TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أويلاااااااخ

أويلاااااااخ

نشر في: 26 نوفمبر, 2013: 09:01 م

مطلع الأسبوع الحالي عثر عمال تنظيف على جثة شاب بدت عليها آثار ثلاث طلقات في الراس في مكب للنفايات يقع شمالي بغداد ، وتبين في ما بعد ان الشاب من أهالي قرية اليوسفية، جاء الى منزل خطيبته ابنة خاله الواقع في منطقة الشعلة ، وأثناء عودته تعرض للاختطاف، ثم سجل ضمن أعداد ضحايا القتل على الهوية .
المغدور كان يعمل حمالاً في علوة شعبية وبواسطة دراجته النارية اعتاد على حمل ما يحصل عليه من خضراوات وفواكه الى أهله وأقاربه ، وقبل "المطرة الأخيرة " قاده حظه العاثر، او ربما الاشتياق لرؤية الخطيبة، للتوجه الى منزلها ، ولم يكن يعلم بان الموت سيكون بانتظاره لينهي مأساة روميو وجوليت بمشهد عراقي اخر بعنوان "سنيو وشيعويت" فالشاب سُنّي وخطيبته شيعية ، وكانا قد حددا موعد زواجهما بعد انتهاء شهر محرم وبالتحديد في "فرحة الزهرة ".
المأساة العراقية بشكلها البشع المتمثل بالقتل على الهوية ، وعلى الرغم من اعلان الجهات الأمنية الرسمية نفيها تسجيل حوادث تندرج ضمن هذا النوع من القتل ، حصلت في مناطق متفرقة من العاصمة فسجلت في حي العامل والبياع والدورة ، وتكفي لافتات التعزية للإشارة الى مقتل المرحوم بحادث غدر جبان ، وكذلك ما يردده الأهالي حول عودة الظاهرة ، وتقديم نصائح يومية للأبناء لاتقاء شر القتلة ، بالعودة الى المنازل مع زملائهم ، والتأكد من عمل هواتفهم لتامين الاتصال والرد على استفسار الأمهات والآباء .
السُنّي مستهدف وكذلك الشيعي من جماعات تجد في فتح صفحة جديدة من الاحتقان الطائفي البيئة المناسبة لنشاطها ، وما يثيره من رعب بين الأهالي يعادل رعب الخوف من الزلازل والكوارث الطبيعية الاخرى ، ومشهد الأم عندما تفشل في الحصول على رد ابنها على اتصالها الهاتفي قد ينقلها الى غرفة العناية المركزة في اقرب مستشفى، ان لم تتعرض الى جلطة مفاجئة بسبب خلو البطارية من الشحن. في كل دول العالم هل يوجد هذا النوع من الخوف ؟ وهل عرفت نساء الكرة الأرضية أحزان وآلام ومصايب العراقيات؟ وأم الشاب المغدور الذي عثر على جثته في مكب النفايات فقدت النطق اثر اطلاق صرخة سمعها أهالي المحمودية عندما تلقت نبا مقتل ابنها بحادث غدر جبان.
خلال تشييع المرحوم وفي ذروة موجة الغضب ابدى أبناء عمومته استعدادهم لحمل السلاح وملاحقة القتلة. وبعد مرور ساعات استسلم الجميع لقدر مشاهدة تفاصيل أخرى من المأساة العراقية وهي تكشف بالدليل الملموس اتساع نشاط القتلة منفذي حوادث الغدر الجبانة ، بحسب لافتات التأبين السود ، وسط عجز واضح عن ملاحقتهم سواء من قبل الأجهزة الأمنية او بتنفيذ وثائق الشرف المذيلة بتوقيع كبار الساسة والمسؤولين ممن يتجاهلون مخاطر استمرار عرض مسرحية" سنيو وشيعويت"، بمعنى اخر السُنّي يقتل الشيعي وبالعكس على خشبة مكب النفايات بمصاحبة اطلاق صرخة "اويلاخ" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram