الكتاب: "بوصلة صادقة"سيرة ذاتية لـ إدوارد كينيديترجمة: ابتسام عبد الله في مقطع من كتاب، "بوصلة صادقة"، وهو سيرة ذاتية مشوقّة، نجد كينيدي (1932-2009)، في مكتبه بالطابق الرابع والعشرين في بوسطن، يتطلع من خلال النافذة الى ميناء بوسطن حيث: "ثمانية من اجداده وصلوا اليه قادمين من ايرلندا".
وكان بإمكانه ان يتصورهم يغادرون سفينتهم، دون ان يخطر ببالهم قط ان احفادهم سيصبحون قادة سياسيين لمدينتهم ثم ولايتهم بل واخيرا دولتهم.ويكتب إدوارد كينيدي، انه قد ورث حبه للسياسة عن جده، جون فيتزجيرالد، الذي تولى في زمانه منصب عمدة بوسطن: "واقفا في حشد يصافح الجميع، يتطلع الى الوجوه الجديدة القادمة وهو يضحك ويقص الحكايات ويغني بعض الاغنيات القديمة.إدوارد، اوكما كان يسمى تيد كينيدي، عضو الكونغرس عن ماساشوستيز منذ عام 1962، انهى كتابة هذه السيرة الذاتية الطويلة (532 صفحة)، مدركا ان الموت يقترب منه مسرعا. وقد توفي فعلا قبل حوالي شهر بسبب سرطان في الدماغ، لكنه وقبل ذلك ضمّن كتابه مديحا لأوباما والتزامه شخصيا قضية التأمين الصحي لجميع المواطنين الامريكيين، لان هذه القضية كانت قضيته الشخصية. ويقول عن ذلك ان تجربته عام 1974، وبعد ان امضى ساعات في مستشفى للاطفال في بوسطن منتظرا مع ابنه الشاب، إدوارد الصغير، الذي رأى الاطباء ضرورة بتر احدى ساقيه، بسبب السرطان. وهناك تحدث مع عدد من الآباء والامهات العاجزين عن تأمين المال الكافي لعلاج ابنائهم،: "ومن هناك بدأت معركتي من اجل التأمين الصحي في الولايات المتحدة الامريكية".وفي سيرته الذاتية، تحدث كينيدي عن مشاعره وعواطفه تجاه زوجته الثانية فيكتوريا التي تزوجها عام 1992، وسعادته بها. كما اشار الى مقتل العديد من افراد آل كينيدي في حوادث مأساوية بإيمان عميق بالقدر.وفي عودة للوراء، تطرق كينيدي ايضا عن الفضيحة الاولى التي كادت تدمر حياته. ففي عام 1950، عرض عليه احد الطلبة تقديم امتحان اللغة الاسبانية بدلا عنه، وذلك عندما كان طالبا في السنة الاولى من جامعة هارفرد. ويعلق على تلك الحادثة قائلا: "قال لي والدي ان هناك اناساً يرتكبون الاخطاء في حياتهم دون ان ينكشف امرهم، ولكنك لست من اولئك". وبعد هارفرد، انضم كينيدي الى الجيش، ثم عاد الى هارفرد عام 1953، ودرس القانون في فرجينيا وفي حياته شهد جاك، شقيقه، يغدو عضوا في الكونغرس عن ماساشوتيز عام 1952 ثم رئيسا عام 1960، ليصبح هو بعد ذلك عضوا في الكونغرس عام 1962. ان التفاصيل الكثيرة والدقيقة عن رحلات وممارسة السباحة والرحلات البحرية حول منزل العائلة الكبير في ميناء هاينيز- كيب كود، هي التي ملأت الصفحات في الكتاب. ومما يثير الانتباه في هذه السيرة، المعلومات الغزيرة التي كان يمتلكها كينيدي عن تأريخ الكونغرس الامريكي والسجل الكامل الذي قدمه في كتابه عن اعماله تغطي فترة ثلاثين عاما.ويتحدث كينيدي عن اسباب عزوفه عن الترشيح للرئاسة عام 1984، بعد اغتيال شقيق له وهو في ذلك المنصب وشقيق آخر كان مرشحا للرئاسة، وجاء في مقدمتها رضوخه لرغبة ابنائه في التخلي عن الترشيح للرئاسة، قائلا انه شعر إثر ذلك بإحساس عميق بالراحة يغمره. ومع اعترافه بتحمل شيء من المسؤولية عن ادمان زوجته الاولى جون للكحول، فإنه يعترف بذنبه إزاء تلك الحادثة الشهيرة التي وقعت عام 1967، عندما قام بتوصيل احدى الفتيات بسيارته بعد انتهاء حفل كان قد اقيم لتحية ذكرى شقيقه الراحل روبرت كينيدي. ويقول في كتابه، انه وبسبب العتمة الشديدة اخطأ الطريق وانزلقت السيارة الى النهر. وفي تلك الواقعة، انقذ إدوارد نفسه وليس رفيقته. ثم حدث ما هو الاسوأ فيما بعد، بعد عثور رجال الشرطة على جثتها في اليوم التالي. وقد بقي الندم يساروه طيلة حياته إثر ذلك الحادث، مؤكدا انه لم يرتبط مع تلك الفتاة بأية علاقة عاطفية.ومع ذلك النفي المطلق، يتجاهل كينيدي الحقيقة التي تقول ان الشك امر لا مناص منه، خاصة ان سمعة رجال آل كينيدي كانت معروفة في مجال العلاقات النسائية المتعددة.وعائلة كينيدي كانت ميسورة الحال حتى في المرحلة الاولى لهجرتهم من ايرلندا. وفي بوسطن انشأ الجد الاكبر للاسرة شركة لاستيراد الكحول ثم اصبح شريكا في مصرف شرق بوسطن، وبعد ذلك عضوا في الكونغرس.اما جوزيف كنيدي (الاب)، فقد كوّن ثروة كبيرة من ارباح شركاته المتعددة ومنها شركة افلام (RKO) في هوليوود التي انتجت العديد من الافلام. وقد اصبح جوزيف، في عداد الملايين قبل الانتكاسة الاقتصادية عام 1929، واسما معروفا في عالم نجمات هوليوود ومنهن غلورياسوانسون ومارلين ديتريش، فلاعجب ان يرتبط ابناؤه، فيما بعد، بنجمات شهيرات ومنهن مارلين مونرو.ويعزى سبب طموح آل كينيدي (الكاثوليك بشدة) الى رغبتهم في اثبات حضورهم وتأكيد هويتهم في مدينة بوسطن، حيث اغلقت امامهم الاندية الاجتماعية كافة والتي كان يسيطر عليها كبار الاسر البروتستانية، وذلك في الاعوام الاولى لهجرتهم الى بوسطن.عن النيويورك تايمز
إدوارد كينيدي وحقائق حياته
نشر في: 6 أكتوبر, 2009: 06:21 م