اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > التعويل على الخارج في الوقت الضائع:الاستجارة بغير الشعب عياطٌ في العّراء..!

التعويل على الخارج في الوقت الضائع:الاستجارة بغير الشعب عياطٌ في العّراء..!

نشر في: 17 نوفمبر, 2013: 09:01 م

بدأت الاستعدادات للحملات الانتخابية، قبل أوانها، ودشّنها زعيم "دولة القانون" بالاستدارة إلى الخارج، محاولاً استدراج العلاقات الدولية، إلى مستنقع السياسة الداخلية، وتوظيفها لتحسين صورته، والإيحاء بأن التقدم على هذا الصعيد إنما هو تمهيدٌ لتطويق الأزمات

بدأت الاستعدادات للحملات الانتخابية، قبل أوانها، ودشّنها زعيم "دولة القانون" بالاستدارة إلى الخارج، محاولاً استدراج العلاقات الدولية، إلى مستنقع السياسة الداخلية، وتوظيفها لتحسين صورته، والإيحاء بأن التقدم على هذا الصعيد إنما هو تمهيدٌ لتطويق الأزمات المشتدة والتوترات التي تشهدها البلاد وتتهدد مستقبله.
وكان ممكناً اعتبار التقرب من تركيا، خطوة إيجابية، واستدراكاً للتخبط والعمى السياسي الذي اتسمت به سياسة المالكي طوال فترة ولايته الثانية، لو انه جاء في اطار مراجعة لكامل نهج المالكي وتوجهاته على الصعيدين الداخلي والخارجي، دشن خطواتها في وقت مبكرٍ، وفي اطار تفاهماتٍ وطنية تشترك في صياغتها الأطراف المتحالفة معه على اقل تقدير، ان اعتبرنا التفاهم مع المعارضات الأخرى صعب المنال.
اما وقد بدأ العد التنازلي لموعد الانتخابات التشريعية، فان كل ما سيقدم عليه السيد المالكي، لا يمكن التعامل معه إلا باعتباره "ذر الرماد" في عيون الناخبين الذين تعرفوا على صورته، بملامحها وتقاسيمها، وما تشي به من نُذرٍ سوداء قد تعصف بالعراق ومستقبله، اذا ما قيض له أن يتمدد في ولاية ثالثة مشؤومة، بوسائل وأدوات، لا تعكس إرادة العراقيين الحقيقية.
وبغض النظر عن الدافع الحقيقي لمحاولات المالكي تهدئة الجبهة الخارجية التي لم تنقطع فيها التوترات المتصاعدة مع العديد من البلدان المحيطة، ودون التقليل من شأن المواقف السلبية لها ازاء العراق كوطن، والعراقيين كهدف، فأن الخطأ القاتل لمخططي سياسة رئيس مجلس الوزراء، يكمن في "الاستهانة" بالداخل والحراك الكامن فيه، لصالح وهم إمكانية الاعتماد في هذا الاطار، على دولٍ بعينها، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية، من جهة، والجمهورية الاسلامية الايرانية "كصديق" من جهة ثانية، دون الاخذ بنظر الاعتبار الصراع والتوازنات بين القوى المعنية بالعملية السياسية، ومدى قدرتها على تجنب ومعالجة مظاهر الانهيار التي تواجه البلاد.
ومن الواضح، أن الفريق المحيط بالحاكم الواهم، يستطيب له فكرة عدم إيلائه اهتماماً زائداً، لما "يشاع" من توسع النقمة والتذمر بين العراقيين، والتركيز على تحسين صورته في الحوار العربي والإقليمي، بالاضافة للولايات المتحدة الأميركية، التي ايقن بانها اصبحت في معطفه الدافئ بعد الزيارة الاخيرة، والجمهورية الإسلامية التي يتردد في أسماعه، انها لن تتخلى عنه تحت أي ظرف كان.
وفي عالم السياسة ورجالات الدولة، يجري فحصٍ دقيقٍ لكل العوامل التي تشكل خارطة الطريق لمن يسعى للوصول الى السلطة، او الاحتفاظ بها. ولا شك ان الرهان وعوامل النجاح والفشل، امور تختلف من دولةٍ لاخرى، قياساً بمستوى التطور الديمقراطي، ورسوخ القوانين والأنظمة والحريات والمؤسسات الضامنة. ولسنا بحاجة إلى أن نتوهم شيئاً في هذا المضمار، اذ يجري تصنيفنا في مقدمة دول العالم، ولكن في استشراء الفساد والنهب، والتجاوز على الحريات وحقوق الانسان، وتدهور الاوضاع الامنية، وتمادي المنظمات الارهابية في عملياتها الاجرامية، وفي عدد القتلى والجرحى والدمار والخراب اليومي الذي يعصف في كل زاوية من زوايا العراق المبتلى.
ولكي لا نتشارك الخطأ مع فريق المالكي، فنستهين بعامل سياسي، على حساب عامل آخر، نؤكد على اهمية مراعاة العامل الخارجي، وضرورة ازالة اي توترات مع دول الجوار، او غيرها، وتفكيك الازمات مع جميع الدول دون استثناء، على قاعدة مراعاة المصالح الوطنية العليا، واحترام خيارات كل دولة وسيادتها واستقلالها الوطني. ومثل هذا النهج لا يخضع للاهواء، والنظرات القاصرة، او يجري التعامل معه ارتباطاً بمصالح فئوية ضيقة، او توظيفها موسمياً لمطامع سلطوية، بل ينطلق من سياسة وطنية عامة، لا تعبث بها اهواء ومصالح الحاكمين، كما هي حالة العلاقات العربية والاقليمية والدولية التي تجمع العراق بجيرانه واشقائه على الاقل.
كما ان السياسة الخارجية لاي دولة ديمقراطية متعافية، تنطلق من الاعتبارات الداخلية، وتشكل معاً وحدة منهجية، تجسد من خلالها، ارادة شعوبها ومصالحها العليا، وما يجري فيهما من تغيرات طارئة، ويعبر عن ذلك مجرى تطور متلازم بين الداخل والخارج، دون ان يدخل في الاعتبارات الذاتية للحاكم، او يخضع لنوازعه المتعارضة مع الاماني الوطنية.
لقد أحسنت تركيا صنعاً بإيفاد وزير خارجيتها الى العراق، لرأب الصدع في العلاقة بين البلدين، وهي اذ فعلت ذلك، انسجمت مع مصالح الدولة التركية التي تضررت بسلوك قيادتها، وانسياقها مع أيديولوجيتهم الاخوانية، على حساب المصالح العليا للدولة التركية، كما هي حال علاقتها مع مصر وبلدان عربية اخرى. ويبقى على الطرفين، العراق وتركيا، رعاية هذه العلاقات، واخراجها من دائرة النزعات الايديولوجية، والمطامع التي تحركها.
واياً كانت نوايا الطرفين في الاقدام على خطوة التقارب، فان ذلك ليس من شأنه رفع الغمامة او ضخ آمال كاذبة في ابصار العراقيين الذين ينتظرون نهاية معاناتهم، وخلاصهم من حصاد الموت اليومي، وما تخبئ لهم صروف السنوات القادمة، بعد ان أضناهم الخراب وسوء الاحوال التي تسبب بها المالكي وطاقمه طوال السنوات الماضية.
كلمة أخيرة:
يقال دائما في السياسة ان المصالح هي التي تحرك الدول، فليس بين الدول والقوى حلفاء دائمون، وانما مصالح دائمة. فهل للولايات المتحدة الاميركية، او الجمهورية الاسلامية الايرانية، مصلحة في تكريس من يعرض مصالحهما الى خطر داهم مؤكد جراء سياسة هوجاء، لا يعنيها غير ادامة سلطة جائرة، يتضح كل يوم انها تعاكس ارادة الشعب، ومصالح الوطن..؟!
قد تنخدع الولايات المتحدة، لان المحيط الاطلسي يفصلها عنا، او قد توحي بذلك، اما الجمهورية الاسلامية الايرانية، فأنها دون شك، اعمق معرفة ووعياً بما يجري من حولها، واكثر ادراكاً للمخاطر التي قد تنجم في ظل ظروف اقليمية ودولية، تتطلب حكمة وحساسية وطنية، وهذا كافٍ للتنبيه لتدارك خطأٍ استراتيجيٍ، يلحق افدح الاضرار بالبلدين الصديقين اللذَيْن يجمعهما اكثر من رافدٍ وهاجس حساس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    استاذ فخري هل تريد من نظام عربي يعول على الداخل وخصوصا الداخل العراقي ماهو الداخل العراقي براي المالكي وما يسموا بالسياسيين اوا حزاب او رؤساء كتل ليس اكثر من شعب يائس وبائس ومسلوب الارادة وشبه ميت ارايت شعبا يعاني كل هذه المعانات ولايحرك ساكن الا مجموعة ا

  2. ابواحمد الياسري

    ما المفاجاءة يا سيدي الا تعلم ان هذه المجموعة التي جثمت على صدورنا هي صنيعةامريكية ايرانية بامتياز وكتب لها ان تبقى منزوعة السيادة والقرار الا بما يخدم مصالح اسيادها؟ وهل يمكن ان يخدع كاتب متمرس كجنابكم بهذه البالونات الدعائية (انتخابات.استفتاءات.تداول سل

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram