تفعل خيراً قيادة عمليات بغداد ببث مقاطع من اعترافات إرهابيين ومجرمين عتاة يجري القبض عليهم بعد تنفيذ جرائمهم في الغالب وقبله في بعض الاحيان، فمن شأن هذا تعزيز الثقة بالقوات الأمنية وعملها وبإمكانية دحر الارهاب والجريمة المنظمة.
لكن الملاحظ ان عمل قيادة عمليات بغداد على هذا الصعيد لا يتم بالأسلوب الناجع لتحقيق الاهداف المبتغاة، فبث الاعترافات أو مقاطع منها يجري بطريقة غير منظمة، ولا يُوجه بما يُفيد الناس في معرفة كيف يعمل الإرهابيون والمجرمون العاديون منذ بدء التخطيط لعملياتهم حتى تنفيذها، وما هي أساليبهم ووسائلهم.
من البرامج التلفزيونية التي يُقبل الناس في بريطانيا على مشاهدتها برنامج "كرايم ووتش" (مراقبة الجريمة) الذي تقدمه القناة الاولى لتلفزيون (بي بي سي) أسبوعياً. وهو يعرض في كل مرة وقائع إحدى الجرائم، متقصياً ظروفها وأسلوب تنفيذها. ويتضمن البرنامج مقاطع تمثيلية ومقابلات مع اختصاصيين في مجالات مختلفة. والهدف تنبيه أفراد الجمهور وتوسيع أفق تفكيرهم ورفع يقظتهم كيما يتخذوا الاحتياطات لتفادي أن يصبحوا، وعموم المجتمع، ضحايا للجرائم.
العمل الذي تقوم به قيادة عمليات بغداد، على صعيد بث الاعترافات بين حين وآخر، مهم لكنه ناقص. الإرهابيون وسائر المجرمين يعملون وسط الناس وينفّذون جرائمهم بينهم، مستغلين غفلة الناس وعدم خبرتهم بأساليب المجرمين ووسائلهم.
من المهم أن نعرف كيف تشتري الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة الأسلحة والسيارات التي تُستخدم في تنفيذ الجرائم، وكيف تستأجر البيوت لتحولها الى اوكار لها، وكيف تتمكن من التأثير على منفذي العمليات وإقناعهم بارتكاب الجرائم، وما الى ذلك من التفاصيل التي اذا ما اطّلع عليها الناس لاستطاعوا أن يعينوا الاجهزة الامنية في الكشف عن الإرهابيين والمجرمين العاديين ومخططاتهم قبل تنفيذها.
هذا العمل لا تستطيع قيادة عمليات بغداد وسائر القيادات العسكرية والامنية القيام به لوحدها. انه يتطلب تعاوناً وثيقاً بين هذه القيادات والسلطة القضائية من جهة ووسائل الاعلام من الجهة الأخرى لإعداد البرامج التلفزيونية والإذاعية والتحقيقات والمقابلات الصحفية. ويستلزم هذا بالضرورة تمكين الإعلاميين من الحصول على المعلومات اللازمة، بما في ذلك مقابلة الإرهابيين والمجرمين ورجال الأمن وزيارة مسارح الجريمة.
افترض ان قناة "العراقية" يمكنها أن تُعدّ برنامجاً على غرار "كرايم ووتش" البريطاني، وأظن انه سيلقى اهتماماً واسعاً من الجمهور، فالأمر يتعلق بأهم احتياجاتهم، الأمن، الذي لم يزل مفتقداً على نحو غير معقول، ويتعلق بأكبر المخاطر التي تتهدد حياتهم وممتلكاتهم.
لابدّ من الاعتراف بأن إعلامنا لا يؤدي قسطه في مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة، وان مؤسساتنا الامنية والعسكرية لم تنجح في تحفيز الإعلام للقيام بواجبه على هذا الصعيد، فلم تزل العلاقة بين الطرفين غير حميمة.
لابدّ أن نفعل شيئاً، فقد طفح الكيل مع الإرهاب وسائر جرائم العنف.. أكرر اقتراحاً طرحته منذ أسابيع بعقد مؤتمر أمني – إعلامي للبحث في هذا الموضوع.
لابدّ أن نفعل شيئاً
[post-views]
نشر في: 5 نوفمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 2
سمير طبلة
اعتبار بث مفاطع اعترافات إرهابيين ومجرمين فعل خير من كاتب، كان من ضحايا مثل بث هذه المقاطع، يثير اكثر من استغراب. وكان ينبغي إدانة مثل هذا البث. فمن يقرّر انهم ارهابيين ومجرمين هو القضاء النزيه والعادل، وليس مقاطع اعترافات ، يعلم الله كيف انتزعت. لا
محمود هادي الجواري
على ما يبدو ان هناك ممن يستفيد في الابقاء على تكرار الجرائم .. ولنفل فعلا ان الملقى عليهم القبض تم مسكهم بالجرم المشهود وهنا لا يحتاج القاضي الا لاصدار الاحكام .. ما بالك ياأخي حسين ان منفذي الجرائم يتم اخراجهم من السجون وقبل اصدار الاحكام .العراقيون يعرف