اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > شحوب ذاكرة طريّة..حسن عبد علوان.. وقائع موت أسطورة شعبية

شحوب ذاكرة طريّة..حسن عبد علوان.. وقائع موت أسطورة شعبية

نشر في: 22 نوفمبر, 2013: 09:01 م

أغرت البيئة الشعبية المحلية تطلعات وتمنيات الفنان التشكيلي الراحل (حسن عبد علوان) فراح يغزل على منوال ثرائها ومعالم أفراحها وامتلاءات مباهجها أحلام وعيه وهي تشير صوب جهات التخيل واللعب الحر في ترجمة أفكاره ورؤاها عبر مفردات أعماله إلى ما يشبه محاولات

أغرت البيئة الشعبية المحلية تطلعات وتمنيات الفنان التشكيلي الراحل (حسن عبد علوان) فراح يغزل على منوال ثرائها ومعالم أفراحها وامتلاءات مباهجها أحلام وعيه وهي تشير صوب جهات التخيل واللعب الحر في ترجمة أفكاره ورؤاها عبر مفردات أعماله إلى ما يشبه محاولات استعادة تلك الحكايا والأساطير الشعبية لما تحمل من عفوية غارقة-هي الأخرى- بتفردات وتمنيات تلك الأحلام الطفولية،منذ الشروع ببدء أولى خطوات السير في ممرات ومسالك تجربته التي تتجه نحو تخوم معرضه الشخصي الأول(نهاية ستينات القرن الماضي) على قاعة المتحف الوطني(كولبنكيان) وتتابع مشاركاته-في ما بعد- داخل وخارج العراق عبر تبني مهارات فهمه (الأكاديمي) بفائض قيمة مكانيات استثمار الخيال في صنع وترجمة أحلامه الحرة والشقية طوال مسيرة تجربة هذا المعلم والفنان الذي نحتفي – هنا اليوم- ونقتفي أثر تركاته الجمالية، بحسها وحدسها المحلي/الشعبي /الأسطوري/ السحري/ واليومي في مجمل طرح رهاناته التشكيلية التي وسمت أعمال(حسن عبد علوان/المولود في محافظة ذي قار-جنوب العراق-في العام /1945،فيما تخرج من معهد الفنون الجميلة ببغداد في العام/1965)بهذا السيل المتدفق من تشابه عوالم ومواضيع وإجراءات تقنية في ترسيم حدود نواتج تلك التجربة منذ بدايات انهماكاته (الشكلية) حتى لحظات اختصاف الموت لروحه بداية تشرين ثاني/2013.
لقد تمسك (حسن عبد علوان) بروح ونفس نواتج ما توصلت إليه مهاراته القصدية في استدراج مباهج البيئة الشعبية العراقية وثراء مفرداتها الحسية الغارقة في نسيج وعي جمالي ميز اسمه عن غيره من أقران عشاق ومحبي توجهات(مدرسة بغداد للفن الحديث) التي أرسى قواعد وحدد مداخل وعيها الراحل الكبير(جواد سليم)وثم من تسنم بعده ناصية السير والاحتفاء بما كانت تحلم وتبغي وتتطلع تلك المدرسة الفنية الراسخة في ضمير ووجدان من يشغله المحيط وكل ما يحيط بالبيئة التي يحيا تفاصيلها الفنان،كما هو الحال مع ما مهد هذا الفنان من مخارج وتدفقات نفسية لعوالم أفراحه الداخلية،التي قد تتعاكس مع ميوله الخارجية،أعني الملموس والمحسوس من تصريحاته وبعض نواحي تصرفاته،المعروفة لمن يتعرف عليه عن قرب، برغم نسق (الشقاوة) اللذيذة والمحببة براعة دعة أحلام يقظته،وفطنة مرحها وتأشيراتها على نحو ما يرتسم ويتضح في وهج عالم لوحته الحر وتداعياتها الأرحب،من خلال تفويض المتخيل والمتصور الخالي-تماما-من أية زوائد أو عيوب من ذلك النوع الذي-عادة-ما يتركها الواقع بفعل تلقائيه مفرطة،كل ما من شأنها هي أن تزيد من واقعية الواقع المعاش بحاصل جمع كل تلك تفاصيله اليومية،بالسعي لتعميد تلك العوالم بزج أفكار ومفردات تسطع وتتلامع بهالات من نور وجودها المضيء على الدوام،وفي أغلب مساحات لوحاته المتسمة بأجواء وشحنات تراتيل وجدانية وتوالي مشاهد ولقطات لحكايا شعبية،سابحة في بحيرات غنج وعفوية غارقة-هي الأخرى- في أتون مماحكات لونية متدفقة بشهية اللحظات التي يترجمها(حسن عبد علوان) بمرح وبروح طفولية ساحرة،تغرس رؤى وتصورات تزيد من درجات ومناسيب هيامنا بها حتى لتجعلنا نتصور حجم ومقدار ما يسكنها من رفيف براءة ورهافة صدق وتوارد أحلام وخواطر تسر الخاطر وهي تحيي نبضات مخلوقات هي مزيج من أخيلة وتوقعات وتمنيات دفاعية تقف بالضد والمواجهة لما يصيب الحياة من قسوة و دمار يومي.
تستعير تطلعات(حسن عبد علوان) من حكايات (ألف ليلة وليلة)وقصص أخرى ما يتقارب مع ضفاف أحلام الطفولة وبريق سعاداتها ومناسك احتفالاتها السخية،بنزعاتها البريئة واستجاباتها الفطرية الخالصة من وزن ذلك الإحساس العارم بقيمة إسناد الجمال بعناصرالدعة ولوائح الاطمئنان وفيوضات ما تنوء به لوحات الراحل (علوان) من أنهار من حب/ وأشجار تطير/نساء غافيات-حالمات /طيور/ ديكة/ قباب ومنائر/شناشيل تنمو وتتداخل بتموجات اللون وغبطة أفراح أبطال هذه الأساطير الذاهلة بنزوع موجودات مكملاتها الحيوية والنابضة في بنيان خطاباتها الجمالية على هذا القدر من التماهي والإصرار على تبني لغة الاعتناء والاهتمام،بل الإيغال على ما يمكن أن نسميه بـ(الرسم السياحي) من خلال الاعتماد على كل ما يضفي من مساحات ولمسات تسعى لإغراء العين بالإعجاب العام والدفع بالحنين الطاغي لمسلمات الماضي ،كما لو أن (حسن عبد علوان) كان يؤمن ويردد عبارة (أوسكار ويلد) القائلة :
(أجمل ما في الماضي...أنه مضى) ليعيد معادلة لا تأبه كثيرا بإفساح المجال والسماح للمشاهد بتعزيز لغة المشاركة الفعلية والتأويل والتحاكي الحي الذي من شأنه أن يغذي من بلاغة الحوار وسعة التأمل وتلمسات عمق أعماق انشغالات لونية بارعة وقادرة على تحريك الساكن والراكد في مسالك ما كانت تصبو إليه تجارب كثيرة سبقت وتلت تجربة (حسن عبد علوان)في عموم منجزات التشكيل في العراق،لكن ذلك لا يعني-إطلاقا- إغفال قيمة الأثر وصراحة التأثير الذي تركته تجربته العراقية الصرفة،رغم ثراء تطلعاته وزياراته لبلدان أوروبية وأفريقية،لكنها لم تثن من عزيمة (الشاطر حسن) من اعتماد الظفر الخاص في بناء وحداته وتخيلاته،التي كان قد بدأها بزهو وحضور أكيد في مراتع عمله المبكر في مجال رسوم الأطفال وصدق انتمائه لملاك دار ثقافة الأطفال (مجلتي والمزمار) لقرب وتجاور ما كاد أو كان يجمع ما بين عالمين مدهشين... عالم الطفولة .... وعالم الأسطورة المرهون بسعة التمرد على الواقع المحض مقابل الانتصار لصالح الخيال، الذي من أجله تسأل أحد كتاب أمريكا اللاتينية من الروائيين الأفذاذ،نعني (ماركيز) حين صرح قائلا باستغراب وثبات؛"قل لي ... ما الذي لا يستطيع أن يفعله الخيال ؟!!".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الرافدين يطلق رواتب المشمولين ضمن شبكة الحماية الاجتماعية

بالوثيقة.. التعليم توضح بشأن توسعة مقاعد الدراسات العليا

العدل تعمل على خطة تجعل من النزلاء يكملون دراستهم الجامعية

ارتفاع بمبيعات الحوالات الخارجية في مزاد المركزي العراقي

رسمياً.. أيمن حسين يوقع على كشوفات الخور القطري

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

باليت 42 بدايات عام جديد

السُّخرية السريالية ودلالة الأيقون في أعمال الفنان مؤيد محسن

المصرف الزراعي في السنك: بزوغ الحداثة المعمارية العراقية

عمارة تلد مسابقة!

دار هديب الحاج حمود.. السكن رمزاً للانتماء

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram