في البرازيل ، أم الكرة والمعقل الأساس لفنونها وتجديدها والانبهار بها ، تقدم رئيس أحد الناديين المتباريين قبل بداية إحدى مواجهات الدوري المحلي، وطلب من الحكم إيقاف الفريقين وما أمكن من أعداد الجمهور الهائلة دقيقة واحدة صمتاً وحداداً!
هزّ الحكم رأسه مستجيباً لطلب رئيس النادي ظناً منه أن الأمر يتعلق بوفاة لاعب أو مدرب أو شخصية رياضية أو عامة لها علاقة بأحد الفريقين ، ولم يكن ضيق الوقت يسمح للحكم بأن يسأل أو يستعلم ، لكنه وبعد انتهاء المباراة توجه الى المقصورة الرئيسة للملعب وسأل رئيس النادي عن اسم المتوفى من باب العلم بالشيء ، فما كان من (الرئيس) إلا الرد بالقول : دقيقة الصمت تلك كانت رسالة موجهة إلى شخصك الكريم حتى تراجع نفسك، وحتى تراجع ما اقترفته صفارتك بحق فريقنا خلال الموسم الماضي.. لقد كنت يا صديقي مفرطاً ومتعسفاً في استخدام القانون بحق فريقنا إلى الحد الذي كنت فيه تمنح ركلات الجزاء للفرق التي نلاعبها من دون أي سند قانوني حقيقي!
إن شيئاً مما تتحدث به هذه القصة الكروية في البرازيل ، يحدث في ملاعب العالم ، فقد باتت أخطاء التحكيم وبالاً قاتلاً يطارد كثير من اللاعبين والفرق ، خصوصاً حين يضرب حكم المباراة او مساعداه كل قوانين الكرة بعرض الحائط، ويتم تجاهل النصوص الواضحة لمصلحة الاجتهادات الفوضوية العجيبة ، فيصبح الصالح في نظر الحكم طالحاً ، وتختفي الفروقات بين الأخطاء الفادحة التي تقع على مرأى من الجميع وبين الأداء القانوني الإيجابي الذي يُـكبّله الحكم في غفلة أو عن قصد .
لكن الغريب أن ما يرتكبه حكام كبار في أوروبا ، على سبيل المثال ، يأتي في مباريات متسلسلة وإزاء حالات متكررة، كما حدث في مواجهة فرنسا مع أوكرانيا أخيراً في مباراة الملحق قبل تأهل (الديوك) إلى مونديال 2014 .. رصد ما حدث لبن زيمة مرتين أمام المرمى الأوكراني لم يكن صعباً حتى على المبتدئين في التحكيم ، لكن الحكم ومساعده وقعا في الخطأ الفادح المميت ، ولاذا بعد ذلك بالصمت ، وهو صمت ـ كما نرى ـ لا يشبه صمت الحكمة أو العقل أو التروي ، وإنما ينطلق من الإحساس الداخلي بالكارثة التي أصابت أحد الطرفين المتباريين وجردته من حلم الوصول الى نهائيات كأس العالم!
وفي دورينا المحلي وجدنا في الجولات الأربع الماضية حكاماً يقودون المباريات باجتهاد (استثنائي) لا علاقة له بما ينص عليه القانون .. ولا أشعر بالتردد لأن أقول إنني رأيت بعض الحكام يكيل بمكيلين في المباراة الواحدة..يقع الخطأ مرتين ويعالجه الحكم بقرارين متناقضين!
قانون كرة القدم يشير صراحة ووجوباً إلى أنه لا اجتهاد في موضع النص ..فيما يرد علينا أحد الحكام بعد مباراة أخيرة بالقول : التقدير الشخصي البحت أسلم طريق من وجهة نظري لتمشية المباراة!
وإننا لنتساءل باندهاش : أين تذهب بنود القانون الكروي الرصين، وما مصير العشرات من المحاضرات والدورات والدروس التي تحض على الالتزام بالقانون ، إذا كان الحكم لا يأخذ بها في جزء من الثانية ويطلق العنان لصفارته، وإذا كان الحكم لا يأخذ بركام المواد الصريحة هذه ويتعامل معها على أنها (مرحلة) أوصلته الى إدارة المباريات المهمة أو الجماهيرية ، فلا لزوم للاستعانة بها بعد الآن!
النص في موضع الاجتهاد!
نشر في: 24 نوفمبر, 2013: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)