المتابعون للحياة الثقافية في العراق، لطالما ابدو أسفهم لتصدر الطارئين المشهد الثقافي، في حقول المسرح والتشكيل والموسيقى والسينما، والمتابعون يعاتبون ويدعون الجهات الرسمية دائما الى اعتماد اسماء معروفة بمنجزها الابداعي وحضورها في الساحة الثقافية لطرد العملة الرديئة، السائدة حاليا في الاسواق، المعروفة بقدرتها على الترويج والتلميع لصالح جهات سياسية بمزاعم حرصها على تطوير وتفعيل النشاط الثقافي.
احد الإعلاميين طرح سؤالا عن غياب "قامات المسرح" في الدفاع عن المنجز المسرحي العراقي واحترام تاريخه، وتطهيره من الطارئين، ولم يجد إجابة لسؤاله من" قامة" واحدة فاستعان بشبكة التواصل الاجتماعي ليقود حملة شخصية ايدها بعضهم وعارضها اخر حول دور "القامات" في الحد من ظاهرة يعتقد بانها ستخلف تداعيات خطيرة في مجمل الحركة الفنية بحرف مسارها الحقيقي لتصب في صالح الاخوان بالرضاعة من حليب المحاصصة العراقية.
مخرج مسرحي غاب عن الساحة منذ زمن، عرف بتبنيه العروض الهابطة اعترف لزملائه بانه منح احدهم كان يبيع الشاي في الشورجة ، مع الاحترام للمهنة دور البطولة في مسرحية استمر عرضها قرابة عام، واصبح البطل نجما كبيرا، لقدرته على اضحاك الاخرين، فنال اعجاب التجار ورجال الاعمال في زمن فرض العقوبات الاقتصادية على العراق فاستعانوا بخدماته مع "بنات الريف" لاقامة عروض وحفلات في مزارعهم الواقعة في ضواحي العاصمة.
"نجم كبير اخر" من الوزن الثقيل، حقق شهرته، بقدرته على تلقي الصفعات والراشديات من ابطال اول عرض شارك فيه بالصدفة، احتل اليوم شاشات الفضائيات بوصفه فنان الشعب، اعلن قبل ايام وعبر برنامج متلفز بان دوره في خدمة الشعب يتجسد برسم الابتسامة على ابناء الشعب وحثهم على مساعدة الاجهزة الامنية في ملاحقة عناصر" داعش" واحباط مخططاتهم الارهابية، وذكر ايضا ان دور المسرح في المرحلة الحالية يتطلب تقديم عروض في الهواء الطلق قرب السيطرات للترفيه والفرفشة، ثم شن الصولة الاستباقية للقضاء على الارهابيين والخارجين على القانون لتحقيق شعار "الفن في خدمة المعركة ".
منظرو علم الجمال والمعنيون بفلسفة الفن، ومنذ زمن فضل الكثير منهم الدرس الاكاديمي وابتعدوا عن المشاركة في اي نشاط ثقافي، لإدراكهم بأن البيئة الحالية غير مناسبة لقبول طروحاتهم، وافكارهم، لوجود من يريد استخدام الفن "رسالة سياسية بخطاب منحط"، على حد تعبير شاعر عراقي مقيم في العاصمة الاردنية عمان، لطالما تناول "الانحطاط" بمقالات وتقارير نشرها في صحيفة لندنية.
ما يعرف بالفن التعبوي بدأ يحتل حيزه في المشهد الثقافي "والقامات" عاجزة عن المواجهة، او ربما اذعنت لهذا الواقع، ولكي تستعيد صحوتها، لا بد لها في اقل تقدير ان ترفع صوتها لتحذر من انتشار الانحطاط والتخلف، ويا أصحاب "القامات" اتحدوا.
فنان" داعش"
[post-views]
نشر في: 9 نوفمبر, 2013: 09:01 م