TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > هناك عرض أفضل..العرض النووي الإيراني ليس جيدا بما يكفي

هناك عرض أفضل..العرض النووي الإيراني ليس جيدا بما يكفي

نشر في: 3 نوفمبر, 2013: 09:01 م

 زلماي خليل زاد تهدف المبادرات الإيرانية الأخيرة الى تخفيف قبضة العقوبات و تسهيل إعادة انخراط طهران بالمجتمع الدولي . هل طهران مستعدة لتقديم تنازلات خطيرة ؟ هل هناك خيارات للتوصل الى تسوية معقولة يمكن ان تلبي الخطوط الحمراء الإيرانية و الأميركية ؟ ل

 زلماي خليل زاد
تهدف المبادرات الإيرانية الأخيرة الى تخفيف قبضة العقوبات و تسهيل إعادة انخراط طهران بالمجتمع الدولي . هل طهران مستعدة لتقديم تنازلات خطيرة ؟ هل هناك خيارات للتوصل الى تسوية معقولة يمكن ان تلبي الخطوط الحمراء الإيرانية و الأميركية ؟
لقد تسببت العقوبات في عزل ايران عن أسواق الطاقة و عن النظام المالي العالمي ، حيث هبطت صادرات النفط – التي تشكل ما يقرب من نصف ايرادات ايران – الى حوالي 60% منذ عام 2011 . يكافح الإيرانيون من أجل إجراء المعاملات المالية الروتينية، كتأمين خطابات الاعتماد .
في تصريحاتهم العلنية، يدّعي القادة الإيرانيون بان إحراز المزيد من التقدم في البرنامج النووي ستكون له آثار عكسية . بالرغم من الاضطرابات في سوريا، فان النظام يصر على انه في موقف إقليمي قوي.

