كنت ذات عيد فطر من العام 1993 في بيت صديقي الراحل شريف الربيعي. وجدته يتابع لقاء مع ابطال ومنتجي مسلسل "نهاية رجل شجاع" على قناة أبو ظبي الفضائية. اللقاء ضم المخرج نجدة انزور وبطل المسلسل أيمن زيدان. اثناء الحوار قرر مقدم البرنامج الاتصال بالروائي السوري حنّا مينا الذي أخذ المسلسل عن روايته كي يشترك بمداخلة. قال المقدم "نحن بانتظار ان ننجح بتأمين اتصال هاتفي مع الروائي الكبير حنا مينا". فجأة جاء صوت "هلو" من بعيد. قال المذيع: من معي. أتى الرد: معاك أنا الروائي الكبير حنّا مينا! برطم شريف وظل يهز بيده وقال لي: من رخصتك ادير التلفزيون تره هاي ما تنحمل.
قبل أيام، وبعد انتهاء فعاليات مهرجان بغداد الدولي للمسرح، خرج كاتب عراقي في برنامج تلفزيوني على قناة "الحرة عراق"، خصص لتغطية فعاليات المهرجان، ليقول: "كلمات النص الذي كتبته لمست شغاف قلوب المشاهدين"! استوقفتني ابتسامته أكثر مما حيرني رضاه عن نفسه لهذه الدرجة. فتشت في صفحات فيسبوك او في غيرها آملا أن أجد من "أصحاب "الشأن" من يرد عليه او ينبهه. لم اجد ذلك بل وجدت الأغرب والأمر.
وجدت من يقول عن نفسه انه "نجم" وآخر لا يطلب غير مهلة قليلة من الناس وانه على ثقة من خلال صفحته سيسقط البرلمان والبرلمانيين ويسترد منهم كل الأموال التي قبضوها ويوزعها على الفقراء. وآخر يبشر أصحابه بانه على وشك ان ينهي كتابة قصة قصيرة او رواية او مسرحية "تشك شك".
لم أجد من برطم مثل شريف بل وجددت اكواما من الذين يمتدحون أنفسهم. هذا يقول له انك عظيم وذاك كأن لسان حاله يقول "فوت بيها وعالزلم خليها" وآخر يؤكد له بأنه آخر بقايا المجد السومري، وهو يمطرهم بـ "like" (اني معجب بمدحكم).
كيف ولماذا صار سلوك امتداح الذات قيمة مقبولة لدى العراقيين؟ حقا لا اعرف الجواب.
بحثت عن السر فلم اخرج بغير بنتيجة واحدة، وهي انني اليوم فقط فهمت ما كانت تعنيه تلك العمارتلية التي اتهموها بالجنون لأنها كانت تجوب الشوارع صارخة: شسويت بعبادك يا ربي؟
شسويت بعبادك يا ربي؟
[post-views]
نشر في: 19 نوفمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ايمن الهاشمي
استاذ هاشم لا استطيع الانتظار اكثر فأنا مؤرق العين مسّهد في انتظار تلك القصة او الرواية او المسرحية التي -تشك شك- هههههههههههه