TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حسين كامل بنسخةٍ جديدة

حسين كامل بنسخةٍ جديدة

نشر في: 10 نوفمبر, 2013: 09:01 م

حسين كامل؟ نعم حسين كامل، كان صاحب أعلى صوت في العراق، هو المهندس والقائد العسكري، وخبير الأسلحة النووية، كان شاغلاً الجميع، لعب طويلا دور الرجل الثاني الذي صنع مجده من خلال قربه من "القائد الضرورة" ليصنع من قربه هذا ومكانته سلماً للوصول إلى مكانة لا تؤهله قدراته العادية للوصول إليها. لكنه يمتلك كفاءة التسلل إلى مناطق الضوء!
لم يكن أحد من الذين أفنوا عمرهم في السياسة سيتخيل وسط أكثر الكوابيس قتامة أن يكون حسين كامل هو واجهة النظام والدولة التي تحكم العراق، فهو ابن مخلص لنظرية أهل الثقة… الحديث عن هذا النموذج اليوم بات مطلوبا، لأننا نعيش نموذج لحياة سياسية فاسدة، جعلت من هذا أشباه حسين كامل لاعبين أساسيين فيها.
عندما انطلقت صفارة الانتخابات عام 2005، كان الخطاب الموحد لمعظم القوى السياسية أن لا خيار سوى تشكيل حكومة تكنوقراط، فالمرحلة المقبلة مرحلة خدمات لا مرحلة مزايدات سياسية، واتفق أكثر القادة السياسيين على تبني شعارات تتغنى بالخبرات وأهميتها في بناء الوطن.
ولكن ما أن انتهى السباق الانتخابي حتى فتح الكثير منا عيونه على حقيقة الوهم الذي عشناه تحت ستار الديمقراطية الزائفة.. ليصدق الذين لم يكونوا يصدقون أن النظام السياسي في العراق يتراجع خطوات كبيرة إلى الوراء وأضحى اليوم بأمسّ الحاجة إلى هزة من الأعماق تعيد بناءه من جديد، وأن البعض من الذين قفزوا في قطار السلطة غير قادرين على ملاحقة تطورات العصر، والخروج من نفق التعصب الطائفي والفكري إلى آفاق الحرية والديمقراطية الحقة.
من دواعي الأسف الشديد أن أساليب الممارسة السياسية في العراق أفسدت قطاعات واسعة عن طريق نشر الرشوة، وشراء الذمم، وتغليب قيم التبعية، والانصياع لمنطق السلطة والمال، ولكنها بالمقابل نجحت في كشف زيف بعض القوى السياسية التي تباهت بالدولة المدنية ورفعت لواء العلمانية، ودافعت عن الدستور لكنها أمام تقاسم السلطة آثرت أن تنضم إلى عالم المحسوبية السياسية، مما أفقد الكثير من السياسيين بريقهم لأن الناس اكتشفوا زيف الشعارات الكاذبة والوعود الخادعة، فليس لديهم شيء يقدمونه لحل المشكلات، ولا لمواجهة الأزمات غير المتاجرة بالشعارات.
إحدى الذرائع التي دَفعت المعارضة العراقية لمهاجمة صدام والطلب من أمريكا التدخل لإنقاذ البلاد كانت حكومة الحزب الواحد وأهل الثقة،. لا حزب واحد اليوم بل أحزاب من الأقارب تنشر قيم المحسوبية والانتهازية،. هل هناك ما هو أقسى؟ نعم إن الفحش السياسي حين يعود حسين كامل باسم جديد "أبو رحاب" سكرتيراً شخصياً لرئيس مجلس الوزراء.. واذا كنتم لا تصدقون شاهدوا اللافتات التي انتشرت في بعض الساحات، والتي خط فيها وبحروف كبيرة العبارة التالية: " بشرى سارة بجهود ومتابعة من قبل الحاج حسين احمد هادي المالكي " ابو رحاب " السكرتير الشخصي لدولة رئيس الوزراء تم نقل كمارك السيارات من ابو غريب الى كربلاء المقدسة "
والآن بعد ان قرأتم هذه العبارة، هل تصدقون أن ساستنا بوضعهم الحالي يفتحون أبوابهم للكفاءات والخبرات وأنهم مشغولون أصلا ببناء دولة المؤسسات؟ للأسف نحن أمام مسؤولين أشاوس في الدفاع عن عدم الكفاءة.. ونراهم يقولون إن رئيس مجلس الوزراء غير مسؤول عما يحدث من غياب للخدمات وهدر للثروات.. إنها حكومة خطب ومواعظ وإرشادات، يريدون لها أن تكون علاجا لمشاكل العراقيين.. حكاية السكرتير الشخصي والشخصية المهمة جدا الحاج " أبو رحاب " تثبت لنا بالدليل القاطع كيف سرق منا حتى الحلم بمجتمع مستقر مزدهر.
هل هذا ما كنا نتوقعه عندما كنا نحلم بدولة المساواة والديمقراطية؟ هل هؤلاء هم الرجال الذين كنّا نتأمّل وصولهم؟ هل كنت أيها المواطن المسكين تصدّق أنك سوف تفيق ذات يوم لترى شعبك مطارداً من القتلة ويأكله السرّاق، وأن هناك ما هو أسوأ؟ الوجوه الكالحة التي لا تاريخ لها، تحتلّ واجهات الساحات والشوارع!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. احمد

    صح لسانك وتفكيرك!! لكن الا ترى ان هذه المشكلة تشمل جمبع الكتل والاحزاب والشخوص الداخلة بمايسمونه العملية السياسية الجديدة؟ اليست هذه هي نتيجة الاختيار الديمقراطي لشعب العراق؟ ومع ادراك جميع العراقيين ربماالا اللهم من يستفيد من الوضع الحالي بان من يحكم

  2. ابو سجاد

    والله يااخي اتعجب من اسالتك هذه هل تتوقع اننا بهؤلاء المنحرفين نستطيع ان نبني دولة من هو في رايك يريد بناء دولة اعطني كتلة او حزب او مستقل وقال ان هدفنا بناء دولة هل تعرف احد يخبرنا بهذالانه لايوجد فينا قادة لبناء الاوطان كجورج واشنطن ولابطرس الكبير ولاجو

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram