اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المرأة في العراق معاناة دائمة في مجتمع غير منصف

المرأة في العراق معاناة دائمة في مجتمع غير منصف

نشر في: 27 نوفمبر, 2013: 09:01 م

بالكاد كانت تحاول أن تدفع العربة المحملة (ببراميل النفط ) في ساعات الصباح الباكر والساعة تقارب السادسة والنصف ، محاولة  الوصول إلى محطة وقود البياع من أجل أن تأخذ حصة عائلتها من النفط   المقررة شهرياً من قبل الحكومة ،حسب  الب

بالكاد كانت تحاول أن تدفع العربة المحملة (ببراميل النفط ) في ساعات الصباح الباكر والساعة تقارب السادسة والنصف ، محاولة  الوصول إلى محطة وقود البياع من أجل أن تأخذ حصة عائلتها من النفط   المقررة شهرياً من قبل الحكومة ،حسب  البطاقة  الوقودية ، وإلا ماكانت  المرأة الخمسينية التي رأيناها عبر نافذة السيارة التي تقلنا إلى عملنا  تحضر باكرا ، منظرها كان مؤلما جدا وعباءتها السوداء تغير لونها جراء الوحل  الذي  لصق بها من  الشارع .
معاناة النساء مستمرة
معاناة المرأة  تستمر حين نراها وهي واقفة في طوابير طويلة للحصول على الوقود ( النفط الأبيض والغاز ) لتوفير الدفء، وطهي الطعام لأولادها تحت هطول الأمطار والبرد الشديد  منظر يفطر القلب  حين نشاهدها وهي تحمل على رأسها أو تدحرج قنينة الغاز ، أو تدفع عربة لبعض من حاويات النفط الأبيض التي وقفت ساعات طويلة تنتظر دورها للحصول على مبتغاها.
منظر المرأة كان دافعا لمعرفة العديد من القصص والروايات التي تعبر عن مدى تحملها لمآسي وويلات جعلت العراقية مميزة من بين نساء العالم  ،إذ تتحلى بالصبر والتضحية  متحديه كلام الناس .
تروي أم بلسم البالغة من العمر العقد الرابع   تعمل في صنع المعجنات  قصتها  فتقول :فقدت زوجي أثناء الاقتتال الطائفي وتركني معيلة لأربعة أطفال لا نملك دارا ولا تقاعدا، كان يعمل سائق سيارة أجرة فقدناها معه ولا نعلم أين اختفت ! تحملت كلام الناس الذي لا يرحم ،ولكني بقيت مصممة على ان أعيش بكرامة  وأن لا أجعل أطفالي يعملون في الشوارع ،ساعدتني شقيقتي بشراء الطحين وبقية الاحتياجات لعمل المعجنات وقامت احدى الجارات بمساعدتي بإخبار من يرغب المعجنات بان (أم بلسم مضبوطة بصنعها) ، كنت لا أنام إلا ساعات قليلة ،وأنا حريصة على يكمل أولادي دراستهم ،وسهرت  الليالي من أجل عمل طلبية إضافية  من المعجنات تجعلني أحصل  على مبلغ يوفر احتياجات وطلبات المدارس ،فهم أربعة وجميعهم طلاب ،إخوتي يساعدونني بدفع إيجار البيت البالغ 300 ألف دينار شهرياً.
إنسانة من الدرجة الثانية
بينما الموطفة أم زينة أرملة قالت :فقدت زوجي إبان الحرب العراقية الإيرانية عام 1984 وتحملت كل شيء من اجل ان اجعل أولادي قدوة للآخرين من العوائل .ابني الكبير الآن يبلغ من العمر 25 عاما مهندس وابنتي معلمة ابتدائي ، كنت اعمل في مهنة الخياطة إضافة لوظيفتي وقامت الموظفات بمساعدتي بأن أقوم بخياطة الملابس لهن ، و قد أصبح عندي زبائن كثيرات رغم إنني فقدت الكثير من صحتي ولم أكن أهتم لشي ء في حياتي ،رغم ان مجتمعنا  ينظر للمرأة  بأنها  إنسان من الدرجة الثانية ويكون  الرجل دائما متقدما عليها في كل شيء ، وكأم وزوجة تبدأ معاناتها منذ اللحظات الأولى عندما تحمل بطفلها ومعاناتها آلام الولادة فهي تستحق التقدير والاحترام لكن في العراق حقوق المرأة مسلوبة بكل معنى هذه الكلمة .
جندرية المجتمع
كانت المرأة العراقية ولا تزال صانعة السلام وتحاول أن تنشر مبادئ السلم والسلام , ولكن مع الأسف لم يأت من ينصف هذه المرأة ويجعلها في المقدمة إنما همشت صورتها و صار دورها ثانويا في كافة المجالات، فمن المسؤول يا ترى أن تكون المرأة دائما مهمشة ولا تأخذ أبسط حقوقها في مختلف المجالات ولماذا ؟هل هو خوف من نجاح المرأة أم هو تميز جندري بحسب جنسها و يرجع لطبيعة نظرة المجتمع الذكورية التي تعطي الحقوق للرجل وتنسى المرأة دائما .
أنواع التعنيف الجسدي
وأشارت المحامية نيران علي قائلة : يتخذ العنف ضد المرأة شكلا جسديا من خلال الضرب والركل وكل أنواع التعنيف الجسدي الذي يصيب المرأة في الأسرة أو من خلال الاغتصاب والتحرش  بالمرأة  ، كما قد يتخذ شكلا نفسيا من خلال القهر والقمع، والإهانات اللفظية القبيحة، والمنع من الحياة الطبيعية بكل مستوياتها الإنسانية ،كالتعليم والعمل والمشاركة والحضور المجتمعي والإنساني وحالات الزواج المبكر الذي اصبح -مع الأسف -تجارة لبعض العوائل بتزويج بناتهن مقابل مبالغ مالية معينة، أو حتى شراء سيارة حديثة للأب أو الأخ .

