بالعنوان نفسه كنت قد تناولت في هذا المكان التجربة الادائية للفنان بشير الماجد من خلال بطولته باكورة اعمال المخرج المثابر محمد الدراجي "احلام".. عندما قدم دورا تجاوز فيه نفسه وخبرته في هذا المجال وكنت قد امني النفس فيما كتبت ان يبقى الماجد مخلصا لهذا الجنس الابداعي المهم في الصنعة الفيلمية، وهو ما لم يفعله، الماجد للأسف عندما انصرف الى الاخراج مرة والانتاج اخرى مستفيدا من بريق نجاحه كممثل ولم يستطع ان يقدم بعد ذلك ما يوازي ما قدمه في "احلام" وان كان تحت ادارة المخرج نفسه.
اقول ذلك وانا بصدد الثناء على اداء الممثل سمر قحطان بمتابعة وان لم تكن شاملة في المسرح والسينما.
اذا ما سلمنا للفرضية التاريخية التي تقول ان الممثل هو الذي صنع المخرج، فاننا مع تجربة "سمر قحطان" امام حالة اخرى، تتعلق في كون هذا الممثل في تجربته السينمائية قد عمل تحت ادارة اثنين من المخرجين، يشار الى انهما يتمتعان بامتياز الخطوة الاولى للفيلم العراقي بعد عام 2003، وهما عدي رشيد ومحمد الدراجي.
فهو مع الاول وفي فيلم "غير صالح للعرض" امتلك تجربة جريئة للتعاطي مع جو السينما، ومع الثاني مكرسا هذه التجربة كممثل سيكون له شأن في السينما على وجه التحديد.
اقول للسينما ذلك انها ساحة اخرى تمنح الممثل اداؤه الخاص، واذا كانت لقحطان تجربة مميزة في المسرح، فقد برهن على انه ممثل لا يستهان به بشروط الصنعة السينمائية ايضا.
في فيلم محمد الدراجي "تحت رمال بابل" –الذي ستكون لنا وقفة خاصة معه- تجلت بشكل واضح المهارة الادائية لقحطان في التعاطي مع كاميرا مخرج سينمائي، والذي ساعد في ذلك طبيعة الشخصية التي اداها ورسمها المخرج بدوره بإتقان واضح. فهو هنا مبدع بكامل صفات المبدع التي حددها "كليفورت" فهو يؤدي بهذا الفيلم شخصية ملتبس موقفها ازاء الحدث، فهو جندي منسحب بعد اندحار كتيبته في الحرب، وفي الطريق يلقى القبض عليه باعتباره مشاركا في الانتفاضة التي عمت البلد في التوقيت نفسه، ويتعرض لصنوف الاهانة والتعذيب.
اللافت في هذه الشخصية ان سوء الفهم في القاء القبض عليها والتعذيب الذي مورس ضدها لم يثنها عن الصراخ بصوت عال ان لا علاقة لها من قريب او بعيد بهذه الانتفاضة، حتى وهي تعيش الجور والقسوة التي عومل بها رفاقها بالسجن، فهي تحتفظ بشعور كونها ضحية سوء فهم ليس الا.
سمر قحطان هنا عاش هذا التناقض المدمر بشخصية البطل، انطلاقا من الحساسية المفرطة للممثل المبدع –وليس اي ممثل- في ادراك مكامن الخلل في الشخصية، الضعف، القوة، التنقض الحاد في السلوك الشخصي.. والتي تتيح له –اي هذه الحساسية- استبطان دواخل الشخصية المجسدة وانسجامها مع الحدث، وهنا فقط تضيء الشخصية وينضج الاحساس بها سواء للمثل نفسه ام للمتلقي.
طبيعة هذه الشخصية كما اسلفت منحت سمر قحطان مساحة واسعة لاستعراض مهاراته الادارية، وكان للمخرج لا شك دور واضح في ذلك، فعبء الحدث الاساس كان واقعا على كاهل هذه الشخصية، وهي مغامرة خاطر بها الدراجي وكان سمر قحطان رهانها.
في الثناء على سمر قحطان
[post-views]
نشر في: 27 نوفمبر, 2013: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...