بعد مغادرة المبعوث الأُممي الأخضر الإبراهيمي، عقب جولة انتهت في بيروت، ودون أن يمر بالرياض، تداعى وزراء الخارجية العرب للاجتماع في الجامعة العربية، لمناقشة تطورات الأوضاع بسوريا، في ضوء مساعي الإبراهيمي التي يجب القول إنها تواجه بالصد والتشكيك في أكثر من موقع، أبرزها دمشق ومعارضي الأسد، ويبدو واضحاً أن المجتمعين في القاهرة يُطعمون أنفسهم جوزاً فارغاً، وهم يناقشون شؤون جنيف الثاني، مع إدراكهم أن أي قرار بخصوص انعقاده، أو تأجيله أو جدول أعماله ومن سيحضره، وحتى نتائجه، ليس من اختصاصهم، ولا رأي لهم فيها، وأن عواصم القرار المؤثر في المؤتمر العتيد، تتعامل معهم كديكور مُكمّل، لغايات التقاط الصور ليس أكثر.
فتح الله على أمين عام الجامعة، وأنار بصيرته قبل الاجتماع، ليقول إنه لن يكون ممكناً الحديث عن موعد محدد لمؤتمر جنيف الثاني، قبل اجتماع الإبراهيمي بعد يومين في جنيف، مع مسؤولين أميركيين وروس ودول أخرى دائمة العضوية بمجلس الأمن، وليس من بين هؤلاء أي عربي، وبما يؤكد أنه ليس للعرب أي دور محتمل في المؤتمر، وأن وظيفتهم تنفيذية بالكامل، بعد أن عجزوا طوال ما يقرب من ثلاث سنوات، عن التأثير بأي شكل في مسار الأزمة السورية، رغم أن بعض عواصمهم أنفقت مليارات الدولارات، ليكون لها موقع مؤثر في بلاد الشام، وليس سراً أنه حتى المعني مباشرة بالمؤتمر ونتائجه، نعني النظام السوري ومن يعارضه، لايملكون غير تنفيذ قرارات من يدعمهم، سواء في موسكو وطهران أو العواصم الغربية.
يعرف المجتمعون في القاهرة أن الوظيفة الأساس لاجتماعهم، هي إصدار قرارات تدعم الحل السياسي، " أي مؤتمر جنيف" حتى قبل انعقاده، وأنه لذلك يواصل الأمين العام للجامعة اتصالاته مع الإبراهيمي، وبان كيمون الأمين العام للأمم المتحدة، وعدد من الأطراف المعنية بالأزمة، للتشاور حول صيغة الدعم العربي المطلوب "أو المفروض" في وقت تتباين فيه آراء المعارضين حول الحضور، فبينما أبلغ الائتلاف الوطني أمين عام الجامعة استعداده لإرسال ممثلين عنه إلى المؤتمر، شريطة أن يقرر المؤتمر مصير الرئيس الأسد، وطالب بتدخل الأمم المتحدة رسمياً لوقف المجازر، وتطبيق الفصل السابع من ميثاقها على من ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية من المنتسبين للنظام السوري، فان المجلس الوطني المعارض يؤكد أن الموقف النهائي للمعارضة من المشاركة في المؤتمر، سيتحدّد بناء على اجتماع تعقده الهيئة العامة للائتلاف، يومي 9 و10 من الشهر الجاري.
ترى هل بمقدور المجتمعين في القاهرة مناقشة جولة الإبراهيمي، التي استثنت الرياض وهي لاعب رئيس في الأزمة، بعض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا مع دورها، وتغييبه جهة النظر السعودية تماماً، والقيام بدلاً من ذلك بزيارة مسقط القريبة من توجهات طهران، والتي لم نسمع لها صوتاً ، وهل يمكن القول في أروقة الجامعة، إن الجولة وجنيف يستهدفان معاً إعادة تأهيل النظام السوري، لأغراض سياسية وديبلوماسية، تتعلق بالمصالح الأميركية والروسية، خصوصاً بعد الانتقادات غير المسبوقة، التي وجهها الموفد الدولي "المحايد" للمعارضة، ومطالبتها بأن تقنعه بأنها معارضة، وهل بمقدور المجتمعين البحث فيما اذا كان الإبراهيمي مجرد وسيط لتسويق تفاهم موسكو وواشنطن، وليس موفداً من أجل حل للصراع في سوريا، على قاعدة بيان جنيف الأول، وبما يعني عملياً قيامه بدور الغطاء لاستمرار عمليات إبادة السوريين.
إذن لماذا يجتمعون؟؟
لماذا يجتمع الوزراء العرب؟
[post-views]
نشر في: 5 نوفمبر, 2013: 09:01 م