TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المالكي ومعطف يقطر المطر والافتراء

المالكي ومعطف يقطر المطر والافتراء

نشر في: 2 ديسمبر, 2013: 09:01 م

 عصبي جدا بوجه متغضن ناتئ الملامح والهستيريا تتولى تطيير الشرر من عينيه، حتى يخيل للرائي ان زعيم ائتلاف دولة "اللاقانون" يتحسس سلاحه ويوشك على خوض غمار حربه الأخيرة. انه يخاطب الحشود في البصرة متوسلا ان لا ينصتوا لغيره، بعد ان اصبح صوت خصومه اعلى من صوته، وحجتهم اقوى وأدلتهم ابلغ. كان المالكي حزينا لان الحشود لم تكن ترى رئيس حكومة، بل كانت ترى متورطا في السياسة معزولا في نادي الساسة، تقطر الأوحال والأمطار من معطفه الأسود، كما تقطر الدماء وصراخ المساكين من قراراته الناقصة الحكمة، وإدارته المخفقة التي تلاحقها الفضائح. كان المالكي متأكدا ان كل الأناقة "البييركاردانية" لم تكن لتخفي سوءة الحكم العاجز. ولم يجد ما يفعل سوى ان يتوسل الجمهور بأن ينتبهوا فقط الى انه ليس الفاشل الوحيد، بل ان الآخرين شركاؤه في الفشل. ترى اي عجز دفعه الى كل هذا الإفلاس الخطابي، وأي إحباط؟
ولعمري فكيف يدعو السلطان المنزوع الشرعية، الجمهور الى تصديق ان الصدر وبارزاني والنجيفي، كانوا شركاءه في الفشل، حين ابرم عقود طاقة فاشلة، وحين اصدر أوامر عسكرية فاشلة، وحين قام بتخريب تسويات الأمن والسياسة بصحبة ضباطه، وحين هرب ألف مجرم من أبي غريبه، وحين حول شريحة واسعة من المجتمع، الى طرف يعادي الدولة، بعد ان كانت طرفا يقلم أظافر القاعدة؟ كيف شاركوك الفشل وهم ينصحونك وأنت تصم أذنيك بحجارة اكبر من صخرة معالي السيد عبعوب؟
ايها السلطان المعزول في نادي السلاطين: كيف كانوا شركاءك في الفشل حين استبدلت الفاشل تلو الفاشل، في أمانة بغداد، وأرسلت الخائب تلو الخائب، في مهمات إقليمية أحاطتنا بالعزلة، وأنفقت المليار تلو المليار دونما استعانة بخبير او حكيم. كيف شاركوك الفشل وأنت تحيط نفسك بفريق عديم الأهلية، من خواص أصحابك، لا يحسنون مخاطبة جمهور، ولا تهدئة لوعة، ولا تسوية امر جليل او حقير؟ هل هناك محاصصة داخل مكتبك، وبين ناقصي الحكمة الموسوسين في أذنيك وصانعي اخطر المقالب التي انقلبت عليك؟ كان المالكي في البصرة عصبيا، لأنه لم يجد معركة مشروعة جديدة يشغل بها الجمهور. عن اي معركة خائبة سيحدث الحشد؟ حاول ان يقوم بتذكيرهم انه ينتمي الى قبيلة بني مالك، وراح ينشد بصوت يكسره الارتباك: "وهل ولدت النساء مثل مالك؟". اي عجز دفعه للجوء الى مضارب القبيلة؟ السلطان العاجز لم يجرؤ ان يعيد الى ذاكرة الجمهور صولته المبتورة مع "قوات دجلة" جنوب كركوك، او أحكام الإعدام الخمسة اللامجدية على نائب رئيس الجمهورية المتهم طارق الهاشمي. لم يجرؤ ان يصف نفسه بالبطولة او يستذكر خيباته في انتهاكات اعتصام الحويجة، ولم ينجح في تكرار الاعتراف بأنه محاط برجال يكذبون عليه، ليس آخرهم الشهرستاني الذي يقطر معطفه نفطاً وهستيريا وأحلاما اكبر من مقاساته. لكن المالكي راح يردد كذب مستشاريه ويتحدث عن "خطر الميليشيات" المتوهمة، ويهدد بصولة جديدة على أوهامه.
السلطان مخذول من جمهور لم يسامحه وعاقبه بقسوة في اقتراع مجالس المحافظات، وهو قلق حد الهستيريا المنفلتة، من مواجهة عقوبة اكبر في صباح نيساني نصف غائم، يقترع خلاله الناس على رئيس الوزراء الجديد.
لهجته كانت تشعر بخذلان الجمهور، الذي لم يصفق للمالكي بما يكفي. جمهور راح ينصت طوال السنتين الماضيتين، الى صوت خصومه حين بات اعلى من صوته، وحجتهم يوم أصبحت اقوى، وأدلتهم ساعة صارت ابلغ. السلطان عصبي لأنه رأى طلائع التغيير القادم.
كلما رأيتم المالكي عصبيا، حاولوا ان تتذكروا ذلك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 8

  1. زين العابدين

    تحياتي استاذ سرمد....تأكد ان المالكي وقائمته سوف يحصدون الاغلبية رغم كل هذا الفشل والقهر والاذلال والاجرام والفساد...سيفوز ليس لانه الاجدر بل لانه يمتلك مفاتيح السلطة...القوة-المال- الاعلام....واللعب على اوتار الطائفية...سيفوز لان الناخبين ومع الاسف اكثري

  2. سامي بشير

    الاخ سرمد: وددت ان اذكرك بانك نفسك ستترحم على ايام المالكي الذي اشبعته انت وغيرك نقدا لدوافع معروفة عندما ستشهد مدى اللاحكمة والفساد والعنف في فترة حكم الشخص القادم الينا... شكرا لك

  3. احمد العبيدي

    السلام عليكم ، كلمات معبرة وقول في الصميم ، ولكن ليس في عراقنا اليوم او غدا يغير هذا الواقع المرير . وكل من يجادل ويقول ان المالكي سارق وغيره نزيه، فان الحقيقة هي حجب اشعة اللشمس بغربال .وكل من ياتي الى سدة الحكم سيكون محاطا بالمنافقين ، لان النفاق والتلو

  4. ضياء العراقي

    أحسنت الوصف والقرأة بوركت

  5. ابو سجاد

    لقد بان على مختار العصر الانكسار والياس ليس بهذا اللقاء البائس وانما في انتخابات مجالس المحافظات عندما اتحدى التيار مع المجلس نتمنى ان يبقى هذا الاتحاد متحدا وهناك امل ببروز اتحاد يظم القوى الديقراطية والوطنية متمثلة بالحزب الشيوعي وحزب الامة وحزب الشعب و

  6. ابو سجاد

    لقد بان على مختار العصر الانكسار والياس ليس بهذا اللقاء البائس وانما في انتخابات مجالس المحافظات عندما اتحدى التيار مع المجلس نتمنى ان يبقى هذا الاتحاد متحدا وهناك امل ببروز اتحاد يظم القوى الديقراطية والوطنية متمثلة بالحزب الشيوعي وحزب الامة وحزب الشعب و

  7. سامر البالبي

    ان المالكي اصبح حجر عثرة امام تطوير واستمرار العملة الساسياسة ,واشاعة الديمقراطية كما انه اهمل التطوير الاقتصادي ورفع المستوى المعيشي حفظ الامن وسلامة المواطن وينبغي وصول سياسة جدد منتخبين متمكنين من ادارة الدولة

  8. سامر الدفار

    مقال جميل يا أخ سرمد, ولكن كم من العراقيين الناقمين على الوضع الحالي سيذهب ليصوت في الانتخابات القادمة ليغير هذا الوضع البائس؟ أرجو من أصحاب الاقلام الحرة أمثالك الحالمة بعراق ديمقراطي حر أن توعي المواطن في الايام القادمة ولحين اجراء الانتخابات بضرورة الذ

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram