لم تمض على صدور قرار محكمة (كاس) الدولية في لوزان إلا أيام قليلة بعد انتظار دام 13 شهراً، حتى تضاربت الأنباء الواردة من هنا وهناك عن عدم وجود أرضية مشتركة بين أعضاء كتلة المعترضين تسير عليها خطتهم ما بعد كسبهم الهدف المهم من الشكوى ألا وهو عدم شرعية الانتخابات التي جرت عام 2011 وسوء تعامل اتحاد الكرة الحالي مع اللوائح المعتمدة وقتها وما أحيط من عمل وصفه البعض بـ"المثير للشك" سبق إجراء عملية التصويت لتحشيد أكبر عدد من الموالين للرئيس في حملة واسعة آل ختامها الى تركيبة غير منسجمة تماماً في رؤاها بدلالة تفرّق جمعها بين مستقيل ومعارض ومقاطع !
إن ما يدور في أروقة اتحاد الكرة الآن لا يبشر بخروج كرتنا من مأزق خطير ينتظرها في حال بقي رئيس الاتحاد يفتش عن حلول تجنبه السقوط في ولايته ولا تؤسس لقاعدة إصلاح تضم جميع المتخصصين في شؤون اللعبة وتبعد الطارئين ممن قذفت بهم حمم (التكتل) ليتسنموا مسؤوليات أكبر من قدراتهم المتواضعة في إدارة اللعبة.
وفي الجانب الآخر نستغرب الصمت المطبق والتحرك الخجول لرجل اجتمع رهان المؤيدين والمعارضين على استحقاقه الترشح لقيادة الكرة العراقية منذ أن كان يبعث برسائل قوية من مقره في المهجر ، ففلاح حسن الذي يقف اليوم رئيساً لواحد من أكبر الأندية الجماهيرية في العراق يشعرنا موقفه الصامت ، بل والمرتبك أحياناً بعجزه عن ترسيخ انطباع قوي بأنه رجل المرحلة المقبلة ، وإذا كان المبرر سابقاً بإحجامه عن التصريح في فترة مداولة محكمة (كاس) للقضية حفاظاً على حيثياتها وحرصاً على عدم التقاطع مع محامي كتلة المعترضين ، فما مبرره اليوم بعد صدور القرار النهائي والمُلزم للتطبيق ، لماذا فوّض أمره لغيره في استنباط آليات ناجعة لترجمة قرار (فيفا) واقعياً ، ما دوره وقراءته ورؤوس أقلام مشروع الإصلاح الذي يحمل ملفه وهمّه لأكثر من عقدين من الزمن بعد خروجه القسري مطلع تسعينات القرن الماضي؟
إن شرّ البلية ما يضحك حقاً ، انزعاج نائب رئيس اتحاد الكرة عبد الخالق مسعود لقول الدكتور عبد القادر زينل في أحد البرامج الرياضية لقناة خليجية " إن أولى خطوات تطبيق قرار محكمة (كاس) الدولية التي ألغت انتخابات حزيران 2011 هي تشكيل هيئة مؤقتة لإدارة ملف الانتخابات قبل الشروع بإجرائها " فكان تعليق مسعود " لا يمكن قبول هذا الكلام فان المكتب التنفيذي للاتحاد الحالي هو المكلف حسب قرار المحكمة بإقامة الانتخابات وليس غيره" !! فعاد الدكتور زينل لتذكير نائب رئيس اتحاد الكرة بأنه لابد من تشكيل هيئة مؤقتة تشرف على الانتخابات لان الاتحاد الحالي طرف في القضية التي أسقطت شرعيته فيها وثبتت المحكمة وجود خروقات وإشكاليات تبطل قانونيته وبالتالي كيف يتولى الاتحاد إعادتها وهو لا يمثل الكرة العراقية حسب قرار المحكمة ؟!
هذه المساجلة لا يمكن أن تمر مرور الكرام ، وهي مغالطة كبرى ارتكبها مسعود ويريد الرئيس حمود أيضاً مع تقديرنا لهما تصديقها رسمياً وتفعيلها في لجان يجري العمل على تحضير أعمالها بعيداً عن الهيئة العامة، فالخطأ الكبير الذي وقع به الاثنان إن قرار (كاس) لم يتضمن كلمة "قيام الهيئة التنفيذية بالاشراف على الانتخابات" مثلما ان توصيف الاتحاد العراقي التنظيمي يختلف عن بقية الاتحادات ذات المؤسسة الكبرى ، فالأمر لا يعني تغيير مجلس إدارة الاتحاد فحسب ، ولذلك أكد (فيفا) على كلمة "مؤسسة" في خطابه الى اتحادنا أي يعني منظومة متكاملة تبدأ بالهيئة الإدارية والهيئة العامة والأمانة العامة وبقية اللجان المتفرعة حسب الهيكلية المعمول بها في جميع الاتحادات الأهلية المنضوية إليه والتي تتمتع بآلية احترافية لتمشية الاتحاد ورسم سياسته ، وعليه لابد من مراعاة ذلك اثناء تطبيق القرار.
ونظراً لضبابية قرار (كاس) في عدم امتلاكها صلاحية اصدار أمر مباشر الى (فيفا والاولمبية العراقية) لتشكيل هيئة مؤقتة تدير عملية الانتخابات ، واحترامها أي (كاس) للقرارات الرسمية النافذة في كل دولة ، نقترح أن يأخذ مجلس الشورى المبادرة للبت في كيفية تطبيق إجراءات القرار قبل انتهاء المهلة المحددة في 20 كانون الثاني 2014 لانتخاب مجلس إدارة جديد وفق انتخابات نظيفة بلوائح لا غبار عليها تصادق من هيئة عامة تضم أعضاءً جُدد بزيادة عددية منتقاة لمصلحة اللعبة وليس لأصوات المرشحين.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى ، فهناك قرار في الطريق لحسم شكوى المعترضين على عدم إقامة مؤتمر سنوي للهيئة العامة منذ انتخاب الاتحاد الحالي ما يحتم على الاتحاد التعامل بروحية عالية مع الأصوات المطالبة باجتثاثه ليس لأسباب شخصية ، بل لسياسات كارثية رفعت عنه غطاء الشرعية وأضرّت بسمعة اللعبة خارجياً وجعلت كل متابع غيور يحبس الأنفاس مع كل قرار دولي يهدد أسود الرافدين بالحرمان.
(كاس) تحبس الأنفاس
[post-views]
نشر في: 24 نوفمبر, 2013: 09:01 م