TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أمطار صلاح عبد الرزاق

أمطار صلاح عبد الرزاق

نشر في: 17 نوفمبر, 2013: 09:01 م

ليس صحيحاً أن الحياة في العراق، كانت عابسة وقاتمة بسبب نقص الخدمات وفوضى الأمن وخطب الجعفري عن " اللعق بالمعلقة “، فهناك أيضا جوانب مضحكة كثيرة، بل وكوميدية، ولمن لا يصدق عليه مطالعة الخبر الذي نشرته وكالات الأنباء أمس، وجاء فيه أن محافظ بغداد السابق صلاح عبد الرزاق حذر أهالي بغداد من أنّ عدم انتخاب نوري المالكي لولاية ثالثة سيزيد من غضب السماء عليهم، ففي حديث مثير للسخرية أخبرنا المحافظ السابق من "أن الإمطار التي هطلت على العاصمة بغداد هي عقوبة سماوية، ولو كنا على رأس الحكومة المحلية الحالية لما حدث ما حدث لكن السماء أرسلت رسالتها للشعب وعليه ان يفهمها جيدا. ". ولم ينسَ عبد الرزاق أن يخبرنا من أنّ العراقيين، إذا ما أرادوا تجنب الكوارث فعليهم أن يصوتوا لدولة القانون والتجديد لولاية ثالثة للسيد نوري المالكي.
وربما نختلف أو نتفق مع السيد المحافظ، السابق، لكن علينا مع هذه اللفتة المتميزة أن نؤمن بأن الرجل يتمتع بروح الفكاهة والدعابة، إضافة إلى صفة الإصرار وعدم اليأس،والدليل على ذلك أنه لا يزال يقسم بأغلظ الأيمان أن الحل في تطوير بغداد وانتشالها من حالة البؤس والقتامة، هو في إعادته إلى الكرسي والهتاف بحياته في شوارع بغداد!
وأظن أنها منتهى الإنسانية والرحمة من المحافظ السابق المنتفخ بانتصاراته الوهمية، أنه لم يفرض على الذين لم ينتخبوه، وقرروا البقاء في بغداد أن يدفعوا " الجزية " كما أن الرجل كان كريماً ولم يعتبرهم من " الإرهابيين"، ولم يطلب تجريدهم من الجنسية ، لأنهم صوتوا ضد إرادة السماء!
بعد أن قرأت حديث صلاح عبد الرزاق شعرت بالامتنان للرجل فقد أثبت بالدليل القاطع أن هموم أهالي بغداد محصورة في عودة سيادته إلى المنصب، لأن هذه العودة ستجنبهم غضب السماوات.
هكذا يفهم البعض المسؤولية، فهي فن الحصول على كل شيء ،، ومن ثم لابد من استخدام كل وسائل الخرافة للعب على عقول الناس، وزرع في أذهانهم أن المعركة ليست بين خصوم سياسيين، وإنما بين مؤمنين سيجنبونك غضب السماء، وكفرة سيقودونك إلى نار الدنيا قبل جحيم الآخرة.
لعل ما قاله شيخ هذا الزمان صلاح عبد الرزاق عن كوارث التخلي عن دولة القانون، يكشف إلى أي مدى يحاول البعض قصف أدمغة البسطاء بأسلحة محرمة في الممارسة السياسية، يريدون من خلالها إحداث دمار هائل في وعي الناس.
لقد توهم أهالي بغداد وتصوروا أنهم يخوضون معركة سياسية نظيفة محورها هو ترشيح محافظ ومسؤول يسعى لخدمتهم، فيما اعتقد البعض من الساسة ان الأمر هو تنصيب وكيل سماوي لإدارة شؤون المحافظة الدينية لا الخدمية ، بهذا المنطق يختطف عبد الرزاق القضية ليبعدها عن جوهرها الحقيقي، وليحاول إعادة تسويقها للعامة على أنها قضية " إيمان ضد جهل " أو وفقا لحالة الانتشاء التي ظهر عليها المحافظ السابق، بدا وكأنها كانت معركة بين مؤمنين وكفار، وغير خاف ما لمصطلح " غضب السماء " من دلالات، كما أن الرجل لم يتمالك نفسه من نشوة " الدروشة " فاعتبر أن بغداد أصبحت مدينة مغضوباً عليها لأن أهلها خالفوا إرادة السماء وعليهم الآن أن يبحثوا عن حل ينقذهم من أمطار لا تبقي ولا تذر.
بالتأكيد أن ما تفوه به المحافظ السابق مضحك جدا، فهو في واد والمواطن في واد آخر، فالمواطن لم يشعر بالرفاهية في زمن صلاح عبد الرزاق، فقد كان صلاح عبد الرزاق مهموما بصولاته على نادي الأدباء وجمعيات المسيحيين وبإنشاء "إمارة دولة القانون ".
دعونا نتساءل؛ لماذا يقوم محافظ بغداد السابق بكل هذا الصخب في هذا الوقت بالذات؟ هل يريد من الناس أن يصدقوه، وهو الذي ساهم بحملة نهب البلاد وتخريب مؤسساته؟ ألا يدرك الملا صلاح أن السياسة تقوم على الثقة والإخلاص وهي صفات يفتقر لها العديد من ساسة اليوم؟!
هذا هو صلاح عبد الرزاق وهذا هو خطابه.. فتأملوا كيف تصنع دولة القانون أبطالها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. د.اثير حداد

    سادوم وعاموره والثالثه بغداد

  2. سعد هاشم

    تحيه طيبه ان الرجل ليس كما وصفته يتمتع بحس الفكاهه وروح الدعابه بل يتمتع ويتميز بالتفاهه والدعاره السياسيه ثم انه بعيد عن خلجات الدروشه لانهامن درجات الصفاءالنفسي والنقاء الفكري وهواقرب مايكون لحالة الروزخونيه التي يجيدها هووطاقم ال؟؟؟؟ والله لقد ابتلينا

  3. حنا السكران

    وانا اقول لماذا صوره البانورامية لازالت تنتشر في اعالي البنايات في بغداد لم اكن اعلم انها تعويذة لحماية بغداد واسم الرجل من 13 حرفا كعدد المسيح واتباعه في عشائهم الاخير وبعدها صلب المسيح وها نحن نغرق لغياب وكيل الله في الارض صلاح عبد الرزاق عن مكتبه صلاحي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram