موسكو/ BBCها هي روسيا تستعيد جاذبيتها في الشرق الأوسط، على حساب تراجع النفوذ الأمريكي.ولعل آخر مؤشر على هذا التوجه، هو زيارة وفد روسي رفيع المستوى إلى مصر، وفي جعبته اتفاق بيع أسلحة بقيمة 2 مليار دولار. وهو توجه بدأ يعتمل منذ اشتعال اضطرابات الربيع
موسكو/ BBC
ها هي روسيا تستعيد جاذبيتها في الشرق الأوسط، على حساب تراجع النفوذ الأمريكي.ولعل آخر مؤشر على هذا التوجه، هو زيارة وفد روسي رفيع المستوى إلى مصر، وفي جعبته اتفاق بيع أسلحة بقيمة 2 مليار دولار. وهو توجه بدأ يعتمل منذ اشتعال اضطرابات الربيع العربي في مطلع 2011.
ولا يعبأ أحد بأن موسكو تدعم النظام السوري الذي عزلته جامعة الدول العربية، عندما يطرق الوفد الروسي وصفقات الأسلحة باب الدول العربية.
فقد أصبح نفوذ روسيا في الشرق الأوسط الأقوى من أي وقت مضى، بعد 22 عاما من سقوط الاتحاد السوفييتي.
وتحت سماء زرقاء صافية، حلقت مقاتلة ميغ 29 الروسية في طلعة استعراضية فوق معرض دبي للطيران، حبست بها أنفاس الجمهور على الأرض.. ، فقد صعد الطيارة الحاذق بالطائرة النفاثة عموديا ثم أوقفها في الجو، واستدار بها افقيا، ثم دفعها إلى الخلف ببطيء.
بدت الطائرة كأنها تتحدى الجاذبية وجميع قوانين الفيزياء. وعلى الرغم من التصفيق، فإن الإماراتيين الذين استضافوا المعرض منحوا صفقة الطائرات المقاتلة وقيمتها 6 مليار دولار ذلك العام، 1999، إلى الأمريكيين، إذ فضلوا شراء طائرة أف 16 بدلا من الطائرة الروسية.
ولكن روسيا، على غرار فرنسا وبريطانيا والصين، لم تتخل عن سوق مربحة مثل الشرق الأوسط. وها هي وفودها اليوم تلقى ترحيبا حارا، في خضم التحولات و الشكوك التي تعصف بالمنطقة.
وحسب تقديرات المعهد الدولي للبحوث في السلم باستوكهولم، فإن 27 في المئة من صادرات الأسلحة إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الفترة من 2008 و2012، كانت من روسيا.
"انتكاسات"
يبدو أن حظوظ موسكو في المنطقة بدأت تنتعش، بعد سلسلة من الانتكاسات التاريخية.
فجميع الأسلحة التي باعتها للدول العربية قبل حرب 1973 فشلت في دحر إسرائيل، المدججة بترسانة أمريكية.
وعندما اجتاح الاتحاد السوفييتي أفغانستان في 1979، أشعل ذلك 8 أعوام من الجهاد ضد السوفييت، دعمته باكستان، والسي أي إي، والسعودية، ودفع بآلاف المتطوعين من الدول العربية للذهاب إلى المناطق القبلية في أفغانستان وباكستان. وكان الكثيرون في المنطقة يرون موسكو "عدوا" لهم.
وفي عام 1990 اندمج اليمن الجنوبي، الذي كان جمهورية موالية للاتحاد السوفييتي، مع الشمال، وخرجت القوات السوفييتية من عدن.
وفي عام 1991، شكلت حملة عاصفة الصحراء العسكرية القصيرة انتصارا للتكنولوجيا العسكرية الأمريكية على جيش صدام حسين، وأسلحته السوفييتية المتقادمة، وهو ما أعطى دفعا لمبيعات الأسلحة الأمريكية في المنطقة، وفي العام نفسه تفكك الاتحاد السوفييتي.
وفي عام 2003، فقدت موسكو زبونا عربيا كبيرا وديونا بالمليارات، عندما غزت قوات تقودها أمريكا العراق واسقطت نظام صدام حسين. وبقيت سوريا والجزائر أكبر زبونين عربيين لروسيا في مجال الدفاع.
انتعاش
ولكن انتفاضات الربيع العربي أعادت لروسيا بريقها. فبعد أعوام من صفقات التسليح مع الغرب، تعتزم الدول العربية الثرية، على غرار السعودية ودول الخليج الأخرى، تنويع مصادر تسليحها.
ويعزا هذا التوجه إلى اعتبارات سياسية وفنية على السواء.
وبقدر اعتراضهم على دعم روسيا لنظام الرئيس بشار الأسد، فإن الحكام العرب يرون سياسة روسيا ثابتة منذ البداية، عكس مواقف الدول الغربية المترددة. وقد أعجبهم الموقف الروسي.