الاقتراع النيابي المقبل بالاجمال، نزال بين فريقين اساسيين، رغم كل النزالات والمواجهات "الجانبية" الاخرى التي لم يحن وقت بعضها او لم تكتمل شروطه وظروفه بعد، او انه مرشح لتسوية لاحقة تبعا للاستقرار السياسي العام.
النزال الاساسي في العراق هذه اللحظة، ليس مواجهة بين الاسلاميين والعلمانيين، لان كلا الفريقين ضحية لحاكم تنقصه الحكمة، وهو في سوء ادارته وارتجاله، لا اسلامي ولا علماني.
والنزال الاساسي في العراق هذه اللحظة، ليس بين سُنة وشيعة، لان الفريقين ايضا ضحية لاخطاء الحاكم الحالي، وهي ليست اخطاء شيعية ولا سُنية.
وبنفس المعيار فان النزال ليس بين عرب واكراد. وهكذا فان اللحظة الراهنة من منظور تصميم المسار القادم، تتراجع فيها الخلافات الاسلامية العلمانية، والسُنية الشيعية، والعربية الكردية، (دون ان تختفي بالطبع) لان الصفيح الساخن للحماقات السياسية كفيل بتحميص جلود الجميع وتبديد مصالح الكل، ولذلك تبلورت لدينا جبهة متنوعة من كل تلك الفئات تقريبا، تريد الالتصاق بالمالكي كعنوان للهيمنة وفرض الامر الواقع. وفي هذه الجبهة سنة وشيعة، علمانيون واسلاميون، بلا فرق.
كما نضجت جبهة مقابلة فيها كل الخلطة الايديولوجية والمذهبية، تعتقد ان استبعاد مافيا المالكي من السلطة، هي أولوية ٢٠١٤، التي تتطلب تحييد باقي الخلافات وتأجيلها.
والتأجيل هنا لا يعني نسيان الخلاف، بقدر ما يعني ضرورة ان يجري اولاً توفير مناخ التسوية المناسب الذي هو غير متاح اليوم، لطرح الخلاف وادارته بتدبير وعقلانية. كما ان تأجيل الخلافات لا يعني توحدا اعمى وغير ناضج، ضد شخص، بل بلورة لاطار النزالات الاساسية في محيط رقعة الشطرنج العراقية منذ نهاية ٢٠١١ حتى اقتراع نيسان المقبل.
والنزال الاساسي الذي يتطلب تركيزا طيلة الشهور الاربعة المقبلة، هو مواجهة طرفها الاول فريق يعتقد ان المالكي ليس قدرا سحريا للعراق، وان تداول السلطة وتغيير الوجوه، سبيل وحيد لتفتيت مافيا العائلة وحفنة العسكر التي تفسد اخطر القضايا في البلاد اليوم، وان حل المشاكل الاساسية لا يقوم على شراء الذمم، بل يحتاج مسار اصلاح شامل واعتراف بأن القواعد لابد ان تكتب من جديد بعد ان قامت مافيا المالكي بمحوها وإلغائها.
وطرف المواجهة الاخر هو المحيط بالمافيا المالكية وأذيالها، وهو يرى ان المشاكل يمكن تهدئتها عبر منح الانبار مصفى وبضعة مليارات، والتلويح للاكراد ببعض المكاسب، ومحاصرة من تبقى من الشيعة، والحصول على اغلبية ذليلة تابعة لمافيا المالكي، تهدأ في معلف المكاسب، وتتعايش مع قضاء غير مستقل، وهيئات دولة مجيرة للحاكم وفريقه، وسياسات متخبطة في الداخل والخارج، لا تليق بالعراق ولا بواقعه المأساوي. وينتمي لهذا الفريق سعدون الدليمي السُني بقدر انتماء حسن السنيد الشيعي.
الفريق الذي يمتلك خطة اصلاح للقضاء والجيش وملف حقوق الانسان، يدري ان أية صفقة مع مافيا المالكي، لا قيمة لها، لان المافيا بطبيعتها لا تؤمن بالتسوية وادارة التوازن وعقلنة الصراع، بل تكسب الوقت وتتحين الفرص للهيمنة المطلقة، ولا تعرف خطا احمر ولا قواعد فروسية، وهي مستعدة لاحراق كل شيء في سبيل بسط سيطرة متفردة. ان فلسفة الحكم لدى المافيا لا تتقبل اصلاح المؤسسة، لانها تتبنى حكم الفرد الذي يتبعه الاخرون صاغرين. والمافيا لا تقبل الانصات لشريك، ولا الاعتراف بتعدد ولامركزية. كما تحب من يمتلك الجرأة الاسرع في ملاعبة الأسنّة واستخدام البنادق، حتى لو كان الثمن حريقا كبيرا، او غرقا عميما، او فضيحة مجلجلة او صخرة يراد لها ان تسد عيون الشجعان والجبناء، العقلاء والسفهاء، في آن واحد.
ان المطلوب حتى الانتخابات الوشيكة، ان نقدم التحليل الأوفى لهذا النزال، كي لا تسد "صخرة عبعوب" علينا الافق وتسحبنا نحو كمّ فارغ من النزاعات، لن يستفيد منها سوى المحيطون بمافيا العائلة والعسكر.
النزال الأساسي حتى الاقتراع
[post-views]
نشر في: 30 نوفمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 1
المرتجي
نتمتى ان تكون اﻻنتخابات القادمة المحطة اﻻخيرة للتغير ومحاربة المفسدين.