بداأت القصة حين صار السلاح وسيلة لاخافة شعب يريد ان يعيش بسلام وليس لارهاب العدو، وانتهت بالسماح لرجال حماية مسؤول يركب سيارة مظللة ولايعرف احد من يكون بان يلوحوا بالسلاح في وجوه سائقي المركبات المارة ليمر (السيد المسؤول ) باسلوب لايخلو من الاثارة التي ترافق مرور سيارات رجال العصابات في المسلسلات التركية .
هؤلاء لايُسألون عن اسم المسؤول المختبئ خلف الزجاج المظلل ولاتجرؤ سيطرة على ايقافهم رغم انهم غالبا ما يقتحمون الشارع عكس السير فيربكون السائقين ورجال السيطرات معا بينما يجبر المواطن العادي على انتظار دوره في طوابير طويلة امام السيطرات ولايهم ان تأخرعن عمله او لفظ مريضه انفاسه الاخيرة فهو متهم حتى تثبت براءته بمجرد مروره امام السيطرة حتى لو لم يجر تفتيشه، وهو الامر الاكثر حدوثا وكأن الرجال الواقفين في السيطرات قد تدربوا على علم الباراسايكولوجي ويمكنهم ببساطة ان يقرأوا ما يختفي خلف نظرات وملامح السائقين والركاب ليسمحوا لهم بالمرور دون تفتيش، ولانريد ان نذكر اعتمادهم على ما يسمى ب( السونار ) فقد ثبت فشله وفساده ويفترض بهم وضعه جانبا والاعتماد على قدراتهم الغيبية ومدى ثقتهم بالمواطن حين يسألونه "شايل سلاح؟" فيجيب: "لا" فيقولون له: "اطلع"!!
قبل ايام قيل لي ان احد الشوارع المؤدية الى المنطقة الخضراء لم يعد يسمح بمرور احد فيه عدا حملة (الباجات).. قلت في نفسي ان الهوية الصحفية تعتبر باج دخول مادامت مستثناة من نظام الفردي والزوجي بامر من رئيس الوزراء وبالفعل فقد اخرجتها لاسلمها للجندي الواقف في السيطرة حين سأل عن ( الباج ) لكنه اشار لي بالمرور دون ان ينظر اليها.. شعرت بالغبطة اولا لأن ملامحي وربما نبرتي توحي بالثقة والا فلماذا لم يقلب هويتي ويفحصها بدقة خاصة وان هناك العديد ممن يحملون باجات صحفية مزورة حاليا ، لكن فرحتي الذاتية تلاشت حين فكرت في عدد الذين يمرون من امام هذه السيطرات دون تفتيش او تدقيق لمجرد حملهم ( باج ) وكيف اذن بمن يركب سيارة مظللة ويلوح افراد حمايته باجهزة اللاسلكي والمسدسات امام المارة ..
اذن ،هذا هو الاختراق الامني الذي يشير اليه بعض المسؤولين احيانا حين تتعاقب ايام الانفجارات الدامية ..انه لا يعني ان يكون بين افراد السيطرات من هو متواطئ مع الارهاب فقط بل ان يمر الارهابي ذاته احيانا امامهم دون ان يخضع لتفتيش ..يمكننا ان نخرج من هذه المسألة المعقدة بنتيجة واحدة هي ان الارهاب هو الحكومة ذاتها مادام أي مسؤول فيها فوق الشبهات بينما تتلطخ ايدي بعض المسؤولين واعضاء الاحزاب بدم الابرياء ومادام رجال الحكومة من حرس وشرطة يمكن ان يسمحوا لأي شخص ان يخترق سيطراتهم لمجرد حمله (باج ) حتى لو كان وهميا او لانتمائه لجهة حكومية ..
اذا كان المواطن العادي ملزما بالانتظار الطويل حتى يجري تفتيشه فعلى رتل المسؤول ان يخضع ايضا لنفس التفتيش على ان يكون تفتيشا حقيقيا وليس بالاعتماد على ( السونار ) او ( الباراسيكولوجي ) لأن المواطن العادي لايخاطر بحمل سلاح او متفجرات او أي شيء يقوده الى التهلكة بينما يمكن لأي مسؤول ان يحمل ويمرر ما يحلو له ويسهل له اهدافه دون ان يوقفه احد..
قصتنا مستمرة اذن ونهايتها ستبقى مفتوحة مادام السلاح في بلدنا موجه دائما ضد الشعب وليس ضد اعدائه.
عندك باج ؟!
[post-views]
نشر في: 25 نوفمبر, 2013: 09:01 م