TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اذهبوا إلى البصرة

اذهبوا إلى البصرة

نشر في: 9 نوفمبر, 2013: 09:01 م

لقد كان بإمكان إدارة ناجحة ان تدير بلدا بحجم العراق يسكنه ١٠ ملايين نسمة في النصف الاخير من القرن الماضي، غير ان ادارة نحو ٣٥ مليونا عبر ادارة مركزية وفاشلة ايضا، لن تجعلنا نصل الى نتيجة تنموية خلال السنوات العشر المقبلة. هذه حجة انصار اللامركزية في الادارة، والذين ظلوا يدعون إليها طيلة العقد المنصرم بعد ان جمدت الحكومة هذا المبدأ الذي ورد التأكيد عليه في الدستور قبل سنة من إعدام صدام حسين.
وفي حالة تفاهم نادرة، عمل النائب عن البصرة منصور التميمي (انشق عن دولة القانون مؤخرا) مع نواب متحمسين من الموصل، ومحافظات اخرى، على كتابة تشريع جديد يعدّل قانون المحافظات السابق، وفي مؤشر على احتراف نسبي جديد وتطور في أداء البرلمان، قام النواب بالاستعانة بفريق باحثين من كندا وهي ابرز النظم اللامركزية في العالم، كما نجح اطراف محور (أربيل النجف) الصيف الماضي، في تمريره داخل البرلمان، على إيقاع غاضب للشيخ خالد العطية وكتلة المالكي التي غادرت قاعة مجلس النواب وهي تتوعد بالطعن لدى الاتحادية.
التشريع باختصار، منح المحافظات حق إدارة شؤونها عبر حكوماتها المحلية المنتخبة، وتضمن أمراً بحلّ ٧ وزارات اتحادية مثل العمل والبلديات، ونقل صلاحياتها للمحافظات. وحين برزت الحاجة الى تطوير الخبرات المحلية لتستوعب هذا الانتقال، صرنا أمام تطور نوعي جديد، فخصوم المالكي في بغداد والبصرة والموصل، راحوا يتحدثون لاول مرة عن حذوهم حذو كردستان، وبدء مفاوضات مع شركات اميركية معروفة كطرف استشاري شامل في كيفية التخطيط لانفاق الموازنات المحلية، ومعنى هذا ان نكون لاول مرة أمام أخطاء اقل وفساد اقل ايضا، وأمل جديد بأن تنتقل بعض نجاحات كردستان الى البصرة بشكل خاص، حيث يتوفر امن نسبي ومال وفير وإمكانية تخطيط محترف لن تطور مدننا فقط بل تعمل على تدريب كوادرنا المحلية في مختلف المجالات وإتاحة الفرصة لهم كي يحتكوا بالطواقم الأجنبية لاول مرة ايضا بهذا الشمول. وذكر مسؤولون في البصرة للمدى قبل ايام، ان المحافظة راحت تخصص ملايين الدولارات بالفعل لتدريب كوادرها على نمط لامركزي في الإدارة، بل وطالبوا الحكومة بأن تعيد للبصرة تلك الكفاءات التي تعمل حاليا وتبدد جهودها، في وزارات فاشلة ومترهلة في بغداد.
لكن فريق نوري المالكي ومعه طاقم صالح المطلك هذه المرة ممثلاً بوزير التربية، بدأوا جهداً حثيثاً في الآونة الأخيرة لنقض هذا الغزل وتخريب القانون الجديد بالطريقة التي صارت مملة، أي الطعن لدى المحكمة الاتحادية، التي تحولت الى وضع ميئوس منه يسارع الى تلبية رغبات السلطان.
القضية ليست نوعاً من الترف، بل هي نهج حديث في الإدارة نص عليه الدستور، وحين سألت رئيس إقليم كردستان مرة عن المناطق المتنازع عليها وحدود "المملكة" التي يحلم بها الأكراد ضمن عراق واحد، قال لي كلمة بالغة الدلالة: ليس المهم في الأمر ان تتسع المساحات او تضيق، فنحن نريد من بيروقراطية بغداد ان تفهم أخيراً، انه لا يوجد مبرر للحصول على إذنها حين تريد بابل او كركوك، تبليط شارع طوله ٢٠ كم، حيث يظل المحافظ ينتظر شهورا مصادقة بغداد دون جدوى!
والفرصة سانحة اليوم لكي يقوم انصار اللامركزية بعرض هذه القضية التي يستعد المالكي للانقضاض عليها، على الرأي العام بنحو مكثف، ولتكن جزءاً واضحاً في البرنامج الانتخابي لهم، لتفضح النوايا المضادة التي تريد احتكار كل شيء لزيادة سمنة القطط السمان في المركز، على حساب ملايين العراقيين، ولا ندري كيف لحكومة فشلت في تنظيف شوارع العاصمة، ان تنجح في تنمية الفاو او تلعفر، وتشترط موافقتها على تبليط حتى بضعة كيلومترات هناك؟!
ان الفرصة سانحة لكي يعمل نواب الموصل والبصرة وغيرهما، معا، وليذهبوا الى البصرة مع الخبراء الكنديين انفسهم، لتنظيم مؤتمر موسع وعرض واحدة من اخطر القضايا، يستغل المالكي عدم وعي الجمهور بها، لتعزيز مركزية مترهلة أساءت الى بغداد قبل ان تسيء للفاو وتلعفر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. المهندسة شيماء العميدي

    السيد المالكي بدا بالضغط باي طريقة وعمل اي شئ من اجل ان تفشل المحافظات التي خرجت من سيطرة دولة القانون ولاسيما اهم المحافظات البصرة التي تعتبر مكسب انتخابي لكل من يريد ان يعمل بجد وهذه الحركة ليست الاولى قبلها كان قرار المحكمة الاتحادية باستبدال اعضاء مجا

  2. طه

    انا من البصرة ,ورأيي هو : خلو البصرة ضمن المركزية احسن , لأن مستويات الفساد وعدم الكفائة وصلت لحدود غير معقولة , ولولا بعض المتابعة الضعيفة من نزاهة بغداد , لأصبح حال البصرة اقل ما يوصف بأنه مقطع من فلم خيال علمي هزلي .

  3. كريم الجبوري

    اشكرك استاذ انور على هذ الطرح غير ان اللا مركزيه محتومه ولا مناص عنها سواء شاءت الحكومه الحاليه او الحكومات التي تليها لان بصراحه رغم الاصوات التي نسمعها او نطلقها بعدم تقسيم او فدرلت العراق نحن في قرارة انفسنا مقتنعين ان العراق لا يخلصه ولا يريح ابناءه ا

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram