انتهت زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى واشنطن، بغير ما كان يرغب بتحقيقه، حيث شدّد الرئيس الأميركي على أن بلاده تريد عراقاً جامعاً وديمقراطياً ومزدهراً، لا يُقصى فيه أحد وخالياً من العنف، وبما يعني أنه واثق من أن العراق ليس كذلك، وطالب ضيفه بالعمل على إقرار قانون للانتخابات ليستطيع العراقيون مناقشة خلافاتهم سياسيًا، بدلا من اللجوء للعنف، في حين تجاهل المالكي كل ذلك، وسلّط الضوء على أن مباحثاته مع أوباما، تركّزت على التعاون في مكافحة الإرهاب ومناقشة الأزمة السورية، وعلى ما وصفه بتطابق وجهات نظره وأوباما، حول ضرورة وجود حل سياسي للأزمة السياسية المُحتدمة في العراق.
لم ينجح المالكي في إبرام عقود التسلح التي كان يتمنى إبرامها، مُبرراً الحاجة إليها لمكافحة الإرهاب، لكنه حاول تبرير ذلك بأنها أسلحة استراتيجية تحتاج لوقت طويل، في حين دعا أوباما لإقناع الكونغرس بتمرير هذه الصفقات، لثقته برفضهم لتبرير الحاجة إليها، لمواجهة ما يصفه بالتحديات الأمنية، التي تحتاج عندهم إلى معالجة سياسية بعيدة عن سياسات المالكي، المعتمدة على التفرد والإقصاء والتهميش، صحيح أن البيت الأبيض يعتقد أن استمرار المساعدات للعراق ضروري، وأن وقف تلك المساعدات سيتعارض مع المصالح الأميركية، لكنه صحيح أيضاً أن أعضاء في الكونكرس، يُحمّلون سياسات المالكي المسؤولية عن تصاعد العنف، ويطالبون بالضغط عليه لوضع استراتيجية لتحقيق الاستقرار في العراق.
لا يساورنا الشك برغبة الأميركيين في الإدارة والكونجرس بدعم العراق لمواجهة تنظيم القاعدة، ولكن على قاعدة أن تكون فيه حكومة ديمقراطية، وأن تسود فيه قناعة بتداول السلطة خارج إطار "ما ننطيها"، وأن تتوقف لعبة الإقصاء والتهميش، والتهديد بكشف ملفات فساد، من حكومة يتم تصنيفها عالمياً على أنها من أوائل الدول المغرقة في الفساد، المحمي من قبل سلطاته التنفيذية، العاجزة رغم إمكاناتها المادية الهائلة، وبسبب انصرافها إلى مناورات سياسية للبقاء في السلطة، عن التصدي لموجة العنف التي تحصد يومياً أرواح العشرات والمئات من الأبرياء العراقيين، ووصلت ذروتها الشهر الماضي، حين قارب عدد ضحاياها الثلاثة آلاف بين قتيل وجريح، ما يستدعي أن يتخذ القادة العراقيون معاً خطوات جريئة وضرورية، لوضع حد للفوضى القائمة، وإفشال محاولات الإرهابيين لتدمير اللحمة الاجتماعية للمجتمع العراقي.
عشية سفره إلى واشنطن، حاول المالكي القفز عن حقيقة الواقع الراهن في بلاد الرافدين، فنفى أن بلاده تعاني صراعات طائفية، بين السنة والشيعة أو الكرد، وكعادته حمّل الإرهابيين مسؤولية العنف الذي يجتاح البلاد، ومحاولتهم عرقلة الطريق أمام العراق للخروج من زمن ديكتاتورية صدام، على اعتبار أن الديمقراطية هي السائدة اليوم، كما حاول التنصل من مسؤولية حكومته عما يجري، ورغبتها بالتعاون مع المجتمع الدولي، بالدعوة إلى مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب، وإلى حرب عالمية ثالثة ضد أولئك الذين يقتلون شعبه ويريدون سفك الدماء، مع أنه يعرف تماماً أن الأزمة الناجمة عن سياسات حكومته، الداخلية والخارجية على حد سواء، والفساد الضارب في كل مفاصل الدولة، سبب رئيس في تصاعد أعمال العنف، ولا ننكر أن للقاعدة دوراً في هذا، لكن من الواجب التذكير بالتواطؤ الذي سمح لقادتها بالفرار من سجن أبو غريب، لتتصاعد بعد ذلك موجة الإرهاب التي تجتاح البلاد.
بماذا يعود المالكي من واشنطن؟، سؤال سنعرف الإجابة عليه مع نتائج الانتخابات المقبلة، هذا إن جرت في موعدها.
ماذا يحمل المالكي من واشنطن
[post-views]
نشر في: 3 نوفمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
استاذ حازم اريد ان اختصر ان من ادخل القاعدة الى العراق هم الامريكان وباعتراف امريكي ثم وكيف لايساورك الشك ان الامريكان يريدون مساعدة العراق بمقاتلة القاعدة وهي التي تدعم القاعدة علنا في سورية واما قولك ان ابو حمودي القفز على حقيقة الواقع فنفى ان العراق يع