لقد حققت ايران قدرات أولية أساسية في برنامجها النووي ، و تتمتع بتفوق عسكري تقليدي و غير تقليدي على العديد من القوى الإقليمية الأخرى . يقر قادة ايران بان المضي بعيدا في مسار التخصيب يمكن ان يحفز المنافسين مثل المملكة العربية السعودية و تركيا على تكثيف برامجها النووية الخاصة بها . كما ان طهران لا تستبعد احتمال فرض المزيد من العقوبات، ناهيك عن الضربة العسكرية الأميركية أو الإسرائيلية . هذه التصريحات مشجعة، على افتراض انها تعكس الحسابات الستراتيجية الحقيقية للنظام .
بالإضافة، فان القادة الإيرانيين يستخدمون لهجة معتدلة داخل بلدهم، حيث أيد القائد الأعلى آية الله خامنئي نهج " مرونة البطل ". قادة ايران يستلهمون من الإمام الحسن، الذي قبل بحكم معاوية من أجل السلام في العالم الإسلامي. على هذا الأساس، فان النظام يهيئ المؤسسة الدينية للتسوية و المصالحة . لو كانت تصريحات ايران الاسترضائية تعكس تغييرا حقيقيا في النهج ، فربما يكون السخط المحلي هو العامل الأكثر أهمية الذي يؤثر على السيد خامنئي. قطاع واسع من الجماهير الإيرانية، خاصة جيل الشباب، تدعم إعادة  اندماج ايران بالعالم . مع ان المحادثات مع الغرب تخاطر برد فعل عنيف من العناصر المتشددة فان المزيد من العزلة يمكن ان تولّد ضغطا أكبر لأجل التغيير.
السيد  روحاني معروف بكونه معتدلا و بعلاقته الوثيقة بخامنئي . هذا الرئيس الذي عمل ممثلا للقائد الأعلى في مجلس الأمن الوطني ، قد يتحاشى مصير سلفه البراغماتي الذي تقوضت مبادراته الدبلوماسية حول القضية النووية على يد خامنئي و حلفائه المتشددين . رغم الكلام البليغ، فان الصفقة التي تتبعها طهران لن تخفف من المخاوف الأميركية . من غير ان تصبح دولة نووية رسمية، فان ايران تسعى لأن تكون لديها القدرة على إنتاج عدد كبير من الأسلحة النووية خلال فترة قصيرة.
خلال تواصله مع خبراء السياسة الأمريكان في نيويورك، أكد روحاني بان حاجة محطات الطاقة النووية المدنية الى الوقود هي التي يجب ان تقرر حجم طاقة التخصيب الإيرانية. كما لم يوافق النظام على شحن الوقود النووي المخصب الى روسيا . تطالب ايران بحقها في الإنتاج الصناعي لليورانيوم المخصب فضلا عن مخزون اليورانيوم المخصب جزئيا – قدرة تخصيب على المستوى الصناعي يمكنها إخفاء تطوير ما يكفي من المواد المخصبة للترسانة النووية .
السماح لطهران بالإبقاء على اليورانيوم منخفض و متوسط التخصيب سوف يحدد توقيت الإنذار الذي يتخذه المجتمع الدولي ردا على الخرق الإيراني . حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، فقد كانت ايران في منتصف آب تمتلك مخزونا يبلغ 6,774 كيلوغرام من غاز اليورانيوم منخفض التخصيب ، و 186 كيلو غرام من غاز اليورانيوم متوسط التخصيب ، و ما يعادل 187 كيلو غرام من غاز اليورانيوم متوسط التخصيب المحفوظ بشكل أوكسيد . مع ذلك، فان احتمال التوصل الى اتفاق معقول أكثر مهما كان صغيرا يسوّغ ان تأخذ  المفاوضات مسارين .
التحدي المباشر هو ضمان عدم قيام ايران برفع قدراتها النووية خلال فترة التفاوض. يجب ان تتمسك واشنطن بنهج العقوبات الحالية ما لم يتحقق المفتشون من ان طهران قد جمّدت برنامجها النووي . التجميد المؤكد يمكن ان يفتح الباب أمام صفقة تواجه ثلاث قضايا جوهرية : تخصيب ايران لليورانيوم ، محطة المياه الثقيلة في آراك ، و قبول ايران بنظام تحقّق .
مع انتهاكات ايران لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية و لمختلف قوانين مجلس الأمن الدولي ، فان أية صفقة شاملة يجب ان تجبر ايران على وقف كافة أعمال التخصيب . عقد العشر سنوات مع روسيا سيوفر ما يكفي من الوقود لمحطة الطاقة النووية الوحيد في البلاد في بوشهر . حتى لو استمرت ايران بخطط بناء المزيد من محطات الطاقة النووية فلن تتمكن من القيام بذلك على مدى عقد آخر من الزمن.
مع ذلك فان الإصرار على عدم التخصيب نهائيا قد يسبب فشل المحادثات بلا موجب ، فالمصالح الأميركية الأساسية يمكن ضمانها من خلال اتفاق تسوية تشحن من خلاله ايران مخزونها من اليورانيوم المنضب الى خارج البلاد و تجمّد العمل في مرافق التخصيب الحالية . يمكن للمجتمع الدولي ان يعترف بحق ايران في التخصيب، و مقابل ذلك تتخلى ايران عن التخصيب حتى يقرر المجتمع الدولي بان التخصيب هو الخيار الوحيد المتوفر لدعم محطات الطاقة المدنية الإيرانية اقتصاديا .
بناءً على التوقعات الحالية، فان ذلك لن يحصل على مدى اكثر من عقد . و حتى حينها فمن المرجح ان تظل الواردات مصدرا للوقود أرخص من التخصيب المحلي . ستقوم وكالة الطاقة الدولية بتقدير وضع محطات الطاقة المدنية الإيرانية،  و ستكون إعادة فتح مرافق التخصيب خاضعة لموافقة المجتمع الدولي . التسوية وفق هذه الخطوط العريضة ستجعل الولايات المتحدة في موقف أفضل ، لكنه سيستلزم بعض المخاطر أيضا . اذا ما تراجعت ايران و فتحت مرافق التخصيب و خرقت نظام الحد من انتشار الأسلحة النووية، فسيكون لدى طهران بنية تحتية كبيرة للتخصيب . و سيكون على المجتمع الدولي ان يتصرف بشكل حاسم ردا على انتهاك ايران للاتفاق .
الخيار الثالث ربما يكون اكثر قبولا من ايران و مخاطره اقل على الولايات المتحدة . يمكن لإيران ان تحتفظ بقدرة محدودة على التخصيب ، لكنها قدرة يمكن ان تعطي الوقت الكافي للانذار – سنتين على الأقل – في حال قررت ايران التخصيب سعيا وراء القنبلة النووية . فترة سنتين يمكن ان توفر الوقت الكافي للولايات المتحدة لإعادة فرض عقوبات او اللجوء الى العمل العسكري .  يمكن للولايات المتحدة ان تعرض خيارا على ايران ، حيث يمكن لإيران شحن كامل مخزونها من غاز اليورانيوم المنضب و الأوكسيد الى بلد ثالث و تحتفظ بحوالي 2,500  من منظومات أجهزة الطرد المركزي  - آي آر 1 الأقل تقدما  و من الجيل الأول . مثل هذا الاتفاق سيتطلب من ايران تدمير اعداد كبيرة من أجهزة الطرد المركزي 15,500 آي آر 1 و اكثر من الف اخرى من أجهزة الطرد آي آر 2م التي نصبتها أصلا . هذا سيعني ان قدرة ايران المتبقية ستحتاج الى سنتين، بدءا باليورانيوم الطبيعي، لتخصيب ما يكفي من الوقود لصنع القنبلة . كبديل لذلك، يمكن لإيران ان تحتفظ ببعض مخزونها الحالي في بلادها لكن تحتفظ بعدد قليل من اجهزة الطرد مع عدد محدد يكفي للإنذار في حالة أي خرق ممكن .
السماح لإيران بالاحتفاظ بإمدادات سنة واحدة من قضبان الوقود الاصطناعية لمحطة بوشهر سيخفف قلقها  بشأن أمن الطاقة . تحويل وقود المفاعل الى مواد لصنع القنبلة تعتبر عملية معقدة ، يمكن كشفها بسهولة من قبل المفتشين، و من شأنها ان توفر الوقت الكافي للإنذار في حالة محاولة الخرق.  مع ان قضية التخصيب تسمح ببعض المرونة ، فيجب على المجتمع الدولي الإصرار على قيام ايران بتفكيك محطة المياه الثقيلة في آراك، حيث اذا ما اشتغلت المحطة في 2014 كما مخطط لها، فستتمكن ايران من إعادة معالجة البلوتونيوم الذي يشكل جوهر السلاح النووي . ان القضاء على منشأة آراك ضروري لحرمان طهران من المسلك البديل لمواد صنع الأسلحة . أخيرا ، تحتاج الصفقة الشاملة الى تعاون طهران مع نظام التفتيش الشامل. على ايران ان توقّع بروتوكولا مضافا  لمعاهدة الحد من الأسلحة النووية و القانون المعدل 3.1 من القسم العام للترتيبات الفرعية لاتفاقية الضمان الإيرانية، و التي ستمكّن وكالة الطاقة الدولية من إنجاز المسائلة الكاملة عن البرنامج النووي و القدرات و المنشآت في ايران .
يجب ان يرضخ النظام للتفتيش في أي مكان و أي وقت ، و ان يمنح المفتشين حق الوصول الى جميع المنشآت  العسكرية و الأفراد الرئيسيين . بموجب هذه الشروط فقط يمكن لعمليات التفتيش مراقبة المنشآت النووية المخفية . عمليات التفتيش الاقتحامية ستعاقب ايران على مخالفتها معاهدة حظر الانتشار النووي و مجلس الأمن ، و بالتالي ردع من يحاول مخالفة هذه المعاهدة .
يمكن للمجتمع الدولي ان يرد بالمقابل من خلال رفع العقوبات الأكثر إرهاقا - التي تحد من وصول ايران الى أسواق النفط و المنظومة المالية العالمية . أما العقوبات الأخرى فتبقى على وضعها لمواجهة تجاوزات النظام في مجال  الإرهاب، و التدخل الإقليمي و حقوق الأنسان .
هذه الصفقة ستستلزم تكاليف على كلا الجانبين . سيتم القضاء على قدرات ايران الحالية ، الا ان نظام حظر الانتشار النووي سيضعف، و سيبقى تهديد الخرق الإيراني ، و ستحتفظ معاهدة حظر الانتشار النووي بقدرة التخصيب . مع ذلك فمثل هذا الاتفاق سيحفظ المصالح المهمة لكلا الطرفين و يتجنب الصراع العسكري. و سيسمح لإيران ببرنامج طاقة نووية مدني بالإضافة الى حل يحفظ ماء الوجه في المطالبة بالقدرة على تخصيب اليورانيوم. و سيكون للمجتمع الدولي فترة إنذار كافية بين قرار طهران في التراجع عن الاتفاق و بين قدرة النظام على بناء سلاح نووي ، حيث ان عليها طرد المفتشين و إعادة تركيب قدرة التخصيب ، و البدء بالتخصيب اما من اليورانيوم الطبيعي او من مخزون ناقص من المواد المخصبة جزئيا.
قد تسعى ايران الى الخداع و التلاعب و تقسيم المجتمع الدولي ، لكن لازال هناك مجال محدود لاختبار طهران دون رفع العقوبات الحالية او تصعيد الصراع . بعد ان انخرطت واشنطن و قدمت خيارات معقولة من أجل التسوية ، فإنها ستكون في موقف أقوى للحفاظ على نهجها الحالي و اتخاذ تدابير اكثر صرامة اذا ما لزم الأمر .

 ترجمة عبدالخالق علي
عن : ناشنال انتريست

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

السحب المطرية تستعد لاقتحام العراق والأنواء تحذّر

استدعاء قائد حشد الأنبار للتحقيق بالتسجيلات الصوتية المسربة

تقرير فرنسي يتحدث عن مصير الحشد الشعبي و"إصرار إيراني" مقابل رسالة ترامب

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

إيران تعتزم تسويق نفطها لشرق آسيا بـ"هوية عراقية"

مخاوف من تكرار سيناريو كورونا بعد تفشي فيروس "ميتانيموفيروس"

انفجارات تهز دمشق

إيران في رسالة للسوداني: لا نتحفظ على أي قرار يخص مستقبل الحشد

تظاهرة للمتقاعدين في إيران احتجاجاً على سوء الأوضاع الاقتصادية

مقالات ذات صلة

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

متابعة/ المدى أعلنت السلطات الأمريكية، اليوم الجمعة، عن إصدار أوامر إخلاء لنحو 153 ألف شخص في لوس انجلوس جراء الحرائق. وذكرت السلطات، أن "هناك أوامر بإخلاء نحو 153ألف شخص في لوس انجلوس جراء الحرائق، فيما...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram