TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شرق أوسط جديد

شرق أوسط جديد

نشر في: 12 نوفمبر, 2013: 09:01 م

بسرعة مدهشة تنقلب التحالفات في منطقة الشرق الأوسط، وبلمح البصر يتحول العدو إلى صديق وحليف، تنقشع الغيوم عن سماء العلاقات العراقية التركية، ويبدي رئيس الوزراء العراقي رغبته بالتصالح مع السعودية، مشيخة قطر تعادي مصر وتسعى لعودة علاقاتها المتميزة مع سوريا، تركيا تكف عن دعم "الجهاديين" ضد نظام الأسد، إيران تستعيد علاقاتها مع بريطانيا، والسعودية تناكف السياسات الأميركية، سلطنة عمان تعيش عزلتها ملتزمة الحياد السلبي، الأردن يضع رجلاً هنا والأخرى هناك بانتظار أن تتضح الصورة، كيلا يذهب "فرق عمله"، ويفقد دوره في المنطقة رغم أن الجغرافيا تستدعي هذا الدور، السودان في طريقه للتفكك من جديد، بينما أثيوبيا تخطط لمشاركة ظالمة في مياه النيل، وفي مصر يستعر الصراع بين الدولة وتنظيم الإخوان المسلمين، وفي تونس يتمسك الغنوشي بالدولة الدينية المُتخفية بقناع الدولة المدنية، أما ليبيا فتعيش الفوضى بأبشع تجلياتها.
هذا غيض من فيض على صعيد الدول، أما على صعيد التنظيمات الحزبية ومحترفي السياسة الطارئين، فالصورة أشد غموضاً، طهران مُتهمة بدعم دولة العراق والشام، داعش الطائفية حتى النخاع تخوض حرباً غير مقدسة ضد جبهة النصرة، رغم انتماء التنظيمين للقاعدة الإرهابية، وهناك أنباء عن صراع مسلح بين مقاتلي حزب الله وكتائب أبو الفضل العباس عند أطراف دمشق، مع أن المفروض أن التنظيمين يخوضان حرباً لتحقيق نفس الهدف، الخلافات محتدمة بين أطراف المعارضة السورية حول حضور جنيف الثاني، والجيش الحر يتخذ مواقفه بعيداً عن الائتلاف، ومعارضة الداخل السوري تُعارض معارضة الخارج، وفي العراق تتشكل قائمة طائفية ذهبية لخوض الانتخابات النيابية، بينما الإرهاب يمارس مهماته بكل يسر وعلى هواه،
في ظل كل ذلك يبدو أن هناك أحلافاً جديدة ستقلب منطقة الشرق الأوسط وتعيد تشكيلها، وليس ترفاً الحديث الدائر همساً عن إعادة إحياء حلف بغداد، على أن يضم العراق وإيران وتركيا وربما باكستان، ويكون ذلك هذه المرة برعاية أميركية كاملة، بدأت بوادرها بالتقارب مع طهران بعد طول عداء، في حين تجري على قدم وساق محاولات إعادة تأهيل نظام الأسد عبر جنيف أو غيرها من العواصم، وفي المقابل تتزايد محاولات بلورة تحالف جديد تقوده مصر والسعودية وتلتحق به الإمارات والأردن، وربما اليمن إن تمكن من الخروج من أزماته المتفاقمة، بينما تنتظر القضية الفلسطينية "عطف" نتنياهو وحكومته المتطرفة، للوصول إلى نهايات لن تكون سعيدة بحال من الأحوال، ويفشل الكرد في عقد مؤتمرهم القومي بعد أن كانوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمهم التاريخي، ووضع أقدامهم على أول الطريق لإنشاء دولتهم الواحدة، التي تجمع أشتات قوميتهم، بعد أن هيأت الأحداث الظرف المواتي لذلك.
والسؤال المطروح هل هو الصراع على السلطة والنفوذ أم هي المصالح تقود الخطى؟ في الحالتين فإن الخاسر الأكبر هو المواطن العادي الباحث عن اللقمة والعيش بأمان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو سجاد

    حقيقتا ان تحليلك هذا موفق والضاهر ان الامور تسير بهذا الاتجاه واما قولك ان المواطن العادي هو الخاسر اسالك استاذا حازم متى المواطن العربي كان رابحا في اي زمن وفي ظل اي نظام عربي فهو دائما الخاسر الاول فالخسارة ليس جديدتا علينا نحن ننتقل من خسارة الى اخرى و

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram