TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أنين مدينة الطب

أنين مدينة الطب

نشر في: 17 نوفمبر, 2013: 09:01 م

هذه هي المرة الثانية التي أغامر فيها بالكتابة عن وجع المواطن الذي تضطره الحاجة لمراجعة مدينة الطب، عليلا أم زائرا أم طارقا لإتمام معاملة.
كانت المرة الأولى قبل أشهر معدودات - وعلى أديم جريدة المدى- تابعت فيها بالتواريخ والأرقام نشأة هذا الصرح الحضاري، العلمي، الطبي،، العملاق مذ كان نطفة في رحم مشاريع مجلس الإعمار في العهد الملكي وحتى افتتاحه، تعززه صور ناطقة ومقابلة مستفيضة مع مديرها المسؤول آنذاك، قبل أيام، اضطررت لزيارة المدينة لإنجاز معاملة....
ضحى ذاك النهار، كانت السماء ملبدة بالغيوم بعدما زخت هطولها طوال الليلة الماضية وحتى الهزيع الأخير من الليل.
أتجاهل نشرة الأنواء الجوية، واستوقف سيارة أجرة، يعتذر سائقها بأدب (ما أروح لهناك، المدينة غركانة).أنثني لآخر، يعتذر، يطلب الثالث أجرة مضاعفة، أذعن وأمتثل، وأيمم وجهتي شطر مدينة الطب.....
مدينة الطب: هذي التي كانت -- وكان مؤهلا لها أن تغدو منارة للأبحاث، وحاضنة لجهابذة الأطباء والأساتذة ذوي الإختصاصات النادرة ’والآلاف من الطلبة النابهين الذين يعول عليهم العراق في الخروج من نفق ضلالات الدجل والشعوذة.أينها في عراق اليوم؟؟
مدينة الطب - لمن لم يقدر له زيارتها - تغفو وتصحو على صدر دجلة. النهر الخالد الذي تحولت شطآنه كمكبات للمزابل والنفايات وعوادم المخلفات من كل شكل ونوع.
هذا الصرح الحضاري يعاني من الإهمال الفادح، شلل في الخدمات،شلل في أداء الكادرالذي يواجه بزخم هائل من المرضى والمراجعين، شلل ونقص في الأطباء والكادر التمريضي......
في أكثر الدول تخلفا، اندست التكنولوجيا في صلب المؤسسات ذات العلاقة بخدمات الناس. نقرة طفيفة على زر في الجهاز الالكتروني، تتيح للطبيب -للباحث-- كل ما يريد ه من معلومات...إلا في العراق، ودوائره ومن ضمنها مدينة الطب. الملفات والأضابيرالورقية مكدسة على المناضد،ومن يبتغي إنجاز معاملة عليه ان يسفح ماء وجهه، يتذلل ويتوسل بالموظف ليبحث له عن إضبارته بين مئات الاضابير، وعلى الموظف الملول أن يقلب عشرات الملفات واحدة واحده عله يظفر بضالته.
شهدت عبر أروقة وممرات المدينة ما يندى له جبين كل غيور.. طوابير غفيرة من ألمراجعين، اغلبهم كبار السن، بعضهم جاء يسعى على عكاز. بعضهم على عكازين، بعضهم يجرجر على عربة متهالكة، المرض والقتر مرسوم على الملامح بالأسود، يبتغون عونا، فلا يحصلون إلا على التسويف:: تعال غدا: تعال بعد غد’ الموظف في إجازة..إلخ
والآن؟؟ هل اكتملت فصول المعاناة بتأطير الصورة؟؟؟
لا....وحاشا!
فالمطر الذي زخ مدرارا ليلة البارحة وتواصل هذا النهار حول المنافذ المؤدية للمدينة لجداول من ماء كدر، زادته الا وحال والقاذورات بؤسا على بؤس
لا يكفي المريض تشخيص العلة. يلزمه علاج ناجع فوري. فأين مكمن الخلل؟؟
وما هو موقف المسؤول(ين) في وزارة الصحة، في وزارة البلديات؟ في أمانة العاصمة؟؟
,وإذا كانت الصورة قاتمة في بغداد العاصمة، فماذا يجري في مستشفيات المحافظات والأطراف؟؟.
ولمن ترفع الشكوى والكل مشغول بتفخيم ذاته وتضخيم مكاسبه.وكيل التهم لغيره والقذف بها بعيدا، بعيدا، -- ككرة الملاعب -- يحاول بها شق شباك الغرماء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram