TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العيش مع الناس وبينهم

العيش مع الناس وبينهم

نشر في: 10 نوفمبر, 2013: 09:01 م

أدهشني بترايوس أكثر مما أحزنني وهو يعلن ان كل ما حققه الأمريكان من انتصارات على القاعدة بالعراق قد ضيعه الذين تسلموا الملف الأمني بعد رحيلهم. فعندما يقول انه "مما يدعو للأسى ان العراق اليوم يبدو شبيها بعراق 2006" فهذا يعني ان من تصدى لمسؤولية حماية أرواح الناس قد خرّب كل ما بناه الذي قبله. وانه بدلاً من ان يعيد الحياة للعراقيين أعادها للقاعدة فرجعت منتعشة فاعلة بعدما كانت على وشك لفظ آخر أنفاسها في العام 2008.
الشيء الذي أدهشني بهذا الرجل الصريح فهمه بان الحل العسكري لوحده لا ينفع مع الإرهاب والإرهابيين. وانه مهما زادت القوات عدة وعددا فلا نفع في قراراتها ما لم ترافقها قرارات سياسية ونفسية واجتماعية سليمة. أختصرها بما كنا قد بحَّ صوتنا في تنبيه أهل الخضراء ورئيسهم عليه، وهو ان من لم يعش بين الناس لا يعرف كيف يحميهم.
العيش بين الناس في وضع مثل وضع العراق يحتاج شجاعة في بادئ الأمر. أذكركم بما قلته سابقا عن الشهيد عبد الستار أبو ريشة وكيف انه ظل يقارع القاعدة بين أهله ولم يقبع نفسه بخضراء ووجوه حسنة. الأهم من الشجاعة ان الشعب لا يعاشره إلا من يحبه. أي مؤرخ منصف لا يمكنه إغفال ما كان يفعله عبد الكريم قاسم الذي يقضي أغلب وقته بين أبناء الشعب خاصة الفقراء فعرف كيف يخدمهم. وبعد الشجاعة وحب الناس تأتي الحاجة اليهم.
الحكومة، وأخص رئيسها، لا تحتاج الناس بل تحتاج أصواتهم فقط. ان من لم يعش بينهم ويأكل ما يأكلون ويتحدث ما يتحدثون ويحزن حين يحزنون ويغني عندما يغنون ويلطم يوم يلطمون، ثم ينتخبه الملايين منهم، فهذا يعني انهم صوتوا له بدوافع طائفية بحتة. دوافع لا يرتجى منها بناء ولا إعمار ولا استقرار، بل خراب وموت ودمار.
الحاكم الذي يحيط نفسه بجماعة خاصة من دون عامة الناس في بقعة محصورة بسياج، حتى وان كان أخضر، فهو، وفقا لعلم النفس الاجتماعي، أما منبوذ أو انه يحتقر الناس. وهل يصلح احدهما لقيادة دولة وحماية أهلها؟
المضحك ان احد المستشارين، كما يبدو لي، التقط تصريح بترايوس فاقترح على دولته زيارة الرمادي ظانا انها وسيلة للعيش مع الناس. لا يا حضرات المستشارين. فعقد اجتماع لمجلس الوزراء في البصرة او الرمادي او كركوك او اربيل او زيارة خاطفة لهذه المحافظة او تلك لا يعني العيش مع الناس. ان العيش معهم لا يفهمه الا من يفهم المعنى العميق في شطر الدارمي القائل:
والياكل اشمدريه واليثرد اثبت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. خالد إبراهيم

    لا أحد يريد أن يعيش مع الناس

  2. كاظم الأسدي

    العزيز د هاشم المحترم .. مع كل الإحترام لما تفضلت به ولكني أجد أن من يحب شعبه ويخلص له !! يدرك حاجاته حتى وهو بعيد عنه آلاف الكيلومترات وها هو هاشم العقابي يسطر من غربته معاناتنا وهمومنا اليومية وكأنه بيننا !! 2ـ لايمكن إجراء أية مقارنة أو مقاربه بين الش

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram