TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > أيّ عيب بالنسبة لهم.. عيب..!مجلس الوزراء يجعل من مظفر النواب لافتة انتخابية..!؟

أيّ عيب بالنسبة لهم.. عيب..!مجلس الوزراء يجعل من مظفر النواب لافتة انتخابية..!؟

نشر في: 26 نوفمبر, 2013: 09:01 م

في أحوال مثل التي تحيط بنا، تفقد السلطة الجائرة توازنها، وهي تقترب من استحقاقٍ يذكّرها بأن استمرارها محكومٌ بشروط خارج الإرادة والرغبات في إدامة مغانمها وامتيازاتها وتسلطها. هذا إن كانت قد احتفظت أصلاً  ببعضٍ  من هذا التوازن الذي يتطلبه مقا

في أحوال مثل التي تحيط بنا، تفقد السلطة الجائرة توازنها، وهي تقترب من استحقاقٍ يذكّرها بأن استمرارها محكومٌ بشروط خارج الإرادة والرغبات في إدامة مغانمها وامتيازاتها وتسلطها. هذا إن كانت قد احتفظت أصلاً  ببعضٍ  من هذا التوازن الذي يتطلبه مقام الحاكم وبروتوكولاته.
وليس خافياً على النخبة الثقافية على الاقل، ما يعانيه المئات من القامات الثقافية العراقية التي كرست حياتها وابداعها لخدمة قضية الوطن والمواطنين طوال عقود، وأصابها خلال هذه المسيرة، ما أصابها من عسف وسجونٍ ومعاناة وتشرّدٍ في المنافي البعيدة. وكان الامل الذي راودنا جميعاً ان يأتي يوم نحتفي فيه بقاماتهم، مثلما نعيد الاعتبار للذين جرى التجاوز على حقوقهم، وامتهنت كراماتهم، واستبيحت حقوقهم، بسبب الانتماء السياسي او العقائدي، او لمجرد الانكفاء ورفض الانخراط في التهليل والتكبير للمستبد والطاغية، والتسبيح بحمده.
من لا يعرف مظفر النواب؟ ومن لا يتذكر محمد سعيد الصكار؟ ومن لم يسمع لفؤاد سالم؟
أكاد اجزم ان هؤلاء أعلامٌ في ضمير كل وطني عراقي شريف. وانا اسميهم دون غيرهم من القامات الإبداعية، وهي بالعشرات إن لم اقل المئات، بسبب ما يعانون من حالة مرضية، جعلتهم يلتزمون فراش القهر، كما يدارون حساسيتهم الوطنية بالصمت المكابر.
ولم يكن غريباً، او خارج قيم وأخلاقيات مخاتير الحكم الراهن، تجاهل مصائر هؤلاء الأفذاذ في مواقعهم، كما مجايليهم الكثر من الكتاب والشعراء والفنانين في كل حقول الفنون والإبداع والخلق الجميل، بل النشاز ان يجري الانحراف عن هذا السلوك من قبل البعض منهم. لأن أحداً منهم، لا يستحي وهو يبدي الاشمئزاز من كل نتاج او ممارسة إبداعية، في كل حقلٍ من حقول الفن، ويحاول بين آونة وأخرى، ان يُظهر مدى كراهيته لبيئة الثقافة والفن، ويستحث قواته الأمنية، او عصاباته، او ميليشياته، للحجر على أي مرفقٍ ثقافي او فني، وتدمير محتوياته وإهانة رواده. وليس لـ"الحملات الإيمانية" شُغلٌ او مشَغلةٌ سوى تدبير مثل هذه المكائد والاستباحات، لإفراغ العراق وعاصمته من اي مظهرٍ يُبيحُ للجمال الابداعي وللخلق الفني، اشاعة اجواء الفرح والمتعة والغنى الروحي، بعد ان هدّها القحط، والإرهاب المنفلت، وسوء الأحوال والفاقة، وبؤس الحياة اليومية.
وقد كوفئ المتسببون بكل هذا التجني، بولايتين، اصبح السواد فيهما راية الحاكم، كنذيرٍ للآتي من الأيام، لمن لم يتعظ، وصار الحال من بعضه، فلا فرق بين مبدعٍ شامخٍ او مناضلٍ جسورٍ، وطبّالٍ في جوقة الهتّافين "بالروح بالدم.. " من أرباب السوابق في عهود الدكتاتوريات السالفة، بل صار هؤلاء أصحاب السلطة والجاه، ومخاتير المثقفين والصحفيين والكتاب، وأطفأوا الأمل في عيون من ظل يتمسك بأذيال الأمل والرجاء. وقد زوّر الحاكم لكل واحد منهم شهادة "كفاءة ثقافية وفنية وصحفية" مثلما فعل لأنصاره وذويه.
وفي لحظة فارقة ينتبه المالكي وفريقه "البخّار" إلى وجود مظفر النواب.
يا لها من لحظة ثمينة، إذ الانتخابات التشريعية تقف على الأبواب، والعراك بين الأمراء وأرباب السلطة والمتزاحمين على عتبات مكاتبهم على اشده. فسارع الكتبة من حوله الى الإيعاز بالالتفات الى طلب الشاعر الكبير باحتساب سنوات الفصل السياسي، والاحالة على التقاعد، وهو طلب ظل يتنقل من مكتب "أمي" إلى صاحب شهادة مزورة، إلى متنفذ بامتياز في النظام السابق وحزبه، ويدخل في حالة سبات، ويُعاملُ بإهمالٍ وقصدية حاقدة عليه، ومن خلاله على الثقافة والمثقفين، حتى ان وزير التربية خضير الخزاعي الذي رقّاه الله، فمنحه بقدرته وما كان يخطط له، كما يقول ويدعي، جاهاً اعلى ومكانة تتناسب وإنجازاته في حقل التربية والتعليم وبناء المدارس ومعاهد العلم، طلب بكل بساطة حضور مظفر النواب والمباشرة بالدوام في احدى المدارس، ليتاح له دراسة الملف وطلب احتساب الخدمة والنظر في امر الإحالة على التقاعد..!
قبل أيام، اصدر مجلس الوزراء العتيد، بتوصية من أبي احمد، قراراً باحتساب سنوات الفصل السياسي للشاعر مظفر النواب..!
قرارٌ منصف. وقد التزمت بان أقول الحق، كلما بدا من حكومة المالكي إنجاز يستحق التقييم والاشادة. ولكي لا تبدو هذه الإشادة من باب السخرية، اود الاشارة الى ان هذا القرار اذا ما تُرجم الى التطبيق، واستطاع مكتب رئيس مجلس الوزراء انجازه والاستفادة منه قبل حلول موعد الاقتراع، فان النَّواب سيقبض ما يساوي ألفاً وبضعة مئات من الدولارات في الشهر.
وللمفارقة، اشير الى ان مظفر طريح الفراش، ومتابعة علاجه تستنزف هذا المبلغ، اذا افترضنا التقاعد الأعلى.
والشيء بالشيء يُذكر، فان مظفر النواب لم يبق طوال هذه السنوات بلا تكريم يتناسب مع قامته الإبداعية والإنسانية، فقد اصدر رئيس إقليم كردستان مرسوماً خاصاً بإحالته على التقاعد بدرجة وزير..!
ليس هذا جوهر الموضوع، لأن العشرات من هذه المواقف والقرارات صدرت من الإقليم، بحق كتاب وشعراء ومبدعين عراقيين.. المفارقة، ان رئيس الإقليم وهو يُصدر مرسومه، تمنّى ان لا يُنشر او يعلن بأي شكل، خشية من تفسيره، كما لو انه باب من ابواب الدعاية والمزايدة..!
اترك الباقي لمن له قدرٌ من الحساسية الانسانية والوطنية..
وأُذكر بان محمد سعيد الصكار يعيش نقاهة سريرية في مستشفى فرنسي برعاية ابنته وولده، ومرشحٌ لأكثر من سبب، للانتقال إلى دار المسنين..!
اما الفنان الرائع فؤاد سالم فله الله، الذي يقدر حال رعاياه ممن نفث فيهم طاقة الإبداع والخلق. ويعرف الحالة التي هو فيها كل من يديم المتابعة في مواقع التواصل الاجتماعي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. ابو سجاد

    كيف تطلب من هؤلاء الاقزام ان يكرموا تلك القامات الذي رفعت راس العراق والعراقيين الى السماء وكيف تطلب من مقصر ان يشيد بانجازات المبدعين ومن مزورين وسارقين ومنافقين وجهله ان يشهودا بالحق للشرفاء والمناضلين والوطنيين فلهم نكسة الراس ولنا ولهؤلاء المبدعين رفع

  2. أبو همس الأسدي

    لم يكن موقفهم من تلك القامات الوطنية تجاهلا مقصودا وحسب؟؟ بل ( كما تفضلت )حقا ناجم عن إهمال وقصدية حاقدة تعكس الشعور بالنقص أمام وطنية وكفاءات تلك الهامات ؟؟؟ أما الرايات السود فلا تغير من الذاكرة الزيتونية شيئا ؟ إلا النهاية البائسة المحتومة

  3. د محمد معارج

    لقد سكبت ملحا على الجرح العميق قي مقالتكم وتكاد تدمى قلوبنا من هذا الوقع المرير الذي يذكرنا بسياسات التبعيث المقيته ،فلا حق يؤخذ الا في الحالات النادرة بدون ان يترافق مع الهتافات والتطبيلات الرنانة والولاء للحزب (القائد ) او لمرادفاته واما المناضلين وذوي

  4. اياد المحنة

    كيف تطلبوا من جاهل ان يكرم قامات العراق الابداعية

  5. شخبوط العراقي

    اكاد انفجر ضحكا حين ارى طبالين السلطان يحاولون التقرب من الشخصيات الثقافية تشعر بشئ من عدم التناسق

  6. الفنان عبود الحركاني

    انا عبود الحركاني ارفض التقاعد من سلطة الجهل و الأمية و الحرامية ، اما كل ما قدمته من اجل الوطن و الناس و مهما يكون التعويض لا يساوي يوم واحد من معاناتي ل خمسة عقود ً،وانا سعيد ، لكوني لا أساوم في المبدوء ،،تحياتي ،،،،،

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram