثانية.. ثم تحول الأمر إلى السعي إلى ولاية ثالثة.
المواطن البسيط لا يشغله الصراع الدرامي الدائر بين فريق دولة القانون، وفريق المعارضين للبنى التحتية، فهذا المواطن غير مشغول بالمليارات التي يطلبها المالكي لكي يجعل"العراق مثل طوكيو".
دعونا نفترض ان المالكي وحكومته، ومعهم المقربون استطاعوا ان يمرروا قانون البنى التحتية، وقرروا ان يبدأوا مسيرة الإعمار، فهل تعتقدون ان مشاكل العراق ستختفي بغمضة عين؟
المؤكد أن الإجابة بالنفي، والسبب أن رئيس مجلس الوزراء حين اعتلى المنصة عام 2008 ليعلن بدء مسيرة الإعمار، أهدر ومعه وزراؤه ثماني سنوات من عمر العراقيين ومعها مبالغ تجاوزت الـ 450 مليار دولار هي قيمة الميزانيات التي خصصت منذ عام الإعمار 2008 ، وحتى عام البنى التحتية 2012، وأضيفت لهذا المبلغ 120 ملياراً هي ميزانية عام 2013 ولم تُحل مشاكل السكن والماء والصرف الصحي والتعليم والصحة والأهم مشكلة"القمامة".
في كل مرة اسمع فيها رئيس الوزراء يزداد يقيني، بان الرجل لا يعرف ما هو التحدي الحقيقي الذي يواجه الحكومة ، فالقضية لا تتعلق بمعارك النواب، ولا بصولات مقربي المالكي ، القضية تتلخص في غياب العدل الاجتماعي، وتوحش منظومة الفساد، فالذين يصرخون في البرلمان ، ومن على شاشات الفضائيات ويرتدون مسوح المسكين هم من هرّب أموال البلاد، ومن حوَّلَ مؤسسات الدولة إلى شركات خاصة بعوائلهم وأقاربهم، ويسعون في كل يوم الى تسجيل الوطن بـ"الطابو"باسم ائتلاف دولة القانون.
مرت عشر سنوات ولم نرَ ملامح عهد جديد بين المسؤول والمواطن، ولا تغيير في عقلية المسؤول وطريقة تفكيره، فلا يزال المالكي يعتقد انه يعيش عصر الزعماء الملهمين، فيما الناس تريد ان تعيش عصر المسؤول الموظف،الذي تستطيع مساءلته إن اخطأ، وتحاسبه ان تجبَّر وطغى، فقد انتهى عصر الزعماء الذين يعرفون أي شيء وكل شيء ، ابتداء من حكايات"سوبرمان" وانتهاء بقوانين الأحوال الشخصية.
مسرحية البنى التحتية !!
[post-views]
نشر في: 1 نوفمبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 2
المدقق
اتحداك ايها الكويتب الصغير ان تقدم ولو دليلا واحدا على فساد المالكي .. وفي المقابل انا مستعد ان اقدم اكثر من دليل على فساد اعضاء معظم الكتل البرلمانية الذين يملؤون الفضائيات بالانشاء والكلام الغير صادق حول ملفات فساد على المالكي .. بالاضافة الى ذلك فانتم
معلق رياضي
تعليقا عل تعليق المدقق , على ما يبدو ان الساسة متابعين ل افلام عادل امام وبالذات فلم طيور الظلام , هذه المرة الاولى التي اعلق فيها , اوافقك الراي الرجل ليس ب مرتشي او لص , ولكن ماذا عن الحاشيةوالمقربون وازلام النظام الجديد , فليكن الكلام منصفا للجميع , لم