TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الحس الآدمي

الحس الآدمي

نشر في: 3 نوفمبر, 2013: 09:01 م

منذ دخولي بريطانيا قبل ثلاثين عاما أشغلني مصطلح يستخدمه البريطانيون بكثرة ومررت عليه. انه common sense. ببساطة عرفت ما الذي يعنيه عندهم لكني لحد البارحة لم انجح في إيجاد ترجمة عربية، او عراقية، له.
بالمناسبة ان اللهجة الشعبية العراقية تعينني كثيرا في ترجمة بعض المفردات والمصطلحات التي يصعب علي إيجاد مرادف لها بالعربية يحدد أطرها الاجتماعية والنفسية، مثل كلمة "بلودي" bloody. فلو بحثتم عنها في القاموس او في موقع "جوجل" للترجمة ستجدونها تعني "دموي". في الحقيقة انها ليست كذلك. فلو جاءتك إنكليزية تعتذر لأنها تأخرت عليك وتقول لك ان السبب كان بفعل: my bloody car، فلا تقصد أبدا ان سيارتها دموية. ورغم ان مثل هذه في الأفلام، مضبوطة الترجمة، قد تترجم الى "ملعونة" إلا اني بصراحة أجدها أعمق من ذلك بكثير. انتهيت الى ان افضل ترجمة لها ان الإنكليزية المتـأخرة عن الموعد تقصد ان السبب يعود لسيارتها "الطايحة الحظ"، حاشاكم.
أما مصطلح "الكومون سنس" فاغلب الترجمات تقول انه يعني "الفطرة السليمة" او "الحس العام" كما ترجمه حرفيا النفساني العراقي الجليل فخري الدباغ. مشكلتي اني أرى ما يمر به العراق من مصائب وكوارث من زمن صدام حسين الى اليوم هو فقدان او ضعف هذا الذي يسمونه "الحس العام". لكني أرى ان ترجمته هكذا بعيدة كل البعد عما يعنيه البريطانيون عندما يرددونه.
البارحة ومن خلال رد للقارئة "أم مهدي" على عمودي ليوم أمس مرت على شيء اسمته "الحس الآدمي". بارك الله بك أيتها الأخت الطيبة فهذه هي والله الترجمة الصحيحة. ليس للمصطلح، الذي ابحث عن ترجمة صحيحة له من زمن بعيد، بل وترجمة دقيقة لما هي عليه حال العراق والعراقيين الآن.
أليس فقدان "الحس الآدمي" هو من يقف وراء قتل وجرح قرابة 3 آلاف آدمي عراقي والحكومة لا تحس؟ بماذا تصف لي أيها القارئ العراقي موظفا يرمي حظك العاثر معاملتك بين يديه دون غيره ويظل يعذبك؟ لا يحلها ولا يحيلها الى غيره؟ وجهه يمطر سما وأذناه مورشة من الغباء لا يفقه قولا ولا عملا؟ بربك هل تشم في هذا الذي ابتلاك الله به اي ذرة من رائحة "الحس الآدمي"؟
وهاي هم تهون يزوبع كما يقولون، لكن ما بصركم بالذي وقعت "معاملة" العراق الأمنية والخدمية والسياسية بيديه وحده وقد قفّل المجر عليها ولا يهدها ولا تهده؟
أما من "حس آدمي" نشتريه
فهذا العيش ما لا خير فيه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram