معظم العراقيين لا يثقون بالوعود الحكومية، وهناك استطلاعات للرأي ودراسات ميدانية لجهات مستقلة أثبتت هذه الحقيقة ، لكنها لم تأخذ طريقها للنشر ، وظل تداولها في نطاق محدود، شرائح واسعة من المجتمع لطالما تجاهلت تصريحات المسؤولين المعلنة لاعتقادها بانها لغرض الاستهلاك الإعلامي ، او لتحقيق مكاسب لجهة معينة ، ومطلع العام الحالي اعلن مجلس الوزراء قراره القاضي بمنح جميع الفقراء قطع أراضٍ سكنية مساحة الواحدة 150 مترا مربعا ستوزع في بغداد والمحافظات على شكل دفعات ، طبقا لضوابط سيتم الإعلان عنها لاحقا ، لمنع حالات الاحتيال والالتفاف على القانون باعتماد آليات لحصر أعداد الفقراء لشمولهم بقرار مجلس الوزراء بالرجوع الى بيانات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، ووزارات أخرى ، وكذلك من يتسلم مساعدات من الدولة.
أعداد كبيرة من العراقيين يسكنون في العشوائيات ، وفي ظروف معيشية صعبة ، اغلبهم لا يمتلك الدخل الثابت ، وهؤلاء في عداد المنسيين ، يعانون انعدام الخدمات وانتشار الأمراض ولكنهم يحتلون الواجهة في مواسم الدعاية الانتخابية ، وسبق لمنظمات دولية ان التقت بتلك الأسر، ووثقت معاناتها بأشرطة مصورة أخذت طريقها الى وسائل الإعلام ، وبعض المسؤولين شكك بتلك التقارير، وقال ان هذا الوضع من المستحيل ان يكون في العراق ، وماعرض من مشاهد مجرد حالات صورت في مدن أفريقية ، مازالت تعيش في مرحلة العصور الحجرية ، وليس في انقاض معسكر الرشيد ، وأحياء أخرى تقع بالقرب من منطقة معامل الطابوق في اطراف الرصافة من العاصمة بغداد .
الخشية من حصول احتيال والتفاف على القانون ، وارد جدا ، والجهات المعنية هي الوحيدة القادرة على منع حصول تلك الحالات ، وحرصها في تنفيذ القرار غير خاضع للتأجيل ، انطلاقا من إعلان رئيس الحكومة سعيه على توفير اكثر من مليوني قطعة ارض سكنية لمن يستحقها لكي يشهد العراق وخلال مدة زمنية قصيرة القضاء نهائيا على أزمة السكن .
أمانة بغداد هي الأخرى تمتلك البيانات الدقيقة عن أعداد الساكنين في العشوائيات والمتجاوزين على أراضي الدولة ، ولطالما أعلنت تعطيل تنفيذ مشاريعها ، وعزت الأسباب الى ضعف الاجراءات الحكومية في حل هذه المشكلة ، فضلا عن استخدام مشكلة المتجاوزين ورقة سياسية من قبل بعض القوى ، وبدورها طالبت الأمانة بشمول المتجاوزين بقرار مجلس الوزراء لكي تباشر بتنفيذ مشاريعها المعطلة .
"مكرمة الحكومة " تواجه مشكلة الاحتيال ، وعندما يعلن نهائيا القضاء على الفساد المالي والإداري ، سيصل المسؤول الى العشوائيات ليسلم سكانها سندات تمليك الأراضي ، وحينذاك سيلمس العراقي ولأول مرة في حياته اهتمام المسؤولين به ، ولكن تحقيق هذه الخطوة بحاجة اليوم الى إجراءات عملية على الأرض ، لكي تستعيد الحكومة ثقة من يشكك بوعودها في القضاء نهائيا على أزمة السكن بإنجاز ثوري جبار ستتغنى به الأجيال على مدى التاريخ .
مكرمة الحكومة
[post-views]
نشر في: 30 نوفمبر, 2013: 09:01 م