TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "ليموزين" نقل الجرحى

"ليموزين" نقل الجرحى

نشر في: 8 نوفمبر, 2013: 09:01 م

شركة تجارية أبدت استعدادها ، وعبر إعلان نشر في صحف محلية لتجهيز الوزارات والمؤسسات الحكومية والأهلية بسيارات الليموزين ، تحتوي على ثلاجة صغيرة ، وشاشة تلفاز من نوع بلازما ، والمقصورة الخلفية بالخشب الفاخر ، إضافة الى جهاز تحكم بالكاميرات الخارجية وغيرها من الاكسسوارات ، وبحسب طلب الزبون ، طبقا لمضمون الإعلان الذي أثار دهشة واستغراب من اطلع عليه ، واستذكر الثالوث العراقي الأزلي الشهير ، الفقر والمرض والجهل ، وربما استرجع مع نفسه المثل الشعبي الموجه لحديثي النعمة ، يوم كانوا محرومين من ركب المطايا .
على الخير والبركة استخدام الليموزين في شوارع العاصمة ، وشايف خير ومستاهلها لمن اقتناها بماله الحلال ليثبت لشعوب دول المنطقة ان السيارة الأفضل والأجمل في العالم ، وصلت الى العراق ، وستخضع لنظام الزوجي والفردي ، والتفتيش الدقيق في السيطرات بغض النظر عن هوية صاحبها وموقعه ومنصبه فضلا عن نسبه وعشيرته ونفوذ حزبه .
في زمن الليموزين انطوت صفحة سوداء قديمة ، عندما كان المتنفذون ، وأبناء كبار المسؤولين يقودون سياراتهم الحديثة ، تاركين وراءهم الفولكا البعيرة والدوج ابو عليوي واللادا والركة تلهث من "الحماوة "فيما سواقها النشامى يلعنون حظهم التعس لفشلهم في قرعة الحصول على برازيلي مستوردة من قبل وزارة التجارة .
من المحتمل ان تكون وزارة النقل وبحسب المطلعين على الإعلان الجهة الرسمية الأوفر حظا في حيازة الليموزين لاستخدامها في نقل ضيوف العراق من المطار الى" القلعة الحصينة "وسط العاصمة ، وليس من المستبعد ان تسخر لنقل شخصيات عشائرية من أماكن إقامتهم الى القصر الجمهوري لمنحهم الأوسمة والأنواط ، تقديرا لشجاعتهم ومواقفهم البطولية في ملاحقة الإرهابيين والخارجين عن القانون ، بعد مرور عشرات السنين على واقعة زبون سوادي .
الواقعة بطلها المرحوم زبون عامل الخدمة في مكتب مدير عام ، تعرض لوعكة صحية فامر المدير بنقله بسيارته الخاصة الى منزله في صرايف " الميزرة " الواقعة خلف السدة ، وأثناء وقوف السيارة ونزول زبون سوادي منها انطلقت الزغاريد ، واحتشدت الجموع لتقدم التهاني لزبون لاعتقادهم بانه حصل على منصب رفيع وخصصت له سيارة لخدمته ، الرجل رد على المهنئين بالإشارات ودخل الى خرابته ، وفي منتصف تلك الليلة انطلق الصراخ لإعلان وفاة زبون سوادي ، فعزا المتعاطفون معه أسباب موته الى إصابته بالحسد .
جيران المرحوم من حساده والمتعاطفين اغلبهم سكن في مدينة الصدر الثورة سابقا ، ومن المحتمل انهم نقلوا تفاصيل الواقعة الى أبنائهم وأحفادهم ، فترسخت في أذهانهم هواجس القلق من دخول سيارة حديثة الى حيهم ، لأنها بنظرهم ستكون نذير شؤم ، وقد تنقل الليموزين ، تنفيذا لقرار جعلها في خدمة ضحايا الإرهاب ، احد أحفاد زبون سوادي الى منزله الكائن في احد قطاعات مدينة الصدر لإصابته بجروح بليغة بانفجار سيارة مفخخة استهدف أصحاب البسطيات في ساحة الطيران .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram