TOP

جريدة المدى > غير مصنف > الديموقراطية في أماكن خطرة

الديموقراطية في أماكن خطرة

نشر في: 20 أكتوبر, 2009: 06:39 م

في العالم الفقير، غالباً ما تبدو الانتخابات مصحوبةً بالعنف، أو الحرب الأهلية، أو بما هو أسوأ. و على مدى العامين الماضيين، في أفريقيا لوحدها، عاشت نايجيريا، و زيمبابوي، و كينيا جميعاً اضطراباً واسع الانتشار خلال و بعد انتخابات عامة مباشرةً.
وهذه الاقتراعات لم تتسبب فقط بالقتل و تشويه الضحايا؛ فقد شوَّه العنف في ما يبدو الديموقراطية نفسها أيضاً. وقد جعل ذلك منتقدين، مثل الصين، يوبّخون الغرب على ما تتّسم به الديموقراطية من مسببات متأصلة لإثارة الخلافات بين الناس! و هكذا، فإذا ما أُحرقت أسرتك حتى الموت في كنيسة في كينيا في نوبة تطهير عرقي تعقب انتخابات عامة، مَن سيقول إن الصينيين على خطأ كبيرعندئذٍ؟! إنه سؤال مزعج للأمريكيين و الأوروبيين. و لهذا، فإن كتاب بول كولير Paul Collier الجديد عن الديموقراطية و الصراع في البلدان الفقيرة يأتي في وقته. وكما كانت الحال في كتابه الأسبق، (البليون الأدنىThe Bottom Billion)، الذي صدر في عام 2007 و ابتكر فيه عبارته لوصف السكان الأشد فقراً في العالم، يتحدى المؤلف قدراً من التفكير الغربي الكسول بشأن المسار الذي ينبغي أن تسلكه البلدان الفقيرة لتحسين حالها. وكولير اقتصادي أكاديمي، و يخصص بحثاً كمياً معتبراً للديموقراطية و الحكومة في البلدان التي يتأمل أوضاعها. و يستخدم فريقه من الباحثين معطياتٍ من المسوح الميدانية الأسرية، و نتائج الانتخابات و ما شابه لإعطاء مادة إحصاية إلى بعض التوكيدات العريضة على الموضوع. وأحياناً تعيد النتائج ما هو معروف، لكنها في الغالب تكون جديدة و مثيرة. والأكثر أهميةً، أنه يبيِّن من دون لبس ما ظل مراقبو الانتخابات في البلدان الفقيرة يشكّون فيه طويلاً: أن الانتخابات، ما لم تُجر في سياق من الديموقراطية الوظيفية functioning، يمكن أن تؤخّر تقدم البلد بدلاً من أن تدفع به إلى أمام. و كما يكتب عن ذلك قائلا، " إذا كانت الديموقراطية تعني أكثر بقليل من أنها انتخابات، فهي تضر بعملية الإصلاح ". و نايجيريا حالة في هذا الإطار. فثروتها النفطية الهائلة، التي ينبغي استخدامها للمساعدة في تطور البلد، تجعل السياسيين متلهفين بوجهٍ خاص للإمساك بالسلطة. و هم يستخدمون في ذلك أقذر الوسائل على الإطلاق لفعل هذا، وهكذا تُصبح الانتخابات أكثر قليلاً من قطع الطرق المنظّم. و تُصبح الطرق العنيفة التي يستخدمها السياسيون أسلوب فترتهم في المنصب أو السلطة، و يكون النظام الساسي بكامله فاسداً. ويلاحظ كولير أن الانتخابات تبدأ بدفع العائدات للمجتمع فقط عندما تحصل في نظام من الضوابط و التوازنات، مع دور وظيفي للقانون: " فمع الانتخابات و الاصلاح، تمثل الديموقراطية قوةً من أجل الخير طالما كانت أكثر من واجهة ". تلك الفكرة وحدها ينبغي أن تجعل المتبرعين donors الغربيين و المسؤولين الأمريكيين يتوقفون طويلاً قبل التصدق بملايين أكثر من الدولارات لدعم ما يُدعى بالانتخابات الديموقراطية في الكونغو، نايجيريا، أو ربما السودان هذا العام. كما يحلل المؤلف العوامل الأخرى التي تعمل ضد الأداء الناجح للديموقراطية و التي تتسبب في العنف في البلدان الفقيرة. من ذلك التشغيل المتدني وهرمون التيستوستيرون لدى الشباب. والتطور الاقتصادي هو "علاج أساسي للعنف " كما يؤكد؛ وأنت قد لا تكون قادراً على انتزاع ذلك الهرمون من شباب سفّاحين أو قطّاع طرق، لكن خلق وظائف شغل يعطيهم شيئاً يقومون به بدلاً من رفع السكاكين في وجوه المارة.و كما يبيّن بحثه، فإن التطور السريع ربما هو المحدد الأهم للمحافظة على السلم. فالمساعدة وحدها لا تحقق هذا، بل هو التشجيع على وجود قطّاع خاص مزدهر. وبالمثل، فإن خلق هوية قومية يساعد في الارتفاع على سياسة التشاحن العرقي عن طريق إقناع الناس بأن لا يصوّتوا بشكلٍ أعمى للحزب الذي ينتمي لجماعتهم العرقية، كما حدث في كينيا في نهاية عام 2007. و يمعن كولير النظر في مثال تانزانيا، حيث نجح جوليوس نيريري، أول رئيس للبلاد، في إنشاء حس قوي بالانتماء للأمة. والنتيجة هي سلم طويل الحضور نسبياً، بالرغم من الاختلافات التاريخية التي ما زالت سائدةً بين البر الرئيس وجزيرة زنجبار. وتُعد رواندا البلد الآخر الذي يصمم فيه رئيس الدولة، بول كاغيم، على استئصال الهوية العرقية لصالح هوية قومية أعظم. لكن في حالة رواندا، هل تُعد هذه بالضرورة فكرة طيبة؟ لم تكن حقيقة التنازع العرقي وحدها وراء إبادة عام 1994 الجماعية، و إنما بالأحرى إيديولوجيا " قوة الهوتو Hutu Power " التي روَّجت لها جماعة عرقية ضد أخرى، التوتسي. و حقوق الإنسان و حريات التعبير الأساسية تعاني جميعاً في اندفاع السيد كاغيم الشمولي لإنهاء التماثل الذاتي العرقي. لكن هل هناك ثمن يُدفع لقاء هذا الانحدار الإضافي؟ ويكرّس كولير القسم الأخير من كتابه لحلول قليلة ذات حجم مبالغ به لبعض المشكلات التي يتحدث عنها. و هو هنا أقل إقناعاً. و تصل هذه إلى شكل من أشكال التدخلية الليبرالية أكثر عدائيةً، مع كل الخسائر الاعتيادية. فهو من أنصار نوع من الالتزامات العسكرية التي مكَّنت بريطانيا، مثلاً، من إعادة السلم إلى

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram