في مقابل الموجة العالية من الكراهية بين المصريين للإخوان المسلمين والتشفّي بهم والشعور بالراحة لانهيار حكمهم، ترتفع موجة مماثلة من التهليل لوزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي وتقدير دوره في إنهاء حكم الإخوان بسرعة البرق.. لا أظن أنني أبالغ إذ أقارن شعبيته بشعبية جمال عبد الناصر في ستينيات القرن الماضي.
هو المنقذ والمخلص.. على هذا يتفق المثقفون وعامة الناس. حتى الذين يعارضون فكرة ترشحه لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المقرر إجراؤها العام المقبل، لا يترددون في التعبير عن الشعور بالعرفان والامتنان له. ومعارضتهم تنطلق من الخشية من عودة مصر الى حكم العسكر الذي يرون انه حال دون نشوء دولة مدنية ديمقراطية قوية في بلادهم
معارضو السيسي لا يقتصرون على الإخوان الذين غطّوا الكثير من الجدران بشعارات تعكس كراهية ومقتاً شديدين له، مثل (قاتلcc ) و(خائنcc )، فهناك مجموعات، يصفها البعض بانها من اليسار المتطرف، تناهض الاخوان والعسكر والفلول (انصار نظام مبارك) سواء بسواء. وهذه المجموعات احتلت مشهد المظاهرات التي جرت اثناء وجودنا – وفد النقابة الوطنية للصحفيين الذي حضر المؤتمر التأسيسي لاتحاد الإعلاميين الافريقي الآسيوي- مساء 18 الشهر الجاري ونهار اليوم التالي، احياء لذكرى شهداء شارع محمد محمود (2011).
هذه المجموعات اتخذت من اشارة الثلاثة أصابع شعاراً لها (ضد الاخوان والعسكر والفلول)، في مقابل اشارة الأربعة اصابع الاخوانية واشارة الإصبعين (V) شعار مؤيدي الفريق السيسي واحداث 30 يونيو (حزيران) – 3 يوليو (تموز).
في ميدان التحرير كان الجميع هناك، حتى الاخوان. وباستثناء بعض المشادات الكلامية والمطاردات غير العنفية كان هناك تعايش نسبي بين الفرق الثلاث.. الجميل ان قوات الجيش والشرطة التي كانت موجودة عند تخوم الميدان لم تُثر حفيظتها الشعارات المنددة بالعسكر والسيسي.. كان الجنود ودودين للغاية مع الجميع.. من الواضح انهم كانوا بالفعل موجودين هناك لحماية المتظاهرين، أياً كانوا، وليس لقمعهم ومنعهم من التظاهر، كما يحدث لدينا هنا في بغداد وسائر المدن العراقية.
المتظاهرون في ميدان التحرير وسواه لم ينزلوا إلى الشارع ويحملوا لافتاتهم ويغنوا أناشيدهم بناء على ترخيص من أحد.. كل جماعة في إمكانها ان تتظاهر في اي مكان وفي كل زمان وان تهتف بما تريد. العساكر المصريون لم يظهر عليهم أي شعور بالخوف والكراهية حيال المتظاهرين، ولا حيال كاميرات التصوير التي حملها المصورون الصحفيون والمتظاهرون أيضا، فلم يُقدم أي عسكري على منع التصوير أو تكسير الكاميرات وضرب حامليها، كما فعل عساكرنا في ساحة التحرير وغيرها مرات عديدة، بأوامر من جنرالاتهم وقائدهم العام، بل ان العساكر المصريين لم يمانعوا في تصويرهم مع عرباتهم المصفحة عندما سألتهم احدى زميلاتنا ذلك.. انه انعكاس للشعور بالثقة، وللشعور بالانتماء الى شعبهم، بخلاف عساكرنا الذين لا يعطوننا الا الانطباع بانهم موجهون للتسلط علينا والتعسف في حقنا، وان ولاءهم هو في الاول والاخير للحاكم وليس للوطن والشعب.
(غداً .. بقية أخرى)
مصر الجديدة.. (2)
[post-views]
نشر في: 26 نوفمبر, 2013: 09:01 م