قبل كل شيء أتفق كثيرا مع جملة المستحيلات التي جاءت في عمود الأستاذ عدنان حسين أمس(نكتة بغدادية عن البصرة) الخاص بترشيح البصرة عاصمة للثقافة العربية عام 2015، لأنه ينطلق من معاينته للمدينة التي زارها قبل نحو من شهر، وشاهد بأم عينه واقعها في انعدام البنى الثقافية التحتية وواقعها الخدمي في الفنادق والشوارع وسوى ذلك من المفاصل الخدمية التي نعلمها نحن أكثر منه ومن أي عراقي آخر.
لكن مكالمة هاتفية أجريتها مع الوكيل في وزارة الثقافة الأستاذ طاهر الحمود بينت لي بأن الأمر هذا لم يتبلور بأبعد من كونه مقترحا، ليس إلا، ولم يُحدد الزمن المعلوم له، لا في العام 2015 ولا في زمن آخر، إذ أن مدناً عربية أخرى مرشحة للغرض هذا، وقد تكون مدينة سرت الليبية هي صاحبة الحظ في ذلك بعد أن كانت مرشحة كعاصمة للثقافة العربية للعام الحالي 2013 واستبعدت بسبب الأحداث الأمنية هناك، ويأتي ترشيح بعض المدن العربية من غير العواصم السياسية بعد أن كانت بغداد آخر عاصمة اختيرت للثقافية العربية، حيث سبقتها كل العواصم إلى ذلك.
وبين مخاوف الأستاذ عدنان حسين وإيضاح وكيل الوزارة الأستاذ طاهر الحمود جملة مخاوف وإيضاحات أخرى لنا لا تخرج عن طموحنا كبصريين في رؤية مدينتنا عاصمة للثقافة العربية، لكن جملة الحقائق التي تعترض المقترح مشروعة أيضاً بعد معاينتنا لمعنى (بغداد عاصمة الثقافة العربية) وبغداد من وجهة نظرنا كانت مؤهلة لذلك في اكثر من مفصل فمبنى المسرح الوطني مثلا والمباني الثقافية الأخرى والساحات والحدائق والفنادق بل وحتى الإنسان هناك اكثر انسجاما لإنجاح الفكرة، وما رأيناه في مهرجان المسرح والشعر والفنون بحضور الوفود العربية والأجنبية كان يشكل في ما يشكل جانباً معقولا من الاحتفال.
ولكي نفكر جادين في مقترح البصرة عاصمة الثقافة العربية بحسب السيد الوكيل كان يتوجب على الوزارة زيارة البصرة والوقوف ميدانيا على البنى التحتية وتأهيل ما يجب تأهيله وتحديد الميزانية الكفيلة بإنجاحه وقبل ذلك تقديم المقترح لأمانة مجلس الوزراء ومن ثم تقديمه لأمانة الثقافة والفنون في رئاسة الجامعة العربية – التي هي بمثابة اليونسكو- مع العلم بان الدول العربية مجتمعة ستتقدم بمقترحات مماثلة لجعل إحدى مدنها عاصمة ثقافية عربية، وهكذا فالأمر في بواكير التفكير به، ولا يعدو كونه مقترحاً وحلماً بصريا عند حكومة فدرالية لا زالت تتردد في مشروع (البصرة عاصمة اقتصادية للعراق) على الرغم من توافرها على جملة أسباب يندر توافرها في مدينة عراقية أخرى.
ولأن المقترح طُرح في وسائل الإعلام وتقدمت به وزارة الثقافة لرئاسة مجلس الوزراء لذا فهي فرصة لنا لكي نتحدث عن واقع المدينة العام، لنقول بعدم وجود مبنى ثقافي واحد مؤهل لكي يقام ويفتتح عليه مهرجان بحجم (البصرة عاصمة للثقافة العربية) وليس فيها دار واحدة للسينما ولا قاعة لعرض الفنون، وليس فيها فرصة شعبية-دينية من قبل حكومتها المحلية لتقبل إقامة عرض للفنون الشعبية، كما لا وجود لمعلم يمكن زيارته، فقد جردت غابة النخل من سندسها وتحولت مساكن ومحالّ تجارية. والأنهار الثلاثة التي تتخلل جسد المدينة باتت مجاري للمياه الثقيلة والخفيفة، وبيوت باشوات البصرة القديمة وقصور النبلاء بما فيها الشناشيل، على حالها لم تعمّر وهي عرضة للسقوط والتجاوز وتعمير بيت السياب (نكتة بغدادية) بحق، والمدينة تخلو من خدمة المجاري والتصريف وسوى منظر شط العرب ومشهد الصيادين عليه لا شيء تغير فيها.
لا نريد أن نبدو متشائمين اكثر لكننا نستثمر طرح الموضوع لكي نتحدث بهمومنا كبصريين ونلفت عناية رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الثقافة إلى إمكانية إنجاح المشروع إن بادر الجميع مبكرين بجدية ونوايا مخلصة خالصة للثقافة.
نكتة بغدادية بأحلام بصرية
[post-views]
نشر في: 16 نوفمبر, 2013: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...