 تعيش في رعب
وأكدت الدكتورة بلقيس حازم باحثة اجتماعية في محكمة الكرخ  قائلة : العراقية يتملكها الشعور بالخوف والهلع مما يحدث من عنف ، خطف وقتل والتعرض للتفجيرات سواء خارج أو داخل المنزل والتي قد تودي بحياة العديد من الناس الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، إنها مثال رائع لكل نساء العالم ، وبحكم عملنا في المحاكم تأتينا الأرملة التي تبحث عن حقوق أولادها القاصرين ومحاربة عائلة الزوج وإخوته الذين لا يفكرون بحاجة الأطفال إلى المال من اجل العيش بكرامة ،فكم من حاله يأتي أعمامهم ويقفون بالمحاكم من اجل الحصول على الوصاية وهم يحصلون عليها بعد طعن الأم الحاضنة بأمور معينة (طعنها بالشرف )من اجل إسقاط وصايتها عن أموال أولادها ! حكايات تجعل المرء يقف مذهولا مما تتعرض له المرأة من انتهاك حقوق وهي تصبر متمسكة بأولادها من اجل ان يبقوا تحت نظرها وحتى النساء الصغار السن اللواتي يتزوجن دون موافقتهن أو حتى ان كان الأمر براضهن نجدهن ضحايا شباب ورجال غير قادرين على تحمل المسؤولية ويصبحن مطلقات  مع وقف التنفيذ ، أي لا يقبل الزوج تطليقها إلا بعد تنازلها عن كافة حقوقها الزوجية وعائلتها ترفض ذلك فتكون  هي والحال هذا غير مطلقة وغير متزوجة ، ومثل هكذا قضايا أصبحت تنتعش بها المحاكم المدنية العراقية .
فقدت زوجها أمام عينيها
بينما علقت كوثر محمد وهي أرملة وتعيل أولادها وأولاد زوجها الذي فقد زوجته في انفجار شارع فلسطين وتحمل تربية ولده الصغير ليتزوج من كوثر الذي أنجبت له طفلين  ،وقد استشهد زوجها في انفجار منطقة الصدرية وهي تعمل مدرسة :
إن معاناة المرأة وقلقها في ظروف العراق تجعلها تبقى في حيرة من أمرها في  كيفية تربية الأولاد وماذا سوف تطعمهم إضافة إلى ان كل ذلك  يتجسد حين رؤيتها لزوجها وأولادها وهم يقتلون في مرأى من عينيها فكم من أم ثكلى ذرفت دموعها دما تقطر على أبنائها وهي ترى دماءهم تنزف أمام ناظريها بلا ذنب اقترفوه وبمختلف أساليب القتل والبطش، وكم من امرأة فقدت زوجها المعيل الوحيد لأسرتها   من أجل أن توفر لهم الحياة الكريمة التي تتمنى أن يعيش بها أبناؤها

أجمل ماوصفت به
وقد وصفت المرأة العراقية عبر مراحل التاريخ المختلفة بانها كانت ولا تزال معيار نهضة المجتمع وتقدمه ،فمنذ عام 1924 بدأت تفكر بتأسيس منظمة نسويه في بغداد وكان لها دور  مميز ولكن بنفس الوقت عانت هذه المرأة من ويلات الحروب والأزمات الصعبة .
تعالوا لنتعرف معاً على المرأة العراقية ومعاناتها منذ عام 1980 إلى هذه اللحظة.. فقد عانت في الحرب العراقية الإيرانية فقدان الزوج والابن والأخ والأب وعانت الأمرّين في  تربية الأطفال والعمل المضني ولم تلن لحظة واحدة بل استمرت وخطت مسيرتها بخطى ثابتة.
المناضلة المقاتلة
المرأة العراقية هي المناضلة المقاتلة وهي الأم والأخت   وصاحبة الأهازيج الثورية التحريضية .. وهي الفلاحة التي حرثت أرض الفراتين وسقتها دما قبل الماء وزرعتها وردا فأثمرت خيرا.. إنَّها راعية الأغنام والأنعام وهي راعية البيت وربَّـته وهي الفارسة المغوارة مالكة الحديقة والحقل والبستان والدفتر و البيدر ،وهي في المدينة التاجرة وصاحبة الأعمال ومقاولات البناء والإعمار، وهي الاقتصادية الماهرة الباهرة إنجازا.
العراقية ليست قاصرة أو جاهلة أو فاقدة الأهلية بل هي الشاعرة والمربية والمهندسة والطبيبة والرائدة في مجال السياسة ،إنها عشتار العراق إنها الخالدة على مر العصور .
القانون والكوتا
إن منح المرأة هذه الكوتا في الدستور هو استثناءً لها لتمكينها من الاشتراك في الحياة السياسية والتشريعية وليس ميزة لها تمتاز بها على الرجل ، وبسبب ان واقع حال المرأة بشكل عام في المجتمع العراقي يستدعي اتباع سياسة التمكين للمرأة وضع هذا الاستثناء بعكس واقع حال المرأة بشكل عام في المجتمعات الأوروبية مثلا التي لا يتطلب اتباع سياسة تمكين معينة مثل وضع الكوتا الانتخابية للمرأة في دساتير تلك الدول.من هذا المنطلق فإن هذا الاستثناء الذي يرد على واقع حال المرأة في المجتمع العراقي لا يعني بالضرورة عدم وجود نساء متمكنات لا يحتجن هذا الاستثناء (الكوتا) بل قد يكون البعض منهن يستنكفن من التمتع بهذا الاستثناء ويعتبِرنَه انتقاصاً من كرامتهنّ أو شخصيتهنّ كشريكٍ مساوٍ للرجل ويؤمِنَّ بقدراتهن التنافسية الانتخابية مع الرجل ،وحصل فعلا في معظم التجارب الانتخابية السابقة ان فازت بعض النساء بقوتهن السياسية الانتخابية ولم يكنَّ بحاجة للكوتا بل على العكس حرمن بفوزهن بالكوتا نساءً أخريات من التمتع باستثناء الكوتا الذي منحه الدستور لهن، وبهذا فان القانون الانتخابي موضوع البحث خرق الدستور في المادة 15 منه (لكل فردٍ الحق في الحياة والأمن والحرية ....)

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram