بعد مفاوضات مضنية، كادت ان تنهار عند الكثير من مفاصلها بسبب تعنت الطرفين وعنادهما وسعي كل منهما للحصول على تنازل من الطرف الآخر، توصلت إيران والدول الكبرى فجر أمس الأحد، إلى اتفاق مبدئي بشأن برنامج طهران النووي، سيكون مرحلياً ويستمر لستة أشهر، ويتيح للغرب التحقق من سلمية برنامج إيران النووي، ويسمح في المقابل برفع جزئي على الأقل للعقوبات الأممية والغربية، التي يرزح تحت وطأتها الاقتصاد الإيراني منذ سنوات، ويبدو أن الدول الغربية استجابت لطلب إيران، بالاعتراف الصريح بحقها في تخصيب اليورانيوم، وهو شرط كان منع الطرفين من الاتفاق خلال العشر سنوات الماضية، رغم الضغوط والعقوبات.
لم تتضح بعد تفاصيل الاتفاق، لكن كل واحد من الطرفين سيزعم أنه حقق أهدافه، غير أن المؤكد أن المفاوضات مرت بأزمة نتيجة تشدد طهران حيال الإقرار بحقها في التخصيب، وعدم المساس بمفاعل "أراك"، وتشدد القوى الغربية في تحقيق مطلبها، بأن تُعلق على الأقل الأنشطة في ذلك المفاعل، ما استدعى تقاطر وزراء خارجية أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا إلى جنيف، للمساعدة في التغلب على الخلافات التي تعترض التوصل إلى اتفاق، تريد القوى الكبرى بموجبه أن توقف إيران تخصيب اليورانيوم، بنسبة تتيح لها إنتاج أسلحة نووية، وتمكين مفتشي وكالة الطاقة الذرية من رقابة أوسع على المنشآت النووية.
مؤكد أن كل دول المنطقة ستتأثر بالاتفاق الذي قالت واشنطن إنه يوقف تقدم البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك مفاعل أراك، وقالت طهران إنه يفتح آفاقا جديدة بشأن ذلك البرنامج، فالسعودية كانت حذرت بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي، إذا فشلت الدول الغربية في كبح برنامج إيران النووي الطموح، وألمحت إلى أنها قد تجد نفسها ومعها الدول الخليجية في حُمّى سباق تسلح نووي، بعد شعورها بالإحباط من تعامل الغرب مع القيادة الإيرانية الجديدة، والاندفاع الأميركي الغامض لاحتواء طهران، بينما سيشعر حلفاء طهران العراقيون بالراحة، وهم يؤكدون صواب قرارهم بالتحالف مع جيرانهم الإيرانيين.
وعلى صعيد مختلف، وبعد أن وافقت إيران على إخضاع برنامجها النووي لعمليات تفتيش دقيقة، من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يكتشف حزب الله اليوم أن زمناً آخر قيد التشكل الآن، ذلك أن إيران بعد الاتفاق ليست كما كانت قبله، لجهة علاقتها مع المجتمع الدولي، وهو لذلك يحاول إعادة تشكيل لبنان بما يتلاءم مع ضرورات بقائه كممثل للطائفة الشيعية، والمدافع عن حقوقها، لكنه حتى الآن لم يفعل أكثر من التهديد وتوزيع الاتهامات، بينما سيجد النظام السوري نفسه في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي، ابتدأت حتى قبل الاتفاق بتدمير مخزونها من السلاح الكيماوي، ولا يعلم أحد أين ستنتهي، وهل يتم بموجبها إعادة تأهيل نظام الأسد، والمضي بخطط بلورة الهلال الشيعي، الذي كان العاهل الأردني حذر من تشكله قبل سنوات.
إيران حصلت على مبتغاها باعتراف الغرب بها لاعباً إقليمياً رئيسياً، لكن حلفاء طهران الذين اعتمدوا على مشاكستها للغرب سيفقدون الكثير، والذين حذروا دائماً من ملفها النووي سيشعرون بالطمأنينة، إن كان الاتفاق مُلبياً للشروط الغربية، بعدم تجاوز التخصيب نسبة محددة وتحت الرقابة الدائمة، وبما يمنعها من إنتاج سلاح نووي.
أخيرا الغرب يتفق مع إيران
[post-views]
نشر في: 24 نوفمبر, 2013: 09:01 م